مقالات وتحليلات (وكالة الصحافة اليمنية)
اسابيع ستمر وربما اشهر عديدة قبل ان يتمكن اللبنانيون من ازالة غبار الانفجار الذي هز بيروت في الرابع من اب اغسطس. لكن الاكيد هو ان ما بعد الرابع من اب/اغسطس سيكون مختلفا كثيرا عما قبله لاسيما بالنسبة لانفجار العنصرية والفتنة الذي كشف عن رؤية فتنوية عفوية لدى البعض ومشاريع تقسيمية متعمدة لدى البعض الاخر.
انتظر كثيرون من خصوم حزب الله كلمة امينه العام السيد حسن نصرالله لالتقاط جملة من هنا او كلمة هناك للبناء عليها لاستكمال الحرب التي انفجرت مع انفجار الامونيوم ضد المقاومة. ونقول خصوم لتلطيف توصيف هؤلاء الذين ينظرون لشريكهم في الوطن (حزب الله) على انه عدو. لكن وفي نظرة سريعة على كلام السيد نصرالله فان كثيرين خاب املهم لانهم لم يكونوا بمستوى ادراك انه ليس من الذين يلعبون بمشاعر الناس ويروجون لمشاريع مشبوهة على دماء اللبنانيين كما فعل البعض في الايام الاخيرة.
يمكن اختصار كلام السيد نصرالله بالاتي :
= ضرورة التحقيق وتوصيف المسؤولين ومعاقبتهم
= العقاب يجب ان يكون على اساس عادل وقانوني وليس تشفيا او تصفية حسابات مذهبية او سياسية
= الحرب المذهبية والتحريض والتضليل لن يوصلوا الى اي نتيجة
= الاهم.. الاولوية لمواساة الناس ومساعدتهم لاستعادة حياتهم الطبيعية وبعدها لدى حزب الله الادلة والردود المناسبة على كل التحريض والدفع باتجاه الفتنة
من هذه النقاط يصبح منطقيا القول ان الدولة اللبنانية (الدولة بعناصرها الشعب والسيادة والارض) امام مرحلة مفصلية، فاما ان تتخذ الخطوات الفعلية لانقاذ الكيان اللبناني، او ان تفشل هذه العملية ويدخل لبنان في مجهول يريده الكثيرون من الداخل والخارج.
بداية من الضروري تسمية الامور بشكل صريح واعلان الاسماء المسؤولة والتي ساهمت وساعدت وتورطت في الحادث مهما كانت وايا كانت ومن اي طائفة او دين او حزب سياسي كانت. وهنا لا بد من التاكيد على ان اي حزب سياسي لا يجب ان يغطي او يسعى لتغطية اي متورط في الجريمة. وهذا ما بدأ يظهر من بعض المواقف السياسية الحالية والسابقة في لبنان لمنع المس باسماء معينة.
ثانيا : العقاب يجب ان يكون على حجم الجريمة. ولا يجب تمييع القضية والمماطلة في اصدار الاحكام ، ولو اضطر الامر لا ضرر من اصدار احكام قضائية عسكرية لا استئناف فيها. وهذا الامر مهم جدا لانه سيعيد بعض الثقة المفقودة بين المواطن العادي ومؤسسات الدولة لاسيما القضائية.
ثالثا : لبنان بحاجة الى ميثاق اعلامي جديد. ما يشهده البلد من انفلات اعلامي بحيث تحولت الساحة اللبنانية الى ما يشبه المسرح المفتوح ، كل يلعب مسرحيته كما يشاء. وهنا من الضروري جدا وضع ميثاق اعلامي يحدد اطر عمل المؤسسات الاعلامية الداخلية والخارجية وفقا للقانون الذي يجرم التحريض المذهبي والطائفي والسياسي، ويجب وضع نظام عقوبات مشدد على كل من يخرق هذا القانون. هذه الدعوة هي نتيجة لما كان يمكن ان تذهب به الامور على ضوء التحريض المقيت الذي نشرته بعض وسائل الاعلام اللبنانية والعربية، والتي دفعت بكل قوتها باتجاه حرب اهلية وتحريض ضد مكون لبناني اساسي. (كان ملفتا كلام احدى المراسلات في مؤتمر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بان حزب الله يسيطر على الدولة اللبنانية وهذا يمنع الاصلاحات وبناء الدولة، وهو ما خجل حتى ماكرون من تاييده) بكل صراحة هكذا كلام في دولة اخرى كان سيضع المراسلة في السجن لانه مبني على ادعاءات ويتضمن تحريضا صريحا. هكذا نماذج لا يجب ان تبقى في المشهد الاعلامي، لان لبنان وبكل وضوح يحتاج لم الشمل وليس التحريض ويحتاج الكلمة التي تجمع لا الكلمة التي تفرق.
اخيرا لا بد من الاشارة الى كلام السيد نصرالله بان للحزب كلاما لاحقا بعد لملمة الجراح واستعادة نمط الحياة الطبيعي، وهنا على من حرض وضلل وكذب ان يعي ان اي كلمة روج لها واتضح لاحقا انها كذب فانه سيتحمل مسؤوليتها. والاهم ما يتعلق بالحادث نفسه، فما يستقى من كلام السيد نصرالله هو ان اي سبب يكشفه التحقيق وراء الحادث سيتم التعاطي معه بكل جدية سواء كان اهمالا وفسادا وهذا ما يجب مواجهته لمنع تكراره ولاستعادة شيء من هيبة الدولة اللبنانية وقدرتها على مواجهة الفساد، او كان حادثا بفعل عمل خارجي عندها للبنان بشعبه وحكومته وجيشه ومقاومته كل الحق بالرد وبكل الوسائل.
هذه الخطوط العريضة التي يجب ان تعمل عليها الدولة اللبنانية للخروج من الحادث الجلل بنتيجة تعيد الثقة بها وتدفع باتجاه حفظ الكيان اللبناني، والا فان انفجار الفشل وتمييع القضية والفتنة التي لم تغادر شوارع لبنان لاسيما بعد الحادث سيكون اكبر بكثير من انفجار 2700 طن من نترات الامونيوم، لانه وببساطة.. نترات الفتنة واللاوطنية والعنف اخطر بكثير.
“حسين الموسوي “