تقرير: وكالة الصحافة اليمنية//
القمع عبر السجن والقتل أو غيرهما، هي أساليب اتخذها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في التعامل مع معارضيه، أو الذين يشعر بأنهم لا يصطفون إلى جانبه، وحتى المحايدين، داخل السعودية أو خارجها.
“بن سلمان” لم يقبل بوجود أي من الناصحين له في سياساته وقراراته؛ فعمل منذ الأيام الأولى لوصوله للحكم إلى الزج بالآلاف في السجون، وقتل أبرز معارضيه، وهو الصحفي جمال خاشقجي، وقطع أوصال جسده عبر فريق اغتيال يعمل في ديوانه، بقنصلية بلاده في إسطنبول، في الثاني من أكتوبر 2018.
ووصل قمع السلطات السعودية إلى مواطنيها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أصبح من غير المقبول انتقاد الملك أو ولي عهده، أو الحديث والتلميح عن أي سياسات خاطئة لهما، مع فرض عقوبات تصل إلى السجن والتعذيب للمعارضين، وفق شهادة مؤسسات حقوقية دولية.
ولم تتوقف سياسات بن سلمان على القمع وخلق جيش كبير من المعارضين الذين ينتظرون الفرصة للثأر والهجوم على حكمه، بل استهدف الثوابت الدينية والعادات والتقاليد للمجتمع السعودي؛ من خلال انفتاحه على عدد من المشاريع التي يراها الكثير من السعوديين محرمات دخيلة على المجتمع.
المعارض السعودي والمنفي في بريطانيا، فهد العنزي، يؤكد أن القمع والاعتقال يعد من أبرز سياسات ولي العهد منذ قدومه للحكم لمواجهة معارضيه، بحيث لم يبقَ هناك صوت واحد للمعارضين داخل السعودية.
ويقول العنزي في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “توجد غالبية كبرى تغلي بالسعودية ضد إجراءات بن سلمان، ولكنها صامتة بفعل الخوف من البطش والاعتقال، ولكن لن تصمت للأبد”.
ويضيف: “لم تتوقف إجراءات الاعتقال والتعذيب ضد المعارضين فقط لنظام الحكم والخطوات التي تم تنفيذها، والمخالفة لطبع السعوديين وعاداتهم وتقاليدهم؛ بل وصل الأمر للصامتين، إذ أصبحوا يتعرضون للمساءلة والمطالبة بضرورة الوقوف إلى جانب ولي الأمر أو الوضع بالسجن”.
ويوضح أن “الرأي الواحد هو الذي يطغى على الحياة السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية والرياضية داخل المجتمع السعودي”؛ بسبب حالة الترويع والملاحقة المستمرة، وذلك يخلق مزيداً من جيش المظلومين الذين ينتظرون الفرصة للانقضاض على الظلم.
ويصف المعارض السعودي المتواجد في المنفى الوضع داخل بلاده بأنه “أصبح لا يطاق، وتوجد غالبية كبرى غاضبة، فالصمت لن يستمر للأبد، والسعوديون سيتحركون في يوم ما”.
فئات مهمشة
وإلى جانب الاعتقالات والقمع الممارس ضد فئة واسعة من السعوديين توجد فئات تتعرض للتهميش وتحرم من التجنيس والكثير من الخدمات داخل المجتمع السعودي، أبرزهم أبناء القبائل النازحة أو “البدون”.
ويعاني البدون داخل السعودية من البطالة، وتواجه بناتهم العنوسة، ولا خيار أمامهن سوى الزواج العرفي؛ بسبب استحالة الحصول على صك زواج لعدم وجود الرقم الآلي.
ويصل عددهم في السعودية إلى أكثر من 150 ألف شخص، حيث يعيشون أوضاعاً قاسية بسبب المعاملة العنصرية التي يتعرضون لها من قبل السلطات، والرافضة لتجنيسهم، أو السماح لهم بالتنقل، أو إصدار رخص قيادة.
ولا يوجد لهم تأمين صحي، أو جواز سفر، ولا تصدر لهم شهادات ميلاد أو وفاة، ولا شهادات زواج، ولا يحق لهم العمل بشكل رسمي؛ بسبب رفض السلطات السعودية حل قضيتهم.
ورفع أبناء هذه القبائل على مدار السنوات الماضية آلاف القضايا عبر جمعيات حقوقية للمطالبة بإنصافهم ورفع “الظلم” الواقع عليهم، لكن من دون استجابة جدية من السلطات بالمملكة.
المعارض السعودي ناصر القحطاني أكد أن “القبائل النازحة” تنتمي في الأصل إلى قبائل استوطنت جزيرة العرب منذ مئات السنين، أي “قبل قيام دويلات آل سعود الثلاث”، وهم ينتمون إلى قبائل عنزة وشمر والظفير وقحطان وغيرها من القبائل.
ويقول القحطاني، في حديث سابق لـ”الخليج أونلاين”: “تمت تسميتهم بالقبائل النازحة افتراء؛ فهم غير نازحين، بل هم من سكان البلاد الأصلية، ولهم فيها حق أكثر من غيرهم، وهم أولى بها من آل سعود في الحكم”.
وأضاف موضحاً: “قصتهم ابتدأت حين رفض أجدادهم وأهلهم قبول التبعية السعودية، التي هي وثيقة كان الكل يُجبر على الحصول عليها لتتم سعودته، حيث كان أجداد البدون يهربون للبادية حين يعلمون بقدوم هذه اللجان، وسبب ذلك أنهم يرفضون حكم آل سعود”.
ولا يتوقف الأمر على هذه الفئة، إذ ينتشر الفقر في السعودية بشكل تصاعدي بظل حكم بن سلمان، مقابل زيادة عدد الأمراء والمقربين من العائلة الحاكمة، والمتهمين بالثراء الفاحش.
وتوجد في السعودية فئة تستفيد بشكل كبير من ثروة النفط، في حين أن غالبية كبرى من الشعب السعودي لا تجد ما يسد حاجياتها الأساسية، وهو ما يزيد من فرص غضب السعوديين ضد حكام بلادهم.
(الخليج أون لاين)