لقد خطا ولي العهد السعودي الشاب الأمير محمد بن سلمان أولى خطوات الإصلاح في المملكة العربية السعودية منذ عام 2016. وكانت نقطة بداية هذه الإصلاحات في وثيقة رؤية 2030. ووفقاً للوثيقة، ينبغي تقليل الاعتماد الاقتصادي السعودي على النفط وإجراء بعض الإصلاحات في المجال الاجتماعي. في الواقع، توجد في المجال الاجتماعي، ثلاث قضايا هي المرأة والشباب والإسلام وهم قلب إصلاحات ابن سلمان.
في مجال المرأة، قام ابن سلمان، في الأشهر الأخيرة، بإزالة العديد من العوائق التي تحول دون مشاركة المرأة في المجتمع. ويرى الشباب السعودي في هذه الإصلاحات، قيوداً أقل من ذي قبل عليهم في المجتمع، وعلى نحو ما، يعتبرون محمد بن سلمان مصلحاً نوعاً ما. بالطبع، هناك تحليلات مختلفة حول أسباب هذه الإصلاحات ورؤيتها.
لا يزال بعض الخبراء يعتبرون هذه الإصلاحات مجرد مسرحية من قبل ولي العهد السعودي الهدف منها الحصول على الشرعية لنيل منصب الملكية قبل وفاة الأب لأن هذا الاتجاه الذي حظي بالكثير من الدعم بين الشباب السعودي، في حين يشكّل أكثر من 70% من المجتمع السعودي، أشخاصاً تقل أعمارهم عن 30 عاماً.
لكن إصلاحات ابن سلمان في مجال الدين أكثر أهمية. ولقد صرّح ابن سلمان مراراً وتكراراً بأنه يسعى إلى أن يهيمن الإسلام المعتدل على المملكة العربية السعودية، وزعم – مع الأخذ بعين الاعتبار نظرة الإسلاميين الداخليين تجاه الإصلاحات – أن الدين الإسلامي “قابل للتكيف” وسيكون ملازماً له في إجراءاته. ويمكن النظر في هذه القضية من زاويتين:
نسبة تمسك آل سعود بالإسلام
إن دراسة تاريخ آل سعود يبين حقيقة أن هذه العائلة لم تلتزم أبداً بتعاليم الإسلام وأحكامه ولم تستفد من الدين إلا كوسيلة لتعزيز مصالحها وخططها.
بالطبع، لطالما قدّم آل سعود أنفسهم كمنفذين للشريعة الإسلامية، لكن السلوك والسياسات السعودية تعارض تماماً هذا الادعاء. على سبيل المثال، في الأربعينيات من القرن العشرين، تفاوض الملك عبد العزيز، مؤسس المملكة العربية السعودية، مع السلطات الأمريكية حول تأسيس الكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية وقد توصل نوعاً ما إلى اتفاق معهم ووافق على مشروعهم رغم ادعاءه بأنه حامي الإسلام والمسلمين.
بالإضافة إلى ذلك وعلى مدى العقود التالية، انحرفت السياسات السعودية بشكل كامل عن الإسلام، وفي الوقت الراهن نرى وجود تقارب كبير بين السعودية وإسرائيل. وحتى في أبريل 1802، قام جيش سعود بن محمد (جد عبد العزيز) بالهجوم على مدينة كربلاء المقدسة وقتلوا 4000 مسلم شيعي ونهبوا مزارات ومقدسات هذه المدينة، بما في ذلك ضريح الإمام الحسين (ع)، حفيد الرسول الأكرم (ص).
وقد تحدّث الكاتب والصحفي الأمريكي نيكولاس كريستوف في مقال نشر في صحيفة نيويورك تايمز في عام 2017 عن دور السعودية في انتشار الفوضى وتشويه صورة الإسلام في جميع أنحاء العالم، ووصف الزعماء السعوديين أنهم كانوا عاملاً مهماً في تضرّر الإسلام حتى أكثر من “ترامب” أو “كروز” المرشحَين الجمهوريين لرئاسة الجمهورية في أمريكا.
هذه القضايا كلها مؤشرات لمعرفة مدى التزام الملوك السعوديين بالإسلام. لذلك، في ظل الظروف الحالية، لا يمكن أن تؤخذ على محمل الجد مطالبة الأمير السعودي الشاب بالعودة إلى الإسلام الحقيقي. لكن بدون شك، سيكون لهذه الخطة أيضاً تبعات طويلة المدى بالنسبة له.