مقالات وتحليلات (وكالة الصحافة اليمنية)
وضعت عملية “نصر من الله”، وقبلها الغارات النفطية، العدوان السعودي على سكّة جديدة، آخر مستجدات هذه السكّة هو الردّ السعودي على اقتراح حركة أنصار الله لوقف العدوان على اليمن، فقد دعا نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان الجمعة إلى تطبيق اقتراح اليمنيين الرامي إلى تهدئة الأوضاع، مؤكداً أن بلاده تنظر بـ “إيجابية” إلى العرض.
نائب وزير الدفاع حالياً، والمرشح الأبرز لخلافة أخيه في وزارة الدفاع، ختم تغريدته على التويتر بالقول إن “التهدئة التي أعلنت من اليمن تنظر لها السعودية بإيجابية، كون هذا ما تسعى له دوماً، وتأمل أن تطبّق بشكل فعلي”، وهنا من حقّنا أن نسأل ما المقصود من أن تطبّق بشكل فعلي، فهل القصد هو تكرار التجربة السعودية في المفاوضات بعد أفول الميدان؟ أم إن النوايا سليمة هذه المرّة بعد أن اقتنع الشرق والغرب بأفول العدوان على اليمن، لا بل انتهاء مرحلة صدّ العدوان عبر الدفاع في الصبر الاستراتيجي والانتقال إلى مرحلة وقف العدوان عبر تنفيذ الهجمات في الداخل السعودي.
بعد كل ضربة نوعية للجيش اليمني، كانت السعودية تعمد إلى ضجة سياسية أو عسكري عبر تكثيف غاراتها، هذا ما فعلته بعد الضربة النوعية لحركة أنصار الله على النفط السعودي، ولكن لم تعد هذه المعادلة مجدية بعد عملية “نصر من الله” النوعية التي كسرت الجيش السعودي بصورة غير مسبوقة.
لم يكن لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بعد هذه العملية، والعملية النوعية النفطية التي سبقتها، سوى خيارين، إما الحضور إلى الجبهة لرفع معنويات الجيش السعودي المهزوم، أو الإعلان عن وقف الحرب.
يخشى ابن سلمان الحضور إلى الخطوط الأمامية، وأما الخيار الثاني بشكل ابتدائي صعب عليه، كونه يقرّ بهزيمته، لذلك سارعت أنصار الله إلى طرح مبادرتها فما يهمها هو وقف العدوان وإنهاء عملية سفك الدماء اليمنية، ليسارع شقيق وزير الدفاع وليس وزير الدفاع نفسه إلى الإعلان عن قبوله لهذه المبادرة، وبين مبادرة أنصار الله والرد السعودي الإيجابي تجدر الإشارة إلى التالي:
أوّلاً: اعتادت السعودية مع كل أفول ميداني على اللجوء لطاولة المفاوضات، هذا ما حصل في الكويت وسلطنة عمان والسويد، لكن اللجوء السعودي لخيار المفاوضات كان ذا جناحين، الأول هو الهروب من الضغط الدولي، والثاني للحصول على مكاسب عبر المفاوضات التي فشل في تحقيقها عبر الميدان.
اليوم إذا كانت السعودية تسعى لهذا الخيار فهو مضيعة للوقت، والحل لن يكون إلا عبر حوار يمني بعيد عن التدخلات الخارجيّة.
ثانياً: تدرك السعودية جدياًّ أن الأوضاع لا تسمح باستمرار العدوان لذلك لم يعد أمامها سوى خيار التفاوض، فقد قال مصدر عسكري كبير في اليمن مقرّب من أنصار الله إن السعودية “فتحت اتصالاً” مع مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين عبر طرف ثالث لكن لم يتم التوصل لاتفاق.
وأضاف المصدر إن هذا العرض تضمّن وقفاً جزئياً لإطلاق النار في مناطق محددة.
وقال مصدران دبلوماسيان والمصدر المطلع أيضاً إن وقف إطلاق النار الجزئي مطروح على الطاولة، لكن اليمنيين قالوا إن الاتفاق الجزئي غير مقبول.
وقال وزير الإعلام في حكومة صنعاء: إن المطلوب هو الوقف الكامل للغارات الجوية في جميع أنحاء اليمن ووضع حدّ لحصار الشعب اليمني.
ثالثاً: يرى الأمير محمد بن سلمان صعوبةً في الإقرار بهزيمته وهو الذي اعتاد على الهروب من فشل إلى فشل آخر، لذلك، لا نستبعد أن يشتغل الأمير خالد بن سلمان، وزارة الدفاع والحرب على اليمن، للحصول على ترقية واستلام الوزارة بدلاً عن أخيه.
حينها، يصدر الملك السعودية أمراً بتكليف الأمير خالد بوزارة الدفاع نظراً لجهود السلام التي قام بها، أي وقف العدوان، وبالتالي تلافي إظهار الأمير محمد بن سلمان كرجل مهزوم، بل تحويل “الحرب على اليمن” من تهديد لمحمد بن سلمان، إلى فرصة للأمير خالد بن سلمان، وبالتالي إحكام آل سلمان قبضتهم على الحكم في السعودية.
رابعاً: يقول دبلوماسي أوروبي “يريد الأمير محمد بن سلمان الخروج من اليمن، لذا علينا أن نجد سبيلاً له للخروج مع حفظ ماء الوجه”، وأنصار الله لا تبحث عن انتصار وهمي في كسر محمد بن سلمان أكثر، بل تبحث عن الانتصار الحقيقي في وقف العدوان على البلاد ووقف هدر دماء الشعب اليمني، لذلك عمدت سريعاً إلى تقديم مبادرة السلام، وقبلها ترفّعت عن عرض مشاهد عملية “نصر من الله” كاملة.
فشل ابن سلمان عسكرياً في اليمن، تماماً كما فشل اقتصادياً في الداخل السعودي، والخيار الوحيد اليوم هو وقف العدوان، وسواء أكانت “التخريجة” بطلب من الرئيس المستقيل والمنتهية ولايته لوقف العدوان، أو حتى بمبادرة من الأمير خالد بن سلمان لترقيته إلى وزارة الدفاع، فهذا أمر يخص السعوديين أما ما يهمّ اليمنيين اليوم فهو وقف العدوان لا أكثر.
المصدر : الوقت التحليلي