من هو مستشار بن زايد المدان بتهمة التحرش الجنسي.. وما علاقته بولي العهد السعودي؟
تقرير: وكالة الصحافة اليمنية//
عاد إلى الواجهة اسم جورج نادر، رجل الأعمال الأمريكي اللبناني الملقب بـ”رجل الظل” و”مخزن الأسرار”، و”الخبير بسياسات الشرق الأوسط”، وصاحب الجعبة المليئة بالتهم السياسية والجنائية، والتي كان آخرها التحرش بالأطفال.
ولنادر شبكة علاقات واسعة مع أنظمة سياسية في الشرق الأوسط؛ من أبرزها الإمارات والسعودية و”إسرائيل”، بالإضافة لعلاقاته داخل الولايات المتحدة الأمريكية مع جماعات الضغط وأروقة الكونغرس والبيت الأبيض.
ولكن كيف انتهى الحال بهذه الشخصية التي لها كل تلك العلاقات في السجون الأمريكية؛ في حكم بالإعدام على مستقبله المهني المرتبط بالسياسة والعلاقات الدولية وخفاياها؟.
اتهامات مبكرة
بعد اعتقال نادر بنحو عام، في مطار جون إف كينيدي الدولي، بمدينة نيويورك، بتهمة “نقل صور مرئية للقُصَّر الذين يمارسون سلوكاً جنسياً صريحاً”، أصدرت محكمة فيدرالية في ولاية فرجينيا، 27 يونيو 2020، حكماً بالسجن 10 سنوات على نادر بتهمة الاستغلال الجنسي للأطفال.
وصدر الحكم القضائي بعد عقد صفقة مع نادر قضت باعترافه بحيازة مواد إباحية لأطفال والسفر مع طفل من جمهورية التشيك إلى الولايات المتحدة واستغلاله جنسياً.
والصفقة التي حصل عليها نادر من المدعين العامين هي اعترافه بالجريمة، ودفعه مبلغ 150 ألف دولار تعويضاً للصبي التشيكي الذي أساء معاملته وأصبح بالغاً الآن.
وبعيد نطق الحكم قال: “إني فخور للغاية بحياتي المهنية والعمل الذي أنجزته للولايات المتحدة، لكني بصدق آسف بشدة على الألم والمعاناة التي سببتها”، بحسب صحيفة “واشنطن بوست”.
وذكرت الصحيفة أن القاضي الأمريكي كانت له حرية إصدار عقوبة أكبر، لا سيما أن الاستغلال الجنسي للأطفال تصل عقوبته في قوانين الولايات المتحدة إلى السجن لمدة 30 عاماً.
وكان نادر قد اعتقل في يونيو 2019، استناداً إلى لائحة اتهام مختومةٍ عُمرها 13 شهراً، وبيَّنت وزارة العدل أن نادر كانت لديه صور جنسية صريحة لأطفال على هاتفه الجوال عندما دخل الولايات المتحدة برحلة سابقة، في 17 يناير 2018.
وكان قُبض على نادر في الولايات المتحدة في العام 1985؛ لاستيراده مواد إباحية للأطفال من هولندا، لكنَّ التُّهم أُسقطت على أساس فني.
وفي عام 1991، وُجِّهت إليه تهم أخرى وحُكم عليه بالسجن ستة أشهر، وكانت سجلات هذه القضية مختومة؛ بسبب مساعدة نادر لحكومة الولايات المتحدة في الأمور السرية.
وفي عام 2003، سجن بتهمة الاعتداء الجنسي على 10 صبيان في جمهورية التشيك، لكنه أمضى سنة واحدة بالسجن فقط.
ارتباطاته السياسية
وقبل أن يكشف تورط نادر مع الأطفال كانت أصابع الاتهام تُشار إليه في العديد من القضايا السياسة التي بقيت محل جدل واسع في الولايات المتحدة؛ مثل التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية عام 2016، بالإضافة إلى شبهات تمويل حملات رئاسية، وصلاته مع أنظمة خليجية.
ولم تصدر أحكام بحقه في القضايا التي تلاحقها محكمة فيدرالية بالعاصمة واشنطن تتعلق بتسريب مساهمات مالية أجنبية للحملتين الانتخابيتين للمرشحة الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عام 2016.
ونادر الناشط بين جماعات الضغط الأمريكية انضم إلى اجتماعات جمعت مسؤولين من حملة ترامب، وآخرين من الشرق الأوسط، كما عمل مستشاراً لولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، بحسب ما أورد موقع “الجزيرة” الإنجليزي.
وانتشرت صورة لنادر مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، على صفحات ومواقع صحف أمريكية، وقالت إنه صديق مقرب له.
كما انضم نادر إلى كبار المسؤولين الإماراتيين في اجتماع رئيسي مع مساعدِي ترامب، بشهر ديسمبر 2016، في برج ترامب بمدينة نيويورك.
وبعد أسابيع ساعد نادر في ترتيب اجتماع أثار الجدل، في جزر سيشل بالمحيط الهندي، في 11 يناير 2017، أي قبل تسعة أيام من تنصيب ترامب رئيساً للولايات المتحدة.
وضم هذا الاجتماع إريك برنس مبعوث ترامب، وكيريل ديميترييف المستشار المقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي كان يسعى بالمثل إلى إقامة علاقات مع الإدارة الجديدة.
وتحوَّل نادر فجأة إلى محط أنظار وسائل الإعلام في أمريكا والمحقق الخاص روبرت مولر (حقق في التدخل الروسي بالانتخابات الأمريكية)، الذي أجرى فريقه جلسات استجواب معه بعد أن تجاوز البحث الدور الروسي بالانتخابات، ليبدأ النظر في دور الإمارات المحتمل في تقوية النفوذ السياسي بأمريكا.
وكان محققون من مكتب التحقيقات الفيدرالي أوقفوا نادر سابقاً بمطار دالاس، أثناء عودته من رحلة خارجية، حيث حققوا معه وفتَّشوه ثم سلَّموه استدعاء للمثول أمام المحقق مولر وهيئة محلفين معنيَّة في الأصل بالتحقيقات المتصلة باحتمال التدخل الروسي.
وكُشف حينها أن مولر جمع أدلة على أن نادر رتَّب وحضر اجتماع سيشل؛ بهدف إقامة قناة اتصال مع الكرملين دون علم حكومة (الرئيس آنذاك) باراك أوباما.
وفي عام 2018، أجرى مولر مقابلة معه عدة مرات في إطار التحقيق، باعتباره شاهداً متعاوناً.
ويوثق تقرير مولر دورَ نادر في اجتماع ناقش تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا. وحسبما ورد يظهر اسمُ نادر أكثر من 100 مرة في التقرير.
دبلوماسي الظل
ولمع المواطن الأمريكي والتشيكي أيضاً في الولايات المتحدة؛ بعد أن أطلق خلال التسعينيات دورية باسم “ميدل إيست إن سايت” (Middle East Insight)، التي سرعان ما بات لها وزن في دوائر صنع القرار بأمريكا والشرق الأوسط، حيث نشرت المجلة مقابلات مع كبار أعضاء مجلس الشيوخ وقتها والرؤساء؛ أمثال ياسر عرفات، وإسحاق رابين، ومعمر القذافي، وحسني مبارك، والأمير الوليد بن طلال.
وبذل من خلال المجلة ومشاركاته في بعض المؤتمرات كل جهده للدفع باتجاه السلام مع “إسرائيل”، ومن ضمن ذلك سوريا ولبنان.
وإلى جانب ذلك نسج نادر علاقات يشوبها كثير من الغموض مع اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وجهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد”، حسبما أفاد موقع “الجزيرة.نت”، ووسائل إعلام أمريكية.
وخلال إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب (1989-1993)، ساعد في تحرير الرهائن الأمريكيين في لبنان، وأثناء الغزو الأمريكي للعراق غادر نادر واشنطن وقضى معظم وقته في الشرق الأوسط، ثم تطوع مع السياسيين الأمريكيين ليكون بمنزلة “دبلوماسي الظل” الذي يربطهم بمسؤولي الشرق الأوسط.
…………………………..
المصدر: الخليج أون لاين.