استطلاع خاص // وكالة الصحافة اليمنية //
تجري الاستعدادات في العاصمة صنعاء للبدء في مشروع ترميم قباب “العوسجة” التاريخية الواقعة في الركن الجنوبي الغربي من الجامع الكبير، والتي تضم رفات أربعة من الأئمة والعلماء من القرن الثامن الهجري، وكميات كبيرة من المصاحف المهترئة تعود للقرن السادس الهجري.
وستنفذ عملية الترميم على 4 مراحل وصولا إلى مرحلة إعادة النقوش والافتتاح النهائي للقبة، بالتنسيق مع وحدة التراث الثقافي في الصندوق الاجتماعي للتنمية ووحدة الآثار.
حيث تم فتح قبة العوسجة في شهر إبريل الماضي، وقد عثر بداخلها على كميات هائلة من المصاحف المهترئة التي يعود أقدمها للقرن السادس الهجري.
وتحتوي الجدران الداخلية للقبة أعمالا زخرفية خشبية مميزة، منها ما غلفت به الأضرحة ومنها ما عمل به الباب الخشبي المفرغ من زخارف فريدة.
مدير مكتب وزارة الأوقاف والإرشاد في العاصمة صنعاء عبدالله عامر، أوضح إن تدخل مكتب الأوقاف في ترميم قبة العوسجة “يأتي بعد توقف مشروع الترميم للجامع الكبير بصنعاء بسبب توقف التمويل من الصندوق الاجتماعي للتنمية، الذي حال دون استكمال العديد من الأعمال التي جرى التخطيط لها وكان من ضمنها ترميم القباب”.
وقال عامر في حديث لـ “وكالة الصحافة اليمنية”: إن قبة العوسجة وصلت إلى حالة تدهور كاملة للبناء الذي أصبح آيلا للسقوط والانهيار جراء الرطوبة نتيجة الإغلاق والتكتيم.
وأضاف: إن كميات المخطوطات التي تم العثور عليها داخل القبة تعذر استيعابها في مكتبة الجامع الكبير لمحدودية مساحة المكتبة، ومن أجل ذلك تم التواصل والتنسيق مع إدارة المخطوطات لاستقبال وحفظ المخطوطات باعتبارها الجهة المختصة في حفظ وصيانة المخطوطات التاريخية لليمن.
مدير مكتب الأوقاف في العاصمة صنعاء أوضح أن “كلفة مشروع ترميم القبة وصلت في المرحلة الراهنة إلى 30 مليون ريال، فيما لا يزال صندوق التنمية الاجتماعي بصدد إعداد الدراسات الهندسية لترميم القباب والأعمال الخشبية الخاصة بالأضرحة والأبواب، وفق المعايير الفنية الدولية بهدف الحفاظ على الطابع التاريخي والأثري والديني” .
تدعيم وإسناد
من جانبه، منسق مشروع ترميم وصيانة الجامع الكبير المهندس مرشد البريهي أفاد إن “ما تم انجازه خلال الفترة الماضية من أعمال ترميم للجامع إلى نسبة 70% تقريباً، لكن توقف التمويل حال دون استكمال بقية أعمال الترميم التي كانت من ضمنها مباني القباب”.
وأوضح أن برنامج ترميم قبة العوسجة “بدأ إعداده في مايو الماضي من الفريق الفني لمشروع ترميم الجامع الكبير، وركز على وضع الأولويات في أعمال ترميم القبتين، وفق مرحلة التدخل العاجل والإنقاذي (مرحلة التدعيم والإسناد) عن طريق وضع قيود للتشققات والشروخ لإيقاف توسع الأضرار، وتدعيم المبنى إنشائيا في أعلى المدخل”.
وأشار إلى أنه “سيتم اعداد الدراسات المعمارية والإنشائية والكهربائية والدراسات الأثرية والتاريخية وأعمال التنقيب التي يتوجب تجهيزها خلال الشهر القادم، وبموجبها سيتم تحديد نوعية التدخل والكلفة المالية لعملية الترميم الشاملة”.
توثيق وترقيم
أما ما يخص المخطوطات والمصاحف الاي عثر عليها داخل قبة العوسجة، فتحدث محمد صالح القاضي، أحد موظفي الهيئة العامة للآثار والمتاحف، قائلا: بعد فتح باب القبة التي كانت عبارة عن خزانة مغلقة تنقل المصاحف التالفة الى داخلها عبر نافذة لحفظها من الاهانة”، تم رفع محتويات القبة وتحريزها بحضور الجهات المعنية.
وأوضح القاضي أنه يجري منذ أشهر تنفيذ عملية التنظيف الجاف لكل جزئية من المخطوطات وترقيمها، “ووصلت اليوم إلى الرقم 11600 من عملية التوثيق حيث تحتوي كل وثيقة رقما خاصا بها والمكان الذي وجدت فيه وتاريخها ونوعيتها، وحفظها إلى جانب توثيقها بالتصوير”.
تقنية حديثة
المهندس المعماري المشارك في عملية ترميم قبة العوسجة محمد أحمد مصلح، أوضح أنه “تم الانتهاء من دراسة التدخل الإنقاذي لقبة العوسجة، حيث تمت الاستعانة بتقنية حديثة ومتطورة ثلاثية الأبعاد من وحدة التراث الثقافي في صندوق الاجتماعي للتنمية لتوثيق المبنى، وستوزع الدراسة الانشائية على الاستشاريين المعماريين والكهربائيين المشاركين في عملية الترميم”.
أضرحة أعلام
وتحوي قبة العوسجة أَضرحة عدد من الائمة والعلماء، منهم الإمام المهدي لدين الله محمد بن الإمام المطهر بن يحيى المظلل بالغمام المتوفي سنة 728 هـ، والإمام الواثق بالله المطهر بن محمد بن المطهر المتوفي سنة 802 هـ، والعلامة يحيى بن الحسين بن يحيى بن علي بن الحسين مؤلف كتاب “الياقوتة” المتوفي سنة 729 هـ، والعلامة محمد بن الأمير المعتصم ادريس بن الإمام الناصر علي بن عبدالله بن الحسن بن حمزة، مؤلف كتاب “الصادي على مذهب الهادي”.