لم تكن المملكة السعودية تمتلك من الخبرة السياسية ما يؤهلها لخوض حرب في اليمن، بدليل أن الرياض لم يكن لديها أي تصورات عن التداعيات المحتملة لخوض حرب ضد دولة جارة مثل اليمن، واكتفى النظام السعودي بالاعتماد على قدراته العسكرية لشن الحرب، والتي اتضح لاحقاً أنها لم تكن تكفي لتحقيق النصر.
تشترك اليمن والسعودية بحدود يبلغ طولها أكثر من 1458كم تقريباً، وبالنسبة لدراسات علم الاجتماع فإن التداخل السكاني بين الدول المتجاورة يمثل نسبة 25% من السكان بين الدولتين المتجاورتين، وهي مسألة يبدو أنها لم تكن حاضرة في حسابات المملكة، عند اعلانها الحرب على اليمن، وقد اثبتت الوقائع أن الدول الكبيرة تتجنب خوض الحروب مع الدول المجاورة نظراً للتبعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الناجمة عن خوض الحرب بين الدول المتجاورة.
في مايو الماضي تجنبت باكستان والهند المواجهة العسكرية مع بعضهما، رغم أن أسباب انفجار الحرب بين البلدين بلغت ذروتها، إلا أن المخاوف من التبعات المحتملة للحرب على كافة الأصعدة، أدت إلى الحيلولة دون نشوب الحرب بين الدولتين النوويتين.
في ابريل الماضي قالت مجموعة الأزمات الدولية أن السعودية تريد الخروج من مستنقع الحرب في اليمن، إلا أنها لم تجد من يساعدها في ذلك، وهي إشارة إلى أن المملكة السعودية تفتقر للخبرة اللازمة للتعامل مع الحروب التي تورطت فيها الرياض،وهو تقييم صادر عن أكبر هيئة تعنى بدراسة الحروب والكوارث على مستوى العالم، ويحظى تقيمها بالكثير من الاهتمام في المجتمع الدولي.
يقول محللون سياسيون أن ضربة “بقيق” فتحت عيون العالم على أن هناك مأزق سعودي، يمكن أن يسبب أضراراً كارثية على الاقتصاد العالم ككل، وانه لا يمكن الاعتماد على الرياض لوحدها لتجنب إحداث المزيد من الانهيار في الاقتصاد الدولي، وقد بات من الضرورة، أن تمنح فرص جديدة لجهود جادة لإنهاء الحرب، خصوصاً أن السعوديين هم من فرض قواعد حرب استهدفت كل مقومات الحياة في اليمن، في حين أن اقتصادهم سريع الاشتعال، مما جعل المنصفين في العالم في وضع حرج، إذ كيف يمكن ادانة ضربة على منشئات النفط السعودية – بشكل انتقائي – حتى وإن كانت ستؤثر سلباً على اقتصاد العالم، وتجاهل كل القتل والدمار الذي احدثته السعودية في اليمن، في ظل قواعد حرب فرضتها الرياض نفسها، قبل أن ترتد عليها الآن.
ويعتقد عدد من الخبراء والمحللين السياسيين أن على العالم أن يتحرك سريعاً بشكل يراعي جوانب القصور المتمثلة بشعور النظام السعودي بالغطرسة القائمة على وهم التفوق، والتعامل مع النظام السعودية باعتباره طفل مدلل يجيد اشعال الحرائق، ويحتاج إلى يربت على كتفه، من اجل انتزاع اعواد الثقاب من يده، قبل أن يزداد اقتصاد العالم سوء بالاعيب هذا الطفل.