خلص مركز أبحاث إسرائيلي إلى أن قرار الإمارات، سحب معظم قواتها من اليمن، جاء لتقليص الانعكاسات السلبية لأية مواجهة عسكرية يمكن أن تندلع بين الولايات المتحدة وإيران، ونتاج خلافات مع السعودية، وكمحاولة لوقف تدهور سمعتها نتيجة أنماط تدخّلها في دول المنطقة.
وقال “مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية”، التابع لجامعة “بارإيلان”، ثاني أكبر الجامعات الإسرائيلية، إن حكام الإمارات ينطلقون من افتراض مفاده أن بلادهم والسعودية ستكونان ساحة رئيسية من ساحات أية مواجهة يمكن أن تندلع بين الولايات المتحدة وإيران.
وفي تقرير أعده الباحث جيمس دوسر، نوه المركز إلى أن الانسحاب الإماراتي مرتبط أيضاً بخلافات حقيقية بين الرياض وأبوظبي في كل ما يتعلق بالسياسة الواجب اتباعها تجاه اليمن.
وفي محاولة غير موفقة لإظهار التباين بين السعوديين والإماراتيين تجاه اليمن، قال معد التقرير أن السعودية تسعى إلى حماية اراضيها من الهجمات ” الحوثية” على حد تعبيره، متجاهلاً أن السعوديين هم من بدأوا الحرب، وأن الهجمات اليمنية تأتي رداً على الاعتداء السعودي، في إطار الدفاع عن النفس.
بينما يركز الإمارتيون بشكل واضح على انفصال جنوب اليمن عن شماله، وتعمل على استهداف المجموعات المرتبطة بالإخوان المسلمين في الجنوب، حسب وجهة نظر الكاتب، لكن في الحقيقة أن أجندة السعوديون و الإماراتيون لا تختلف في مساعي تقسيم اليمن.
وأوضح المركز أن قرار الانسحاب الإماراتي مرتبط أيضاً بالانتقادات الدولية الموجهة لكل من الإمارات والسعودية بسبب استهداف المدنيين في اليمن، مشيراً إلى أن قادة الإمارات باتوا يدركون أن دعم إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ليس كافياً لتحصينهم من الانتقادات التي أفضت إلى تدمير سمعة نظام حكمهم.
وأشار دوسر إلى أن قرار الانسحاب قد يأتي من أجل تمكين الإمارات من الإفلات من تبعات الدعوة التي تطالب بفرض حظر دولي على تزويد السلاح للدول المشاركة في الحرب على اليمن، بسبب حجم الخسائر التي يتعرض لها المدنيون.
ولفت إلى أن ما فاقم الأمور تعقيداً أن سمعة الإمارات الدولية تحطمت أيضاً نتاج التورط في ليبيا واليمن والسودان، وبسبب حملات القمع القاسية التي تشنها في الداخل.
وأوضح أن ما أصاب أبوظبي بالحرج يرجع إلى أن مليشيات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، المدعومة إماراتياً، مسؤولة عن قصف مأوى للمهاجرين الأفارقة، مما أسفر عن مقتل 40 شخصا وجرح 80 آخرين؛ بالإضافة إلى حصول واشنطن على أدلة تؤكد أن هذه المليشيات مزودة بأسلحة قامت الإمارات باستيرادها من الولايات المتحدة، من دون الحصول على إذن أميركي مسبق.
وأشار إلى أن الانسحاب الإماراتي جعل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الأكثر تحمساً لمواصلة الحرب في اليمن، مكشوفاً أمام المجتمع الدولي، منوهاً إلى أن أوضح مظاهر الخلاف بين الرياض وأبوظبي يتمثل في رفض الأخيرة انتقاد إيران وتحميلها المسؤولية عن استهداف حاملات النفط.
وذكر المركز أن مراسلات سفير الإمارات النافذ في واشنطن، يوسف العتيبة، المسربة، دلت على أن الإمارات تعمد إلى استغلال نفوذها داخل السعودية في تحقيق مصالحها الإقليمية، موضحاً أن العتيبة وصف القيادة السعودية بـ”البلهاء”. واستدرك بالقول إن قرار الانسحاب لا يعد انقلاباً على توجهات الإمارات، موضحاً أنها حرصت على الانسحاب بعد أن قامت بتدريب وإعداد قوات محلية مستعدة لتنفيذ تعليماتها.
ولفت المركز إلى أنه على الرغم من أن الانسحاب من اليمن دفع بالخلاف بين الإمارات والسعودية إلى السطح، إلا أن نظامي الحكم في أبوظبي والرياض مضطران للعمل سوياً، وهذا ما سيوجب عليهما إدارة هذه الخلافات.
وشدد على أن أهم العوامل التي تضمن بقاء التحالف الإماراتي السعودي تتمثل في هدفهما المشترك في محاولة الحفاظ على الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة، لا سيما في ظل الثورات الشعبية المدنية، التي تعكس احتجاج الجماهير العربية على الواقع السياسي القائم، موضحاً أن الإمارات لم تسحب كل قواتها، حيث مازالت تحتفظ بقاعدة كبيرة في مدينة المكلا.
وأضاف المركز أن قيادة كل من محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، تيار الثورة المضادة، يرجع إلى رغبتهما في تصميم المنطقة وفق مزاجيهما.
وخلص إلى أن القرار الإماراتي بالانسحاب من اليمن يعكس الواقع الصعب الذي يعصف بالفضاء الجيوسياسي للشرق الأوسط.