المصدر الأول لاخبار اليمن

هل تمتلك بريطانيا دافعا أخلاقيا للعب دور سياسي في اليمن؟

وكالة الصحافة اليمنية:
بالتوازي مع تعيين مبعوث أممي جديد إلى اليمن، هو البريطاني مارتن غريفيث، الذي بدأ مزاولة عمله مطلع شهر آذار/ مارس الحالي، شهدت المنطقة تحركا نشطا للدبلوماسية البريطانية، أوحى بأن لندن تجري مفاوضات وراء الكواليس بين الأطراف المتنازعة.
الحراك الذي تقوده بريطانيا أصبح ملموسا، عبر اتصالات أجرتها الدبلوماسية البريطانية مع هذه الأطراف، مستفيدة من العاصمة العمانية مسقط كمنصة لإيصال رسائلها، الهادفة إلى الإمساك بخيوط اللعبة التفاوضية، لكن محاولاتها الرامية إلى ممارسة تأثير أكبر في منطقة الخليج لم تصل بعد لدرجة منحها تفويضاً من القوى الفاعلة والمؤثرة، سواءً في صنعاء أو الرياض أو واشنطن، لعدم امتلاك المملكة المتحدة الدافع الأخلاقي والمعنوي الذي يؤهلها لقيادة المفاوضات والبحث عن مخارج سياسية ترضي كل الأطراف، باعتبارها إحدى الدول المشاركة والفاعلة في الحرب على اليمن، ليس فقط من خلال تزويد النظام السعودي بالأسلحة والذخائر التي زاد معدل توريدها عمّا كان عليه قبيل الحرب بنسبة 41% (بلغ ميزان الصفقات التسليحية في الأعوام الثلاثة الماضية أكثر من 6 مليارات جنيه استرليني)، بل من خلال مشاركة خبراء وفنيين من شركات خاصة مرخصة من الحكومة البريطانية في عمليات «التحالف»، وكذلك التبنّي الكامل للموقف السعودي في المحافل الدولية.
في المقابل، لا يبدو أن واشنطن، صاحبة الكلمة الفصل في العدوان، قد وصلت إلى اقتناع بتوافر موجبات وقف الحرب، والتي تعني بالدرجة الأولى تحقق الأهداف التي من أجلها شنت هذه الحرب، وفي هذا السياق، يرى مطّلعون على سير الحراك السياسي أن الولايات المتحدة لا تولي العمل على الحل السياسي أي اهتمام، وهي تغلق نوافذ الحوار التي يمكن أن تؤدي إلى تفاهمات مشتركة سواء بين الأطراف اليمنية أو بين اليمن والسعودية، بل انهم يؤكدون أن كل ما يعني الإدارة الأميركية في اليمن حاليا هو ما تعتبره خطوطها الحمراء على المستوى الاستراتيجي، والعمود الفقري في نهجها المحدد لخطواتها المقبلة، والمتمثل في وقف إطلاق الصواريخ البالستية على الرياض (مع العلم بأن صاروخين فقط استهدفا الرياض إلى الآن بحسب ما أعلنته السعودية)، وضمان سلامة باب المندب والبحر الأحمر وأمنهما.
وعلى هامش ما تقدم، تسعى الولايات المتحدة دائماً إلى تحقيق هدف جانبي، هو التملص من تبعات الوضع الإنساني الكارثي الناجم عن الحرب والحصار، وإزاحة تبعاته عنها وعن حليفتها السعودية.
وبالعودة إلى الدور البريطاني، فالملاحظ أن دبلوماسية المملكة المتحدة ترسل إشارات إيجابية إلى صنعاء، في محاولة لإفهامها أنها غير راضية عن العروض التي قُدّمت إلى «أنصار الله» في السابق، والتي حالت دون نجاح المفاوضات، وأن لندن تعترف بالحركة كمكوّن من مكوّنات الشعب اليمني، مستحقّ للعب دور في البلاد بما يتناسب مع حجمه التمثيلي. غير أن البريطانيين، في الوقت الذي كانوا فيه يبعثون برسائل تودّد إلى صنعاء، كان مندوبهم في الأمم المتحدة يرفع مشروع قرار متشدّد ومنحاز إلى مجلس الأمن  وفيما أسقط «فيتو» روسي الأسبوع الماضي مشروع القرار البريطاني، تبنّت لندن موقف واشنطن من الموضوع، من خلال تشديد المندوب البريطاني في الأمم المتحدة، ماثيو رايكروفت، على عدم تجاهل بلاده خطر “الصواريخ البالستية التي تُطلق من اليمن على السعودية” باتجاه تجمعات ومرتزقة السعودية .والتي قالت دول العدوان ان الدفاع عن النفس حق مشروع كفلته الشرائع السماوية و سنن البشر
صنعاء تدرك أنه لا انفكاك بين لندن وكلّ من الرياض وأبو ظبي بقيادة واشنطن، وأن تلك العواصم الأربع تقود بشكل مشترك الدفة السياسية والعسكرية في ما يسمى «الرباعية اليمنية» التي تجتمع شهرياً لتحديد السياسات المتعلقة بالحرب على اليمن، وأن محرك بريطانيا الأساسي هو شعورها بتآكل دورها في عهد دونالد ترامب، الذي تتفرد إدارته بكل الملفات الخارجية من دون الأخذ بعين الاعتبار وجهة نظر الحلفاء، بما فيهم المملكة المتحدة.
كذلك، تسعى لندن إلى التحلل من الضغوط المتزايدة على دورها في الحرب على اليمن، والظهور بمظهر الحريص على حقوق الإنسان في اليمن، بعد ارتفاع منسوب الاحتجاج على تورطها في جرائم الحرب المرتكبة في هذا البلد.
قد يعجبك ايضا