لن يلتزم ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، بأي اتفاق، سواء كان اتفاق الرياض أو غيره، وأفعاله على الأرض تؤكد ذلك.
لقد جهزت الإمارات الانتقالي وما تسمى بقوات النخب والأحزمة الأمنية، بحيث تكون قادرة على مواجهة مليشيات الإصلاح المنضوية في إطار قوات حكومة هادي وطردها من المحافظات المحتلة، ثم بسط وجودها في تلك المحافظات، وهو ما حصل فعلاً في عدن وسقطرى وشبوة إلى حد ما، ومن المؤكد أن محافظات كحضرموت وأبين ولحج ستخضع قريباً لسيطرة الانتقالي.
ويوم أمس السبت، وفي حين كان الرئيس المستقيل هادي يتحدث عن اتفاق الرياض وضرورة المضي فيه، كانت قيادات بارزة في الانتقالي تعلن صراحة عن رفع سقف تصعيدها، ملوحة بإسقاط بقية المحافظات المحتلة وفرض الإدارة الذاتية عليها.
استطاع الانتقالي بمساندة الإمارات، وبرضا سعودي، إحراز مكاسب عديدة على حساب حكومة هادي وقواتها، ميدانياً، وسياسياً، وقد ضرب باتفاق الرياض عرض الحائط، ومضى في استكمال مخططه تحت مبرر أحقية “أبناء الجنوب” بالحصول على حكم ذاتي.
في حقيقة الأمر، يستخدم الانتقالي “القضية الجنوبية” كورقة ضغط سياسية، في حين أنه يقاتل من أجل تحقيق أطماع الإمارات، وحتى السعودية، في المحافظات المحتلة،التي تتمتع بمواقع استراتيجية هامة، وتمتلك ثروة نفطية وغازية كبيرة، لن يستفيد منها إطلاقاً أبناء الجنوب، ودليل ذلك ما تعيشه تلك المحافظات من أوضاع إنسانية بالغة السوء، خدماتياً وصحياً واقتصادياً، وحتى على مستوى النظافة، رغم الوجود السعودي الإماراتي في تلك المحافظات.
الانتقالي في مفاوضات الرياض الهزلية خلال الثلاثة الأيام الفائتة، ظهر متماسكاً أكثر من حكومة هادي التي تقول أنها شرعية، ويتمسك بتعيين محافظ لعدن من قيادات المجلس، والمشاركة في تشكيل حكومة مشتركة يكون له النصيب الأكبر من الحقائب الفاعلة والسيادية، كما أنه رفض تماماً الحديث عن أي انسحابات عسكرية، وذاك لأنه حين قاتل من أجل طرد قوات هادي ومليشيات الإصلاح من عديد مناطق ومواقع عسكرية، لم يكن ذلك الفعل لمجرد الضغط لتحقيق مكاسب سياسية فقط، بل ومن أجل التمكين وفرض واقع مغاير، وقد جعله ذلك قادراً على طرد حكومة هادي من عدن وبقية المحافظات المحتلة، ومنعها من العودة إليها مجدداً رغم “الوساطات السعودية المزعومة”.
وبالمقابل ظهر الرئيس المستقيل هادي، مساء أمس السبت، وبعد غياب طويل جداً، مهزوزاً، يؤدي مهمة وحيدة حددها له السفير السعودي في عدن محمد آل جابر، وهي إلقاء كلمة كتبت له، كانت تكراراً مملاً لكلمات سابقة، تجاهلت انتقاد الانتقالي والإمارات بشكل صريح أو مبطن.
لن يعود هادي ولا حكومته إلى عدن، وإن حصل فسيكون حضوراً رمزياً لا أكثر، وما التحركات الأخيرة لحكومة الفنادق، إلا لاستكمال مؤامرة كبيرة ضد اليمن بأكمله، تتمثل ببيع مقدراته من الثروة النفطية والغازية وبثمن بخس يكشف عن مدى احتقار الرياض وأبوظبي لحكومة تقتات على دماء شعبها ونهب ثروات بلدها.
ويبدو واضحاً أن هادي سيسلم، قريباً، بقية المحافظات الجنوبية المحتلة للانتقالي بتوجيهات سعودية، وفي مهمة أخيرة، ادخرته السعودية والإمارات لها، وهو في طريقه لاستكمالها.