تقرير: وكالة الصحافة اليمنية//
مشاهد باتت بحكم الاعتيادية والمباحة بعد أن كانت تصنف ضمن المحرمات التي يعاقب عليها الشرع والقانون معاً، هذا هو الحال في السعودية التي تسير بشكل سريع بعد دخولها عبر بوابة الترفيه، وبعبارة أخرى “الانفلات”، على الطريق المعاكس لاتجاه القيم والعادات المتوارثة التي عرفها المجتمع السعودي.
لا يمكن اليوم إحصاء الحالات المخالفة التي تمارس هنا وهناك في مدن المملكة لكثرتها، وهو ما يؤكده الاستياء الشعبي، وعبر مواقع التواصل يمكن قياس مستوى هذا الاستياء مع بروز حالات جديدة مخالفة للقيم السعودية.
في بحث سريع أجراه “الخليج أونلاين” تبين أن أبرز الحالات الجديدة التي نالت انتقاداً لدى المجتمع السعودي، مؤخراً، كانت ترويج ممثلة سعودية لبار (ملهى ليلي) ومشروبات كحولية في الرياض.
فالممثلة السعودية ريماس منصور، نشرت مقطعاً مصوّراً عبر حسابها على موقع “تويتر” من داخل أحد الملاهي الليلية في العاصمة السعودية الرياض.
وأثار الفيديو جدلاً واسعاً بعدما استعرضت منصور “باراً حلالاً” جديداً في الرياض داخل أحد المطاعم الفارهة.
وأظهر مقطع الفيديو الذي انتشر على نطاق واسع الممثلة السعودية وهي تصور البار من الداخل وتمدح القائمين عليه، فضلاً عن أنها صورت العامل وهو يسكب شراب شبيه بالمشروبات الكحولية، بذات الطريقة المشهورة بسكب المشروبات الكحولية، وعلّقت ريماس بأنه “واين حلال”، مشيدة بالمشروبات “الحلال” العديدة التي يقدمها هذا البار.
من المقاطع الأكثر غرابة على المجتمع السعودي، التي تداولها أيضاً ناشطون، كان فيديو يظهر رجلاً يسير في كورنيش جدة.
وما أثار الاستغراب أن هذا المشهد الذي كان يعاقب عليه القانون لمخالفته الذوق العام، واعتباره لباساً يظهر العورة؛ ما يدخل ضمن المظاهر المخالف للشرع، أصبح اعتيادياً في وقت يفرض فيه قانون الذوق العام عقوبة على من يرتدي الجلباب الرجالي المصنف بأنه جلباب النوم، على الرغم من أنه ثوب طويل.
وأيضاً مما لفت النظر مؤخراً من بين صور الانفتاح والاختلاف عن صورة المملكة المعروفة، فيديو ترويجي عن الشواذ والإلحاد في المملكة.
حيث نشر حساب الإدارة العامة لمكافحة التطرف التابعة لأمن رئاسة الدولة السعودية مقطعاً ترويجياً اعتبر الحركة النسوية والمناداة بحقوق المثليين والإلحاد بأنها “أفكار متطرفة”، تتساوى داخل الإطار ذاته مع الفكر “التكفيري” الذي يدعو إلى التشدد.
وتابعت الإدارة عبر حسابها: “يعد التطرف بكافة أشكاله آفة مجتمعية من المهم الحذر والتحذير منها. فهناك من يتشدد لمسائل بعينها، وهناك من يتحلل من تعاليم الدين وقيم المجتمع، وفريق ثالث يغالي في ولائه للجهة التي ينتمي إليها على حساب الدين والوطن”.
الضجة الكبيرة التي أثارها الفيديو الترويجي جعلت رئاسة أمن الدولة تحذف التغريدة التي احتوت على الفيديو من حساب الإدارة العامة لمكافحة التطرف التابعة لرئاسة أمن الدولة في “تويتر”.
التغييرات السريعة على عادات المجتمع السعودي، والمخالفة لآراء وفتاوى مشايخها، تستمر لتكون مثار حديث وسائل الإعلام العالمية، آخرها جاء على صفحات وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية.
وسلطت بلومبيرغ في تقرير لها الضوء على التغيّر الاجتماعي الذي تشهده السعودية في ظل سياسات ولي العهد، محمد بن سلمان، التي “تقوم على إلغاء هيمنة التدين على الحياة العامة”، مشيرة إلى أن آثارها بدت واضحة لدى شباب وشابات معرض “الظهران إكسبو” بالدمام.
وذكر تقرير الوكالة الأمريكية أن الحياة في السعودية اليوم “هي عما يمكنك فعله وليس ما هو محرم عليك”.
ووصف التقرير مشاهد مشاركات الشباب والبنات بأنها “ثورة” تنقل السعودية إلى العالم الحديث؛ على أثر تعهد “بن سلمان” بالقضاء على المتشددين “اليوم وحالاً” بعد عقود من علاقة التحالف بين آل سعود وآل الشيخ، أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
بدعة اليوم هي انتقاد الدولة لا المسجد!
وتابع التقرير: “ففي سنوات مضت، كان على منظمي إكسبو الظهران الفصل بين الرجال والنساء، وكان على الشرطة الدينية (المطاوعة) أن تمنع المرأة من الكشف عن وجهها أو أي جزء من جسدها، وفي عام 2016 منع كاتب كويتي في معرض كتاب الرياض؛ لأن “غمازة في وجهه تجعله مغرياً عندما يضحك”.
واليوم اختفى “المطاوعة” ولا يمكن رؤية أحدهم في أي مكان، وحل محلهم جيل يدفعه الحس الوطني أكثر من الديني، بحسب التقرير.
وكالة بلومبيرغ أكدت وجود فرق كبير بين الجو بالسعودية بالأمس واليوم؛ حيث يشهد انفتاحاً من دور السينما إلى النشاطات في متنزه الملك عبد الله في الرياض، إلى قاعات الشيشة في جدة، حيث بدأ رجال الأعمال يستثمرون الجو المنفتح أو التسامح.
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أحاديث يتداولها السعوديون عن رفع الحظر عن بيع الخمور، الذي قد يتزامن مع استضافة المملكة لقمة العشرين العام المقبل، وعلقت على ذلك بأن “البدعة في السعودية اليوم هي أن تنتقد الدولة لا المسجد”.
دعم بن سلمان
المسؤول الاقتصادي لبلومبيرغ في الشرق الأوسط، زياد داوُد، قال إن بن سلمان لا يمنح المحافظين فرصة الرد على التغيير الاجتماعي الذي يقوده.
وأضاف أنه منذ إعلان بن سلمان رؤية 2030 الطامحة لإبعاد السعودية عن النفط وفتح سوق العمل أمام المرأة، والسماح بقطاعات كانت ممنوعة مثل الترفيه والسياحة، بالإضافة لتحضير السعوديين أكاديمياً في بلد تأثر فيه التعليم بالدين، هناك ملامح للنمو في المجال غير النفطي في الربع الأخير من العام، وهو الأعلى منذ 4 أعوام.
وأشار التقرير إلى أن “السعودية اليوم باتت تسمع صوت الروك والجاز وأغاني البوب التركية، لا الصمت الذي فرضه المطاوعة، وسط مشاهد لنساء بالعباءات على دراجاتهن الهوائية يظهر من تحتها الجينز، ومعجبين ومعجبات سعوديات يصرخن في حفلات ماريا كيري وفرقة “بي تي إس” الكورية والنجوم العرب في منتزه الملك عبد الله”.
(المصدر: الخليج أون لاين)