بقلم: ايميلي جافويل
حادثة نادرة على شاشة التلفزيون. قام برنامج“Envoyé spécial” بعرض فيلم وثائقي حول الحرب في اليمن وعواقبها وتأثيرها على السكان المدنيين وبصورة خاصة الأطفال.
يعد هذا الفيلم بمثابة شهادة نادرة حول الصراع المنسي الذي تم تسليط الضوء عليه يوم الخميس 8 فبراير على قناة فرنسا 2.
أودت الحرب في اليمن بحياة أكثر من 10 الف قتيل معظمهم من المدنيين، كما تسببت في الرمي ب 7 مليون شخص على شفا المجاعة ويعادل هذا الرقم ربع عدد السكان اليمنيين، ناهيك عن أن هناك مليون شخص تعرضوا للإصابة بوباء الكوليرا جراء عمليات الخراب التي تسبب فيها القصف شبه اليومي، بالإضافة إلى الحصار المفروض من قبل المملكة العربية السعودية.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة أن هذا البلد الذي يعد ضمن أشد البلدان فقراً في العالم يشهد اليوم “أسوأ أزمة انسانية في العالم”.
وبالتالي فإن هذا البلد الذي يقع جنوب شبه الجزيرة العربية يقاسي ويلات الحرب منذ أواخر مارس 2015، حيث تم تشكيل اليمن في العام 1990 عن طريق توحيد شطريها الجنوبي والشمالي.
إندلعت الحرب في اليمن على خلفية صراع يدور بين جماعة الحوثي التي تتلقى الدعم من ايران والتي تمكنت من بسط سيطرتها على المناطق الشمالية والعاصمة صنعاء، وبين السلطة الرسمية التي تتخذ من المناطق الجنوبية مقراً لها وتتلقى الدعم من الممكلة العربية السعودية، قوات التحالف العربية السنية والدول الغربية مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي ظل هذه الحرب، وجد تنظيم القاعدة والجماعات الجهادية الأخرى موطئ قدم في هذا البلد، فقد استغلت هذه الجماعات الإنقسامات، الفساد والخراب الشامل في البلد وقامت بتوطيد جذورها في المنطقة.
الجانب الجميل للأطفال
اختصرت الصحفية اليز لوسيت الحرب في اليمن بأنها “حرب بلا صوت ولا وجه” وذلك خلال قيام برنامج“Envoyé spécial” بنشر- وهو امر نادر الحدوث- فيلم وثائقي يتحدث عن الصراع في اليمن والذي سلط الضوء بصورة حصرية على صوت ووجوة 3 أطفال يعيشون الصراع بشكل يومي.
تعود هذه الفكرة للمخرجة خديجة السلامي التي يتم تقديمها في الغالب بأنها أول مخرجة يمنية والتي وقعت على الفيلم الذي تم نشره من قبل قناة فرنسا 2.
في الواقع أن هذا الفيلم هو عبارة عن نسخة قصيرة للفيلم الذي قامت خديجة بإخراجه في بلدها الأصلي وذلك في ربيع عام 2017 المنصرم، حيث منحت الأطفال فرصة الحديث أمام الكاميرا وتصوير الفيلم بأنفسهم.
أوضحت رئيسة تحرير المجلة فيرونيك دي فيغري أنه “منذ ثلاثة أعوام وبالتحديد منذ بدء الحرب ونحن نسعى إلى ايجاد فريق من الصحفيين في اليمن ولكن دون جدوى..”.
حيث أكدت فيرونيك على الصعوبات الكبيرة التي واجهتها عندما ذهبت هي وشقيقتها مانون كيرويل برونيل إلى اليمن من أجل توثيق الآثار المدنية للحرب والقصف وبالأخص في المناطق الشمالية، إذ أن التقرير الذي قامت بإعداده تم نشره في مجلة “باريس ماتش”.
على الرغم من زيارتها للعديد من المناطق الأكثر تقلباً في العالم مثل افغانستان ونيجيريا، تحدثت فيرونيك عن الصعوبات التي واجهتها عند زيارتها لليمن حيث قالت: ” لم أواجه مطلقاً هذا الكم من الصعوبات، فمن أجل الذهاب إلى مكان ما، كان يتوجب عليا إتمام العديد من الإجراءات الإدارية، واعتقد أن الذهاب إلى كوريا الشمالية أسهل بكثير من ذلك”.
نتيجة لذلك، بات من الصعب على الصحفيين الوصول إلى هذا البلد الأمر الذي جعل من اليمن مسرحاً لحرب دموية تدور خلف أبواب مغلقة، وصراع غير مرئي، غير معروف وسيئ للغاية حسب تعبيرها.
يكمن الإهتمام الأساسي للمخرجة خديجة السلامي في عرض ونقل معاناة بلدها والواقع القاسي للحرب، فقد تخلت عن كونها فنانه وانتقلت لتصبح مسلحة، حيث قالت “كاميرتي هي سلاحي، اولوياتي هي الرسالة وليس الشكل”، حيث أن جميع افلامها السينمائية تعكس صراعاتها لا سيما الصراع ضد الزواج المبكر الذي ترجمته في فيلم بعنوان (أنا نجوم، بنت العاشرة ومطلقة)، بالإضافة إلى قضية تحرير المرأة في العالم التي تبنتها في فيلم أخرجته بعنوان (نساء اليمن).
هناك رسالة أخرى أوصلتها في فيلمها بعنوان (اليمن: الأطفال والحرب) الذي يتم روايته من قبل أصغر الأبطال سناً، وقد اطلقت في هذا الفيلم نداء لجميع الدول الأوروبية بوقف بيع الأسلحة للمملكة العربية السعودية وهو البلد المجاور لليمن والمسئول عن جميع عمليات القصف التي تطال البلد كما انها تسيطر على جميع مداخل ومخارج البلد.
استنكرت خديجة أنه “حتى في اوساط الإتحاد الأوروبي، فإن قوة الضغط والتأثير السعودي هائلة جداً”، كما نوهت إلى الأبعاد الإقتصادية للحرب، وإلى الملايين التي حصدتها البلدان التي تقوم ببيع الأسلحة- من ضمنها فرنسا والمملكة المتحدة- هذا وقد أشادت بالقرار الأخير الذي اتخذته المانيا لوقف هذه المبيعات.
بالنسبة للبقية، فإن التصور الجغرافي السياسي غائبا في التقرير وهو امر ثابت في سياق الشهادة.
تشير الصحفية اليز لوسيت إلى أن “خديجة السلمي تأتي على خشبة المسرح لتعرض فيلمها الذي سعت إلى تصوير الحرب من خلال نظرات الأطفال، بيد أننا لا نريد السقوط في الجغرافيا السياسية المبسطة فالوضع معقد للغاية بضع دقائق لتسليط الضوء عليه. حيث يفترض بأننا مجلة تعرض شهادة انسانية”.
(صحيفة “تيليراما” الفرنسية، ترجمة: شاميه الحيدري – سبأ)