حلم السعودية في إمتلاك سلاح نووي لن يتحقق لهذه الأسباب
تقرير: وكالة الصحافة اليمنية// تشبه تصريحات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بأن امتلاك بلاده للسلاح النووي مرتبط بامتلاك إيران له، أخرى للسلطات الباكستانية، في سبعينيات القرن الماضي، حين قالت: إنها “لن تطور أسلحة نووية ما لم تفعل الهند ذلك”، على أثر الصراعات بين الجانبين لعقود. وفي عام 1950، بدأت إيران بتطوير برنامجها النووي بمساعدة […]
تقرير: وكالة الصحافة اليمنية//
تشبه تصريحات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بأن امتلاك بلاده للسلاح النووي مرتبط بامتلاك إيران له، أخرى للسلطات الباكستانية، في سبعينيات القرن الماضي، حين قالت: إنها “لن تطور أسلحة نووية ما لم تفعل الهند ذلك”، على أثر الصراعات بين الجانبين لعقود.
وفي عام 1950، بدأت إيران بتطوير برنامجها النووي بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية، أبرز حلفائها في تلك الفترة؛ وما زالت تحاول جاهدة امتلاك قنبلة نووية، في حين أنّ السعودية لم تكن بوارد ذلك أبداً في ظل مملكة حديثة العهد.
وتسعى السعودية اليوم لامتلاك سلاح نووي بدعم “غير مستقر” من إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لكنها تواجه رفضاً كبيراً من قبل الكونغرس وجهات دولية أخرى، فهل تفشل في الحصول عليه رغم المليارات التي تنفقها لأجل ذلك؟
مفاعل غير معلن
وقالت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية، في أبريل الماضي: إنّ “السعودية توشك على الانتهاء من أول مفاعل نووي لها؛ إذ أظهرت صور الأقمار الصناعية المنشأة الجديدة في جنوب غربي مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية”.
ووفقاً لصور نشرتها “جوجل إرث” فإن البناء على وشك الانتهاء، في وعاء عمودي يحتوي على وقود ذري.
وأوضحت الوكالة أنّ هذا التقدم “يثير قلق خبراء الحد من التسلح؛ لأن السعودية لم توقّع بعد على الإطار الدولي للقواعد التي تتبعها القوى النووية الأخرى لضمان عدم استخدام البرامج النووية”.
وأضافت أن العمل في البرنامج النووي السعودي، الذي يخضع بالفعل للتحقيق الأمريكي، قد يواجه تأخيراً؛ لأن المملكة لم تتبنَّ بعد قواعد المراقبة الدولية اللازمة قبل أن تتمكن من توليد الطاقة.
وبحسب تقرير للوكالة فإنه “لا يمكن المضي قدماً في خطط إنشاء أول مفاعل أبحاث في المملكة هذا العام؛ حتى تُنهى ترتيبات المراقبة الجديدة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.
دعم أمريكي سري
وسعت إدارة ترامب، بهدوء، إلى إبرام صفقة أوسع نطاقاً لمشاركة تكنولوجيا الطاقة النووية مع الرياض، بهدف بناء محطتين نوويتين على الأقل.
وكشفت وثيقة لوكالة “رويترز”، في مارس الماضي، أن وزير الطاقة الأمريكي، ريك بيري، وافق على ستة تراخيص سرية تتيح لشركاتٍ بيع تكنولوجيا خاصة بالطاقة النووية وتقديم المساعدة للسعودية.
وتتيح موافقات بيري، وتُعرف باسم “تراخيص الجزء 810″، للشركات القيام بالعمل التمهيدي بشأن الطاقة النووية قبل الصفقة وليس بشحن المعدات المطلوبة لأي محطة.
وقالت الإدارة الوطنية للأمن النووي التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية في الوثيقة إن الشركات طلبت من إدارة ترامب إبقاء الموافقات سرية.
وأردفت الإدارة في الوثيقة: “في هذه الحالة قدم كل من الشركات التي تسلمت ترخيصاً خاصاً طلباً مكتوباً بمنع نشر الترخيص”.
معارضة الكونغرس
ولا يبدو أنّ المؤسسات الأمريكية متفقة حول دعم البرنامج النووي السعودي؛ حيث يخشى كثير من المشرعين الأمريكيين أن تؤدي مشاركة تكنولوجيا نووية مع السعودية في نهاية المطاف إلى سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط.
وذكرت صحيفة “فورين بوليسي”، في تقرير نشرته (30 يوليو الجاري)، أن تشريعاً تقدم به السيناتور ليندسي غراهام، والسيناتور كريس فان هولين، يسعى إلى منع مصرف الولايات المتحدة للصادرات والواردات من تمويل نقل التكنولوجيا النووية الأمريكية والمعدات الخاصة بهذا القطاع إلى السعودية.
وأوضحت أنّ “هذا المنع سيطبق حتى إبرام الرياض اتفاق التعاون في المجال النووي مع واشنطن، وبدء المملكة بتطبيق المعايير الدولية الرامية إلى منع انتشار الأسلحة النووية”.
ولفتت الصحيفة إلى أن لمصرف الولايات المتحدة للصادرات والواردات الدور المحوري في تمويل عمليات تصدير التكنولوجيا والمعدات الأمريكية الخاصة بالمجال النووي إلى الخارج.
من جانبه قال السيناتور فان هولين، في اتصال هاتفي مع الصحيفة: “يجب ألا نسمح أبداً بوقوع التكنولوجيا النووية في الأيدي الخاطئة، وخاصة ولي العهد السعودي، وهذا النظام أثبت أنه لا يمكن الثقة به”.
وتأتي هذه التحركات استمراراً لنشاط كبير في الكونغرس لمنع الرياض من امتلاك سلاح نووي عسكري، واشتراطه الإشراف والعمل على مراقبة أي تعاون نووي مدني بين الولايات المتحدة والمملكة.
وقالت صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية: إنّ “هناك خشية من مجرد تطوير السعودية لقدراتها النووية؛ فإنها في لحظة أزمة يمكن أن تشتري تكنولوجيا الأسلحة النووية من حليفتها الوثيقة باكستان، وهذا سيدفع دولاً أخرى في المنطقة إلى أن تحذو حذوها باسم الدفاع عن النفس”.
وأضافت: إن “مخاطر سباق التسلح النووي في المنطقة معروفة جيداً في الولايات المتحدة، وبالرغم من أنّ ترامب قد يرغب في دعم القطاع النووي الأمريكي المتعثر فإن معارضة الكونغرس تبدو قوية بما يكفي لمنع أي مبيعات من الولايات المتحدة للسعودية، طالما بقي ولي العهد في منصبه”.
التلاعب بالمملكة
ويقول مراقبون إن الولايات المتحدة دعمت الكثير من البلدان في برنامجها النووي سراً، ولكنها فرضت عقوبات عليها علناً فيما بعد، خصوصاً في ظل تأكيدات الإدارة الأمريكية أمام الكونغرس أنها لن تسمح بامتلاك السعودية لسلاح نووي.
حيث قال وزير الخارجية الأمريكي، تزامناً مع الكشف عن بناء أول مفاعل نووي سعودي، في أبريل الماضي: “لقد عملنا من كثب مع السعودية، على مدار العامين الماضيين، حول هذه القضية بالذات. لا أستطيع أن أخبركم إلى أين وصلت المفاوضات؛ لأنها لا تزال مستمرة”.
واستدرك قائلاً: “لكن لن نسمح. لن نسمح بحدوث ذلك. لن نسمح بحدوث ذلك في أي مكان في العالم. الرئيس ترامب يفهم تهديد الانتشار”.
واختتم تصريحاته بالقول: “لن نكتب أبداً شيكاً بقيمة 150 مليار دولار للسعوديين ونسلمهم القدرة على تهديد إسرائيل والولايات المتحدة بأسلحة نووية”.
ويبدو من تصريحات بومبيو أن أموالاً باهظة دفعتها الرياض لأجل الاستمرار في صناعة أسلحة نووية، ولكن الضغط الكبير في الكونغرس أجبره على تأكيد أنّ ذلك سيكون مستحيلاً، وهو يدلل على أنّ هناك تلاعباً من قبل إدارة ترامب بالسلطات السعودية.
التملص من الاتفاقيات
وتسعى الرياض لعدم المصادقة على بروتوكول حظر “انتشار الأسلحة النووية”، وهو ما يثير قلق العديد من الخبراء والمراقبين حيال مخاطر استخدام الرياض لهذه التقنية دون التوقيع على الأحكام الدولية التي تحكم هذه الصناعة.
ووقعت السعودية على ما يعرف بـ”بروتوكول الكميات الصغيرة”، وهو تابع لوكالة الطاقة الذرية، وهي مجموعة قواعد حول احتياجات واستخدامات الوقود النووي، لكن هذه الإجراءات خالية من بنود حول السماح لمفتشين نوويين بالوصول إلى المواقع الحيوية التي يجري فيها التخصيب.
كما أنّ المملكة سعت، منذ تسعينيات القرن الماضي، لامتلك أسلحة قادرة على حمل رؤوس نووية جاهزة، واشترت نحو 60 صاروخاً من الصين، ووقعت مع كوريا الجنوبية عام 2015 اتفاقية تصل لـ2 مليار دولار بهدف بناء مفاعلين نوويين.
وفي عام 2015، زار محمد بن سلمان موسكو ووقع مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اتفاقاً لبناء 16 مفاعلاً نووياً لأغراض سلمية، لم تحدد قيمتها.
ويعد ذلك بداية لخرق أكبر لمعاهدة حظر الانتشار، إذا ما استمرت الرياض في تطوير برنامجها النووي.
ومعاهدة “عدم انتشار الأسلحة النووية” هي معاهدة دولية، بدأ التوقيع عليها في 1 يوليو 1968، للحد من انتشار الأسلحة النووية التي تهدد السلام العالمي ومستقبل البشرية، ووقع عليها حتى الآن 189 دولة.
وغالباً ما سيجبر الضغط الأمريكي الذي يمارسه المشرعون على إدارة ترامب والسعودية على المصادقة على حظر انتشار الأسلحة النووية، حيث يقول متابعون إن امتنعت الرياض عن المصادقة فهي تخالف القانون الدولي وتزيد من انتقادها عالمياً، وإن صدّقت فهي تسمح لمراقبة نشاطات مفاعلاتها ومنع، وفي كلتا الحالتين سيكون مقدراً للبرنامج نهايته قبل وصوله إلى مراده.
(الخليج أون لاين)