كأن الحرب اندلعت اليوم بالنسبة للمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، الذي استهل احاطته لمجلس الأمن بالتركيز على ضربة الطيران اليمني المسير لمنشئتي ارامكو السعوديتين في “بقيق”.
حيث اعتبر غريفيث أن ضربة “بقيق” ستدخل اليمن “في اتون حرب اقليمية” متناسياً أن اليمن يعيش ويلات حرب اقليمية بإشراف الولايات المتحدة منذ قرابة خمسة اعوام، تجاوز عدد الضحايا المدنيين فيها50 ألف قتيل وجريح، وصنعت أكبر مأساة انسانية على مستوى العالم.
ويرى عدد من المراقبين أنه كان الأحرى بالمبعوث الأممي أن يعيد ضبط انفعالاته المتعاطفة مع السعودية، قبل أن يظهر بذلك الموقف المتباكي على النظام السعودي.
منذ أن بدء غريفيث مهمته كمبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة في فبراير العام الماضي، لم يضف أي جديد يذكر لحل الأزمة، تاركاً خيارات تحديد النقاط التي يمكن التفاوض بشأنها وحرية التنفيذ بيد التحالف، مع تجاهل كل ما قدمته صنعاء من مبادرات تفتح الباب لإنهاء الحرب، مثل خطوة اعادة الانتشار التي نفذها المجلس السياسي من جانب واحد في مايو الماضي بموجب اتفاق السويد، أو الخطوة اللاحقة الخاصة بفتح حساب خاص بالموظفين في بنك الحديدة حسب اتفاق السويد.
في حين تؤكد الوقائع من وجهة نظر مراقبين، أن مواقف المبعوث الأممي غريفيث لم تكن تخرج عن رضا دول التحالف، والمرة الوحيدة التي تجرء فيها غريفيث على مخالفة اجندة التحالف عندما اشاد بمبادرة صنعاء لإعادة الانتشار في الحديدة ، والتي مازال غريفيث يكفر عنها حتى اليوم.
ونزولاً عند رغبة دول التحالف لم يحرك غريفيث ساكناً فيما يخص الملف الاقتصادي الذي يلاحظ أنه خارج اهتمامات المبعوث الأممي، حرصاً منه على منح دول التحالف المزيد من الوقت لممارسة اقسى أنواع الضغط على شعب اليمن، عبر الحرب الاقتصادية المحرمة دولياً.
لكن بمجرد أن تعرض الاقتصاد السعودي لضربة ادخلته في حالة شلل، ملئ غريفيث حقيبته بالدموع، وهرع إلى مجلس الأمن، محولاً دوره من مبعوث للسلام إلى داعية حرب غضباً على النفط المحترق.
حيث اعتبر كثير من المحللين أن حديث غريفيث عن “دخول اليمن في حرب اقليمية” بعد ضربة “بقيق”، يعتبر بمثابة تهديد لليمن، خصوصاً أن الجميع كان يتوقع حدوث ضربة مثل التي تعرضت لها منشئات “بقيق” النفطية، وكان الأحرى بغريفيث أن يبذل مساعي جادة لإنقاذ السعودية بدلاً من التحول إلى ناطق يرسل التهديدات باسم الرياض، ومن الطبيعي أن يتعرض اقتصاد السعودية للانهيار مقابل ما تعرض له اقتصاد اليمن من ضربات في اطار حق اليمن بالرد دفاعاً عن النفس.
إذ لا يمكن اعتبار اقتصاد السعودية مقدساً، بعد أن دمرت كل مقومات الحياة في اليمن.
ويعتقد مراقبون أن مشكلة المبعوث الأممي تكمن في إصراره على مسايرة الرغبة الأمريكية باعتبار الحرب على اليمن حرباً ” أهلية ” وهو مفهوم مخادع لحقيقة الحرب الدولية التي تتعرض لها اليمن.
ويعتقد عدد من المراقبين أن مواقف غريفيث والامم المتحدة بشكل عام، لا تشجع على الثقة بالأمم المتحدة لإيقاف الحرب على اليمن، وأن على شعب اليمن أن يعول قوته الرادعة للدفاع عن نفسه.