وكالة الصحافة اليمنية//
نشر موقع ” World Politics review” (WPR) تقريرا بعنوان “هجوم الإمارات على اليمن مهّد الطريق لانفصال الجنوب” جاء فيه:
منذ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في عام 1990م، كان هناك اعتقاد مشترك بين الدبلوماسيين الأجانب والمسؤولين الحكوميين اليمنيين يقوم على إن الانفصاليين الجنوبيين يعانون من تدهور وفوضى، وحتى في بعض القضايا السياسية، لكنهم يفتقرون إلى أي موقف سياسي أو استراتيجي حقيقي، رغم أصواتهم الصاخبة.
غير أن الحرب الدائرة في اليمن غيرت كل هذا حتى أن عددا من الانفصاليين الذين يكافحون الآن من أجل تأسيس بلد لأنفسهم في وسط هذه الفوضى. و في يناير الماضي، كشفت الإشتباكات في مدينة عدن، التي كانت مقر الرئيس المستقيل والهارب منصور هادي منذ عام 2014م، عن المكانة غير المستقرة للرئيس اليمني المستقيل، فضلا عن مستقبله المجهول.
وأكد التقرير على أن رئيس جمهورية اليمن المستقيل المقيم حاليا في الرياض، وفر دعما قانونيا وسياسيا لتدخل السعوديين في اليمن، وقد هاجم السعوديون اليمن في مارس 2015م بناء على طلب عسكري رسمي من منصور هادي. وفي أعقاب ذلك، حث مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بإصدار القرار 2216، الحوثيين على تسليم صنعاء والأسلحة التي حصلوا عليها كغنيمة، إلى منصور هادي. وفي هذا القرار، تمت مخاطبة منصور هادي، على انه الرئيس الشرعي لليمن، وهو ما يركز عليه السعوديون وحكومة منصور هادي، ومن وجهة نظرهم، تم اعتبار منصور هادي وحكومته بأنهما الممثل القانوني لجمهورية اليمن حتى إشعار آخر، وأكدوا على ضرورة تواجدهما في أي توافق سياسي.
و لكن إذا كان منصور هادي غير شرعي، فما سيكون موقف الحكومة السعودية ؟
في 22 يناير الماضي، أعلن رئيس ما يعرف بـ” المجلس الانتقالي الجنوبي” أو الحاكم السابق لعدن، “عيدروس الزبيدي” في إشارة الى الفساد المتفشي في المدينة، عن إعلان حالة الطوارئ، وهدد بأنه إذا لم يتم عزل منصور هادي و تغيير “أحمد عبيد بن دغر”، ستطيح قواته بالحكومة في غضون سبعة أيام.
و يُعتبر الزبيدي، الحليف الرئيسي لدولة الإمارات العربية المتحدة، والشريك الرئيسي للتحالف السعودي، وتم تدريب وتسليح قواته بشكل شبه تام من قبل الإماراتيين، وهم متواجدون في معظم المدن الجنوبية إلى جانب وحدات الشرطة والميليشيات المحلية.
وكان الزبيدي قد شكّل بعد إقالته من قبل منصور هادي في ابريل 2017م، “جمعية” تتكون من مجموعة من الشخصيات السياسية والأمنية البارزة في جنوب اليمن استعدادا لانفصال الجنوب، وعلى الرغم من أن الجمعية لم تحظى بأي اعتراف دولي، إلا أنه كان يعتبرها بثقل “حكومة هادي”.
و بعد ستة أيام من تحذير الزبيدي، وقعت اشتباكات بين الحرس الرئاسي التابع لمنصور هادي و الجماعات المسلحة التابعة لـ “جمعية الانفصاليين”، و في غضون 48 ساعة اصبحت اليد العليا للانفصاليين حيث حاصروا قصر رئاسة الجمهورية في جنوب مدينة عدن، وهو مقر بن دغر وكابينته، ومن ثم تم فك الحصار بعد تدخل الإمارات و السعودية.
و منذ ذلك الحين، هيمن وقف إطلاق نار هش على عدن، و وُضع بن دغر تحت الإقامة الجبرية، و واصلت الجمعية الانفصالية الجنوبية التأكيد على أن منصور هادي ليس الرئيس الشرعي لليمن في الوقت الذي كان الأخير يعتبر الاشتباكات بأنها محاولة انقلاب على حكومته الشرعية.
أولويات مختلفة
إن حراس رئاسة الجمهورية (حكومة هادي غير الشرعية)، الذين يقاتلون مع القوات الانفصالية (المدعومة اماراتياً)، هي قوات لها خبرة ومدعومة من قبل السعوديين، و بالتالي، يعتقد بعض اليمنيين أن الفجوة الحاصلة بين الرياض و أبو ظبي “حلفاء الحرب ضد الحوثيين”، تعود الى اختلاف الأولويات والاستراتيجيات المتحيزة والضعيفة.
عندما قادت السعودية ائتلافا عسكريا مكونا من 17 دولة، بما فيها دولة الإمارات، للحرب على اليمن، كان القادة الإماراتيون يُشككون في توقعات السعودية بقمع الحوثيين في وقت قياسي، وبعد أن تبين أن الانتصار بعيد عن التحقيق، وان السعوديين لا يعلمون الكثير عن الأوضاع الميدانية في جبهتي الصراع، أرسلت الرياض مجموعة صغيرة من القوات الإماراتية الخاصة الى عدن لتقييم الأوضاع.
و بمجرد أن أظهر الإماراتيون أنفسهم كقوة عسكرية مؤثرة امام واشنطن، قام الناشطون الإماراتيون، بمساعدة القوات المحلية، وانسحاب الحوثيين من عدن وبعض المناطق الجنوبية، وكان تنظيم القاعدة قد استولى على المكلا في الأيام الأولى من عدوان الائتلاف العربي، وفي كلتا الحالتين، كانت هناك اختلافات في مسار المفاوضات من أجلها، ولم يتحقق النصر العسكري الكامل كما كان من المفترض.
و منذ ذلك الحين، قامت القوات الجنوبية المدربة والمجهزة من قبل الإمارات، بدور رئيسي في السيطرة على الأراضي الجنوبية، كما اتخذت الوحدات العسكرية تحت قيادة الإمارات مسار تدريجي نحو الساحل اليمني الغربي في محاولة منهم لانتزاع ميناء الحديدة الاستراتيجي.
و تزداد خيبة أمل الإمارات تجاه منصور هادي كل يوم، إذ أنه فشل في إضفاء الشرعية لحكومته في المناطق التي تم الاستيلاء عليها رغم تلقيه الدعم الأجنبي، و الأهم من ذلك، تعتقد الامارات أن رئيس الجمهورية المستقيل تحالف مع حزب الإصلاح، وهو حزب إسلامي سني تابع لجماعة الإخوان المسلمين.
وفي أبريل 2016، عين منصور هادي “علي محسن الأحمر”، القائد العسكري والحليف الشهير لحزب الإصلاح كنائب جديد له وقائد للقوات المسلحة في اليمن. الأمر الذي جعل المسؤولون الإماراتيون يعتقدون بأن منصور هادي يشكل عقبة أمام السلام لأنه يستفيد من استمرار الحرب و يعرف أن أي اتفاق سلام سيؤدي بالتأكيد إلى الإطاحة به.
و بالتالي، فإن هذه المواجهة أظهرت مرة أخرى وبشكل واضح عدم استقرار شرعية منصور هادي، و مع اقتراب الحرب، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن الرئيس، المعترف به من قبل المجتمع الدولي، لا يمتلك داعم قوي، و إذا تم التوصل إلى اتفاق سلام لصالح الإماراتيين و السعوديين، فهم أكثر من غيرهم استعدادا للتخلي عنه. كما يدين منصور هادي نفوذه لمنصبه الرسمي، الذي سمح له باختيار المسؤولين اليمنيين، وأنه يستطيع أن يقول بصوت واضح و بصوت عال، لا، عند الضرورة.
وذكر في التقرير أنه في عام 2016م، عندما ظنّ منصور هادي أن الحوثيين و السعوديين عقدوا صفقة معا، قام بسحب فريق التفاوض الخاص به من محادثات السلام في الكويت، ولذلك فإن تعيين شخصية مثل علي محسن الأحمر و الإطاحة بحليف الإمارات خالد بحاح، من منصب نائب رئيس الجمهورية، يدل على أن منصور هادي لا يزال سياسيا بارزا، و أن بقاءه رئيسا للجمهورية، غير مفهوم لدى الاماراتيين. فعلي محسن الأحمر، مهندس استراتيجي مُنتصر في الحرب الأهلية بين شمال و جنوب اليمن في عام 1994م، هو شخصية غير مقبولة أيضا في الجنوب.
ورأى الموقع في تقريره إنه من المستحيل عزل هادي دون القضاء على شرعية عدوان السعودية والإمارات، بالرغم من أن قبضة منصور هادي على السلطة في اليمن ضعيفة، و إلى اليوم، فقد قيل بحق ان الانفصاليين الجنوبيين هم الوحيدون القادرون على المضي قدما أكثر و لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو الى متى بإمكانهم الانتظار؟.