متابعات// وكالة الصحافة اليمنية //
اعتبر مدير برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن “سايمون هندرسون” أن المنطق الاقتصادي يؤشر على المدى القريب إلى أن الجانب المتعلق بالطاقة من التوترات في شرق البحر المتوسط مبالغ فيه إلى حدٍّ كبير.
وأوضح “هندرسون”، في تحليل نشره موقع المعهد الرسمي، أن القيمة الاقتصادية لمخزون الغاز شرقي المتوسط أقل من المتصور، خاصة في ظل غرق ساحل (إسرائيل) ولبنان في المشرق وصولاً إلى اليونان وإيطاليا وشمال أفريقيا غرباً، في الاضطرابات الإقليمية، مشيرا إلى أن الأثر الاقتصادي الناتج عن فيروس كورونا، بالإضافة إلى تكلفة تطوير احتياطيات الغاز في أعماق قاع البحر على بُعد أميال عديدة من الشاطئ، تسببا في إعادة تقييم توقعات الطاقة في المنطقة.
وضرب المحلل الأمريكي مثالا باكتشاف كل من شركات “إكسون موبيل”، و”نوبل إينرجي” في هيوستن، و”توتال” الفرنسية حقولاً كبيرة في المنطقة الاقتصادية لقبرص قبل تفشي الوباء، ولكن من المرجح أن تُرجئ القيام بالمزيد من عمليات التنقيب لعدة سنوات في أفضل الأحوال.
كما أن خط الأنابيب المقترح لقاع البحر، والذي تبلغ كلفته 7 مليارات دولار ويمتدّ من حقول الغاز البحرية القبرصية إلى اليونان وإيطاليا، يثير الشكّ بشكل متزايد بالنظر إلى انخفاض سعر الغاز واعتماد الخط على إيجاد احتياطيات إضافية لتحقيق الأرباح، حسبما يرى “هندرسون”.
وفي السياق، تواجه (إسرائيل) صعوبة في استقطاب شركات التنقيب للبحث عن احتياطيات جديدة في حقليْ ليفياثان وتمار التابعيْن لها، رغم النجاح الذي حققته شركة “نوبل إينرجي” سابقاً في العثور على مخزون كبير.
ويعني تراجع أسعار الغاز أنّ التنقيب الإسرائيلي أيضا يوشك أن يصبح غير قابل للاستمرار، ويشير “هندرسون” في هذا الصدد إلى مفاوضات جرت بين “نوبل” وشركائها الإسرائيليين بشأن سعرٍ على المدى الطويل يفوق التكلفة الحالية لحمولات الغاز الطبيعي المُسال المستورد، ما دفع “شركة الكهرباء الإسرائيلية” إلى البدء بشراء الغاز الطبيعي المُسال للمبيعات المحلية الإضافية.
ففي 13 يوليو، قال المسؤولون في شرق ليبيا إنهم سيرحّبون بالتدخل العسكري المصري من أجل التصدي للدعم الذي تقدّمه تركيا للحكومة المنافسة التي تعترف بها منظمة “الأمم المتحدة” في طرابلس. ويشمل دعم أنقرة اتفاقاً تم التوصل إليه العام الماضي بشأن حدود بحرية مشتركة ستسمح لتركيا بالتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي.
أما تركيا، فإن الحدود البحرية التي تطالب بها مؤخرا تبدو صعبة مبالغ فيها من الناحيتين الجغرافية والقانونية بحسب تقدير خبير معهد واشنطن، والقائم على فكرة أن امتلاك تركيا وليبيا منطقتيْن اقتصاديتيْن خالصتيْن مجاورتيْن تفترض قبول تفسير مريب لـ”اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار” لعام 1982 وهي: أنّ كريت وأجزاء أخرى من اليونان تقتصر على الحدود الممتدة على المسافة المعيارية البالغة 12 ميلاً والمخصصة للمطالب السيادية البحرية، وليس المسافة البالغة 200 ميل والمخصصة للمطالب الاقتصادية.
وبإضافة عدم وجود حدود بحرية مرسومة بين ليبيا ومصر حتى الآن، فإن الحالات المشابهة للمطالبة التركية في نطاق الحدود البحرية تتطلب، حسبما يرى “هندرسون” اتفاق جميع الأطراف المعنيّة، وهو ما لا يمكن عرضه على القاهرة باعتباره أمرا واقعا.
وبإضافة أن الدور الذي يمكن أن تلعبه سوريا في التنقيب البحري يبدو غير مرجح مع استمرار حربها الأهلية، وخيبة الأمل اللبنانية إزاء عملية الحفر الأولى في بحر بيروت، لا يُحتمل القيام بالمزيد من عمليات التنقيب خلال الأزمة السياسية والماليّة الراهنة.
ولذا يخلص “هندرسون” في تحليله إلى أن بلدان البحر المتوسط اكتسبت أمن الطاقة من حقولها من الغاز، لكنّ أحلامها المتعلقة بصندوق الثروة السيادي قد تلاشت في الوقت الحالي، وربما إلى الأبد.
ومع ذلك، ينصح الخبير الأمريكي بأن يبقى التعاون في مجال الطاقة أساساً لانخراط سياسة واشنطن في المنطقة، إذا كان من شأنه أن يساعد على اعتدال المواقف التي يمكن أن تؤدي إلى مواجهات عسكرية مباشرة على خلفية تضارب المصالح الاقتصادية بين بلدان البحر المتوسط.
#الخليج الجديد