عديد من القصص المأساوية أصبح ينام ويستيقظ عليها سكان محافظة صعدة البالغ عددهم(800الف نسمة ) منذ ثلاثة اعوام ، مآس تخلفها الغارات السعودية على صعدة ، بعض ضحاياها لا يزالون تحت الركام وأخرون نجوا من الموت ليحكوا لوكالة الصحافة اليمنية تفاصيل قصص معايشة الموت عن قرب.
جراح لا تندمل
الطفلة حلا”15عاما”معاقة كشفت كلماتها مدى المعاناة التي تحملها قلوب أطفال صعدة وعيونهم الخائفة. تقول” سنحمل معنا وجعا وذكرى غير وجع الإعاقة للمستقبل , واي مستقبل ترك لنا القتلة ؟، وتتابع حلا حديثها قائلة : هذا الحاضر سيبقى شرخا نفسياً في أرواح احباء وأهل وجيران يقتلهم قصف طيران التحالف بدم بارد، أشرار قتله في تدميرهم لليمن ، أشرار في قضائهم على ذاكرتنا لمستقبل جميل وحقنا في حاضر أجمل…!!
بين الاقل امناً والأكثر فتكاً
تؤكد “حنان صالح ” ناشطة حقوقية أن صعدة تعاني من وضع إنساني كارثي نتيجة الأعمال الإجرامية التي يرتكبها التحالف الذي تقوده السعودية.
وأضافت حنان: أن السعودية استخدمت القنابل العنقودية المحرمة دولياً في قصف قرى مدينة السلام وبيوتها المكتظة بالسكان دون شعور وكأن همها الوحيد هو تدمير كل مظاهر الحياة في المحافظة وهذا زاد معاناة السكان وسيخلف الكثير من الماسي المتلاحقة.
وتتابع حنان بأسي: شاهدنا أسر. استهدفها طيران التحالف بكاملها ونساء قضت نحبها من الخوف والحزن والقصف وأصوات الطيران حيث تحولت صعدة من مدينة للسلام الى مدينة للموت والدمار.
قررت ألاف الأسر الرحيل عن مساكنها وديارها خصوصاً في المناطق الحدودية وتركت كل ما تملك هرباً من الموت الذي تسببه الغارات الجوية لطيران التحالف بقيادة السعودية، أو قذائف المدفعية التي يطلقها الجيش السعودي، ونزحت تلك الأسر إلى مناطق شبه آمنه في نفس المحافظة أو خارجها بحثاً عن النجاة.
250الف نازح هربوا من ويلات قصف عدواني التي خلف أحزان ومعاناة لا تندمل.. قصص تروي حكايات مئات الأسر التي أجبرتها ظروف الحرب على التشرد.. رجالا ونساء وعجزة واطفال هربوا من صعدة واصبحوا نازحين في محافظات أخرى يعتقدون انها أمنه، معاناة هذه الأسر تدل على جزء من حجم الكارثة الإنسانية التي خلفتها الغارات الهستيرية لطيران التحالف بقيادة السعودية.
تحديات الطفولة النازحة
يعمل يزن (11) عاماً في بيع القات بينما يعمل أخوه محمد، الذي يصغره بعامين، في بيع اللبان العلك بشوارع صنعاء ، ليعودا آخر الليل وهما يحملان في جيبيهما من النقود ما لا يكاد يكفي لسد رمق والدتهما وإخوتهم الصغار.
نزح يزن وأخوه برفقة عائلتهما من مديرية صعدة القديمة إلى محافظة صنعاء بعد مقتل رب الأسرة في قصف لقوات التحالف على منزلهم ، ليخوض الطفلان غمار معركة تأمين لقمة والعمل في شوارع العاصمة صنعاء دون اكتراث بالمخاطر التي يمكن ان تواجههما وضعف بجسديهما الصغيرين ، بينما يتفرج العالم على المجازر بحق الأطفال والنساء والشيوخ والمباني وهي تنهار على رؤوس مواطنيها دون أن يحركوا ساكنا.
تقول أم يزن إنها ليست راضية عن عمل أبنائها الصغار وتركهم لدراستهم ولكن ظروف الحياة والنزوح فرضت عليهم حسابات جديدة أجبرتها على القبول والرضوخ لهذا الأمر.
وتضيف قائلة إنها تسعى كل حين للعمل لكن دون جدوى، “فالوضع المأساوي الذي تمر به اليمن حال دون ذلك.
وهذا ما يزيد من صعوبة العيش ويضطرها للقبول بدفع أطفالها للعمل رغم المخاطر التي تحدق بهم في الشوارع.
ويلهث لسان حال أم يزن بالدعاء الله سبحانه وتعالى ان يمنحها القوة والصبر وان يعجل بنصر الجيش اليمني على التحالف حتى تتمكن من إطعام وتعليم أطفالها.
هناك دائماً ناجي وحيد
الحاج محمد صالح “الذي هرب من مديرية حيدان الى مركز محافظة صعدة , كان ذو وضع خاص حيث فقد كل أفراد أسرته ,في غارة جوية, شنتها طائرات التحالف قبل الفجر يحكي قصته والدموع تفيض من عينيه “فقدت زوجتي وأطفالي السبعة واحفادي الاربعة ونساء ابنائي، ما الجرم الذي ارتكبناه كي تتم معاقبتنا بهذه الوحشية، حاولنا الهروب من القصف العشوائي للطيران من مركز المديرية بعد ان طالت الغارات منازلنا ولم نجد سوى الموت أمامنا بعد استهداف مستشفى المديرية وسوقها وطرقها. وأضاف الحاج محمد ترددنا كثيراً في الهروب نتيجة عدم توفر تكاليف المعيشة والنقل والايجار والأكل خصوصاً ان زوجتي مصابة بالضغط، نزحنا مشياً على الاقدام الى مديرية اخرى، ثم نقلنا فاعل خير بسيارته الى مركز المحافظة، كانت الطرق في حينها تعج بالاهالي الذين يحاولون النجاة بأرواحهم وعائلاتهم، كنت اشاهد الخوف في أعين النساء والاطفال.. رعب شديد لا يمكن تخيله وتابع صالح قائلا: بعد الاستقرار في بيت جديد ومحاولتي توفير احتياجات الاسرة من المأكل والمشرب فوجئت في احد الايام بسقوط صاروخ اطلقته طائرات التحالف ولم نكن نعلم انه يستهدفنا ونوه صالح: لم أستعد وعيي إلا على كلمات الممرضين وهم يقولون الوالد “”بخير”” ماذا حدث اين أهلي أين زوجتي وأطفالي ضمني الممرض وهو يبكي انا لله وانا اليه راجعون اسرتك تحت الانقاض والبعض تمزق اشلائهم انت الناجي الوحيد من الاسرة يا الله أي كارثة حلت بنا وأي جنون يرتكبه هؤلاء.
الجثامين تتعفن في كل مكان
يروي “محمود علي ” أحد ساكني القرى الحدودية بمديرية رازح الذي فضل البقاء في قريته رافضاً النزوح منها عشرات القصص والمآسي على الشريط الحدودي, هناك مئات الجثث لنازحين على الطريق رجالاً ونساء مرميون في الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية بعد أن تعرضوا لقصف طائرات الأباتشي والمدفعية السعودية بعضها تعفنت وبعضها بدأ بالتحلل، ما ينذر بكارثة بيئية خطيرة، نتيجة لعدم قدرة سيارات الإسعاف الوصول اليهمً بسبب شدة القصف واستهداف سيارات الإسعاف .
من الموت السريع إلى الموت البطيء
يوسف الرازحي، إعلامي يصف الوضع المأساوي لأهالي صعدة بالقول فر النازحون في محافظة صعدة من جحيم قصف طائرات ومدفعية تحالف العدوان المستمر خوفاً من الموت السريع فوجدوا أنفسهم في اماكن يسكنها الموت البطيء يبحثون عن ابسط عن ابسط المقومات الأساسية لاستمرار الحياة في ظل غياب دور الجهات الرسمية , واهمال وتلاعب الكثير من المنظمات الإنسانية المحلية والدولية.