خاص // وكالة الصحافة اليمنية //
كشف محافظ المهرة السابق في حكومة هادي “محمد عبد الله كدة ” عن أسباب اعتقاله في السعودية وعزلة عن منصب المحافظ وعن معلومات خطيرة فضحت السياسة السعودية ومساعيها في السيطرة على المهرة.
كما تحدث “كدة” في حوار مع “الموقع بوست” عن منع السعودية لعشرات الوزراء والقيادات التابعة لحكومة “هادي” من السفر إلى عدن او إلى أي محافظة جنوبية وعن عدم امتلاك قيادات الشرعية القرار في كل مايدور في الجنوب.
نص الحوار.
* وكيف وجدت تفاعل الرئيس هادي بعد حجزك في السعودية ؟
**أولا أود أن أوضح بعض القضايا، فعندما بدأت الاعتصامات في المهرة ومطالبة المعتصمين للقوات السعودية بالرحيل، تواصل بي الرئيس هادي وطلب مني التواصل مع المعتصمين، وأخبرته بأنهم ليسوا من صنع يدي ولا فكرتي، وأن ذلك حراك شعبي شامل يعترض على ممارسات موجودة، وخرج الناس يعبرون عن رأيهم ومطالبهم، ولولا هذا الحراك الشعبي كان من الممكن أن يتحول الناس في المهرة نحو العنف المسلح مثلا، ثم كلف الرئيس هادي اللواء قحطان -مدير الأمن حينها- بالتواصل مع الجميع في المهرة، وتم الاتفاق على النقاط الست المعروفة، ووقع عليها جميع الأطراف.
ومرت أيام على ذلك الاتفاق ولم يتم الالتزام به من قبل الجانب السعودي، فعادت الاعتصامات من جديد وفقا للمحضر الموقع بين الجانبين والذي نص على تعليق الاعتصام لتنفيذ الاتفاق، ما لم فستعود الاعتصامات.
وعندما ذهبتُ للسعودية بناء على دعوة الرئيس كان هناك تقريبا وشاية عني من محافظ المهرة الحالي راجح باكريت بأني من يقف خلف الحراك الشعبي المناوئ للسعودية في المهرة، وأن كل الشخصيات التي تقود الاعتصام ليست سوى واجهة فقط، وأن الأمر كله بيدي أنا، حتى وإن كنتُ غير متواجد في المهرة.
جلستُ مع الرئيس هادي، وأبلغته بأهمية إرسال لجنة محايدة للمهرة، ثم يطلع على التقرير الذي سترفعه، ويتخاطب مع الجانب السعودي حول المهرة بناء على ما سيتضمنه التقرير من شرح للوضع في المحافظة، ورد الرئيس على طلبي بأنه سيكلف مكتبه بتنسيق موعد لي مع رئيس الإستخبارات السعودية، وعليَّ أن أخبرهم بنفس الكلام الذي طرحته عليه فيما يتعلق بالوضع في المهرة.
بعد ثلاثة أيام استددعاني رئيس اللجنة الخاصة محمد عبيد القحطاني لاجتماع معه، وجلسنا سويا لمناقشة الوضع في المهرة بناء على المقترح الذي طرحه الرئيس هادي، وفي بداية اللقاء سألني القحطاني عن الوضع في المهرة، وأخبرته بأن الأوضاع هناك لا بأس، فقاطعني القحطاني بالقول: “ليش لا بأس، وما فيش هناك لا بأس، والسبب أنت”.
وعندما سألته: لماذا أنا السبب؟ رد بالقول إني من أدير الجماعة (المعتصمين) وإنهم ليسوا سوى واجهة، وقال بأني أسب السعودية، وأسب راجح باكريت (محافظ المحافظة الحالي)، وأخرج قرص “سي دي”، وقال بأنه يحتوي على تسجيلات لي وأنا أسب السعودية والمحافظ في عدة مدن، في مدينة عدن، وفي مأرب، وفي الرياض، وفي مسقط، وفي الغيضة بالمهرة.
كان ردي عليه بأني لا أسب السعودية ولا غيرها، ولكني أنتقد، فأنا ابن البلد، وأعرف أوضاع المحافظة، وما يجري فيها، وتقدمت منذ البداية بالنصح للجميع، بما فيهم قيادة التحالف الذين وصلوا المهرة أول مرة، وأبلغتهم حينها بنصيحة مجانية بأن أهل المهرة طيبون لكنهم يحتاجون من يتعامل معهم بالطيب واللين والاحترام على الأقل.
وأوضحت بعض النقاط لرئيس الاستخبارات السعودية، على سبيل المثال التعامل مع القبائل وتجنيدها، وأنا اعتبر هذا الأمر فتنة، ولا تستطيع القبيلة أن تقوم بدور الدولة، وغدا القبائل ممكن أن تتقاتل مع بعضها، بسبب الحساسية بينها الناتجة عن ممارستها لأعمال أمنية هي من صميم مهمة الحكومة، واقترحتُ عليهم منذ البداية أن يكون التجنيد عبر المؤسسات الرسمية سواء الجيش أو الأمن، بحيث يمثل الجميع الدولة ويعملون باسمها.
والجانب الثاني الذي تحدثتُ به معه هو حاجة المهرة للخدمات العامة وتنمية المحافظة، وإذا كان للسعودية مصلحة من التواجد في المهرة، فنحن كأبناء المهرة لدينا مصلحة أيضا، لكن نحن نريد منهم أن يدخلوا للمحافظة من أبوابها الصحيحة والرئيسية.
* إذن، كيف جاء قرار منعك من السفر؟
** بعد الحديث مع رئيس الاستخبارات السعودية، مرت ثلاثة أشهر، وشعرت حينها بالإهمال لي، وذهبتُ للمطار بغرض السفر من السعودية، وهناك سألني الموظف فيما إذا كنتُ أعرف أني ممنوع من السفر، فرديت عليه: “لا”، ثم سألني إن كان أحد أبلغني من قبل بهذا المنع، وقلتُ له: “لا”، فقال بأن لديهم أوامر بمنعي من السفر، وطلب مني كتابة ورقة بأنه لم يتم إبلاغي من قبل بقرار منعي من السفر، والتوقيع عليها، وفعلتُ ذلك، وطلبوا مني العودة من المطار لتعذر سفري بسبب قرار المنع.
تواصلتُ بعدها مع المسؤولين في الدولة، ومنهم نائب رئيس الجمهورية علي محسن الأحمر، وأبلغته بقرار منعي من السفر، وقال لي بأنه هو الآخر متفاجئ من هذا القرار، وعرض عليّ استقدام أولادي إلى السعودية بدلا من السفر منها، لكني رفضت الأمر، وأخبرته بأني لن أجلس موقوفا داخل السعودية، وطلبتُ منه موقفا واضحا هو والأخ الرئيس، خاصة بعد تعذر الوصول للرئيس بسبب عدم الرد من قبل الموظفين في مكتبه، ووعدني النائب بعمل حل، ومرت عدة أيام دون فائدة، ثم وجهتُ رسائل للمعنيين في مكتب الرئيس، ولكن دون رد أيضا.
في الأخير تواصل معي الأخوة في المهرة، ورفضت تدخلهم وإقحام المحافظة وأبنائها في موضوع يخصني أنا شخصيا، ويكفي ما تعيشه المهرة من مشاكل، وانقطع التواصل معهم، فقاموا بالاحتجاجات التي تطالب بالسماح لي بالسفر، وأصدروا عدة بيانات، وبدؤوا في التحرك الميداني لقطع تحركات التحالف داخل المهرة كورقة ضغط على السعودية لرفع قيود منع السفر.
وبعد ذلك بأيام أبلغتُ من قبل نجل الرئيس هادي بأن الجانب السعودي رفع قيود منع السفر، وإذا أرغب بالسفر فلا يوجد أي مانع، ثم تواصل معي مدير مكتب الرئيس وطلب مني سرعة السفر إلى المهرة بتوجيه من الرئيس هادي بسبب التصعيد الذي كان حاصلا في المهرة تضامنا معي، فسافرت ووصلت المهرة والتقيت بأبنائها، وشكرتهم على ذلك، وطالبت بتطبيع الأوضاع فيها.
* بماذا تفسر هذه الطريقة من التعامل معك من قبل الجانب السعودي؟
** ما فهمته من هذا الأمر هو أن السعوديين لا يريدون أحدا ينتقدهم، أو ينتقد الشخص الذي عينوه محافظا للمهرة، لأنه أصلا يعمل وفق أجندتهم، وأنا -كما سبق الحديث- نصحتهم بالتعامل الصحيح مع المهرة وأبنائها، فمحافظة المهرة سلمية ومسالمة وبعيدة عن الحرب الجارية منذ اليوم الأول لاندلاعها في اليمن، وطرحتُ أنا هذا الكلام منذ كنتُ محافظا للمهرة، لكن يبدو أنهم وصلوا لقناعة بأنهم لن يستطيعوا العمل وفق أجندتهم في ظل بقائي محافظا للمحافظة، وبالتالي سعوا لإقالتي، والإتيان بشخص آخر ينفذ لهم ما يريدون.
* هل ترى أن ما فعلته السعودية معك هو ذاته ما تفعله ربما مع مسؤولين آخرين في الحكومة الشرعية بما في ذلك الرئيس هادي؟
** ربما، فهناك وزراء ممنوعون من السفر إلى عدن على سبيل المثال منذ بداية الحرب وحتى اليوم، وهناك أيضا قادة عسكريون ومدنيون جرى استدعاؤهم وإبلاغهم بأنهم ممنوعون من السفر ومغادرة السعودية، ولم يكن قرار منعي من السفر يستهدفني أنا فقط.
* هل لأنهم بلا قبيلة تؤازرهم مثلك لم يستطيعوا الضغط للسماح لهم بالسفر ورفع القيود عنهم؟
** لا ندري ماذا يجري بالضبط، لكن نحن لا ننتقص من قدر أحد، وبالنسبة لي ما كنا نحب أن نستعرض العضلات في هذا الجانب، لكني كنت واثقا أن أبناء المهرة لن يتركوني وحيدا في هذا الموقف، وسيكونون بجانبي في أي موقف، وقد وقفوا جميعا معي موقف عام من كل قبائل المحافظة ورجالها وليس قبيلتي فقط، وهذا شيء أتشرف به وأفخر، وأتوجه بالشكر لهم جميعا.
* ما مبرر الاعتصامات التي ينظمها أبناء المهرة من وقت لآخر منذ أكثر من عام؟
** الاعتصامات جاءت لتحقيق المطالب التي يرفعها أبناء المهرة، وفي مقدمتها المطالب الستة التي تم الاتفاق عليها بينهم وبين الجانب السعودي، لكن لم يتم تنفيذ تلك المطالب، بل جرى مضاعفة التجاوزات من قبل السعوديين في المهرة، واضطر ذلك المعتصمين لمواصلة الاعتصامات للمطالبة بتحقيق المطالب.
* هل تعتقد أن الاعتصامات كوسيلة للمطالبة بخروج السعودية من المهرة ستجدي نفعا؟
** هذا المفترض، وأنا من خلال موقعكم أطالب القيادة السعودية أن تراجع سياستها بشكل عام من التحالف الذي تقوده في اليمن، سواء السعودية أو الإمارات في التعامل مع الحكومة الشرعية، واليمن بشكل عام، والمحافظات التي تتواجد فيها الدولتان بشكل خاص.
وإذا تحدثنا عن محافظة المهرة التي ننتمي لها فنحن ندعو للمراجعة وتصحيح الوضع، واذا كانت هناك أي مشاريع خدمية أو تنموية ستنفذها السعودية لصالح المحافظة فنحن لا نرفضها، لكن بشرط أن لا تكون مبطنة بأطماع أخرى.