تتوالى هزائم تحالف العدوان في ميادين المعارك داخل اليمن، فيذهب إلى الانتقام من مطار صنعاء الدولي ومئات الآلاف من المرضى بأمراض مزمنة منها ما يستدعي العلاج في الخارج، ومنها ما تتطلب دخول أدوية وأجهزة طبية تشخيصية مهمة لكن التحالف يمنع كل ذلك.
وفي مرات عديدة، عملت أجهزة الدولة المختصة بعمل صيانة لمطار صنعاء الدولي، وفق اتفاقات مسبقة مع المبعوث الأممي الخاص في اليمن مارتن غريفيث، من أجل أن يكون المطار جاهز لاستقبال وتسيير “الرحلات الإنسانية” لكن لا الأمم المتحدة وفت بوعودها ولا الزمت التحالف باتفاق “إنساني بحت”.
ويفرض تحالف العدوان حصاراً خانقاً على مطار صنعاء ويمنع تسيير الرحلات الإنسانية منه وإليه، منذ أكثر من أربع سنوات، حارماً نحو 15 مليون يمني من حقهم في السفر للخارج على الاقل لتلقي العلاج، أو من العودة إلى مناطقهم في المحافظات الشمالية ذات الكثافة السكانية العالية.
“وكالة الصحافة اليمنية”، فتحت مجدداً ملف مطار صنعاء الدولي، كقضية إنسانية ووطنية سيادية، لتكشف حجم الأضرار التي تسبب بها إغلاق المطار وكيف تعاملت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمنظمات الدولية بطريقة ابتزازية مع قضية إنسانية ملحة.
أربع سنوات من الإغلاق الكارثي
ظل مطار صنعاء طيلة السنوات الأربع الماضية، يؤدي عمله وعلى أهبة الاستعداد لأي طارئ، لكن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية سخرت المطار والجهود المبذولة فيه، لصالح رحلاتها الخاصة، لكن ومع اشتداد أزمة المشتقات النفطية المستمرة منذ ثلاثة أشهر وأكثر، أوصل المطار إلى حالة عجز تام من استقبال رحلات الأمم المتحدة، وحتى الرحلات الإنسانية بسبب نقص الوقود.
ورغم تحذيرات السلطات في صنعاء، عديد مرات من أن أزمة الوقود ستتسبب بحدوث كوارث إنسانية، وستوصل المطار إلى حالة عجز تام سيضطره إلى تعليق الرحلات إليه، إلا أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لم يتجاوب بمسؤولية مع تلك التحذيرات.
وقال مسؤول رفيع في وزارة النقل في حكومة الانقاذ لـ”وكالة الصحافة اليمنية” إن مطار صنعاء الدولي سيعلق استقبال كل الرحلات الأمم المتحدة والرحلات الإنسانية إلى مطار صنعاء الدولي بسبب نقص الوقود ابتداء من يوم غدٍ الأربعاء.
وأشار المسؤول إلى أن المطار صنعاء حاول جاهداً منذ أربع سنوات التغلب على كل مشكلاته المالية والتشغيلية من أجل استقبال الرحلات الأممية والإنسانية، لكنه الآن وصل إلى مرحلة لم يعد فيها قادراً على استقبال أي رحلات، لأن أزمات الوقود التي يتعمدها تحالف العدوان كانت كما لو أنها موجهة بشكل مستمر لضرب المطار ونشاطه.
وتابع المسؤول في وزارة النقل:” مطار صنعاء يعتبر منفذاً أساسياً لنقل مساعدات أممية وأخرى لمنظمات دولية كالصليب الأحمر، وأطباء بلا حدود إضافة إلى نقل الموظفين الأمميين”.
المسؤول في وزارة النقل، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لأنه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام، أكد أن مخزون مطار صنعاء من الوقود وخاصة مادتي البترول والديزل، لن يغطي احتياجات المطار سوى ليومين أو ثلاثة أيام فقط.
وأضاف:” إدارة المطار لم تعد قادرة على تشغيل مولدات الكهرباء وعربات الإطفاء وبقية الأجهزة والمعدات الخاصة بتقديم الخدمات للطائرات الأممية والمنظمات الإنسانية والإغاثية التي تصل وتغادر من وإلى مطار صنعاء”.
ويوم الأحد الماضي، قال وزير النقل في حكومة الانقاذ، زكريا الشامي، إن إغلاق تحالف العدوان على اليمن بقيادة السعودية، لمطار صنعاء الدولي تسبب في كارثة إنسانية خلفت عشرات الآلاف من الوفيات وتهديد مئات الآلاف من المرضى بالموت لأنهم لم يتلقوا العلاج المناسب أو يتمكنوا من الخروج للعلاج في الخارج.
مواصلة تحالف العدوان بقيادة السعودية في احتجاز سفن المشتقات النفطية ومنع وصولها إلى ميناء الحديدة، سيغلق مطار صنعاء الدولي تماماً، ورغم ذلك لا تزال الأمم المتحدة تدلي بتصريحات إنشائية غير ملزمة للتحالف.
وقال رئيس الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد، محمد عبدالقادر، إن “تحالف العدوان مستمر بعمله الإجرامي بإغلاق مطار صنعاء منذ 9 أغسطس 2016، وقد تسبب بكوارث إنسانية لليمنيين في 11 محافظة بمقدمتهم المرضى والطلاب”.
وأكد عبدالقادر أن إغلاق مطار صنعاء يعتبر خرقاً لدستور الطيران المدني الذي ينص على سيادة كل دولة على الفضاء الذي يعلو أراضيها.
وقبل شهر، وتحديداً في 10 يوليو الماضي أعلن الاتحاد الدولي لعمال النقل ITF، عن إطلاق حملة تضامن للمطالبة بفتح مطار صنعاء المغلق منذ 9 أغسطس 2016.
الاتحاد طالب في رسالة تضامن وجهها إلى بعثة الأمم المتحدة بالاستمرار بالضغط لفتح مطار صنعاء سريعاً لتخفيف معاناة اليمنيين خاصة في ظل جائحة كورونا.
ورغم مطالبة الاتحاد بالضغط على المجتمع الدولي والتحالف لإبقاء موانئ ومطارات اليمن مفتوحة أمام الإمدادات الإنسانية وضمان حرية حركة جميع الناس، إلا أن تلك المطالبات وكغيرها من مطالبات محلية وحقوقية وإنسانية كثيرة جداً، لم تلقى أي اهتمام أممي أو تجاوب مسؤول وإنساني، وقد اصطدمت بتعنت قيادة تحالف العدوان على اليمن.
ويضطر من يريد من المناطق الشمالية والغربية لليمن السفر إلى خارج البلاد، لقطع رحلة برية شاقة وخطرة تزيد مدتها عن 15 ساعة إلى مدينتي عدن أو سيئون بمحافظة حضرموت اللتان تتوفر في مطاريهما رحلات جوية محدودة إلى خارج اليمن.
40 ألف مريض بالسرطان
يوم الاثنين الماضي، التقت “وكالة الصحافة اليمنية” بعدد من مرضى السرطان الذين كانوا ينفذون وقفة احتجاجية أمام مقر الأمم المتحدة استنكاراً لتجاهل منظمة الصحة العالمية معاناة المرضى وأوضاعهم المأساوية.
كان البؤس ظاهراً على وجوههم، ورغم أنهم وصلوا إلى أوضاع صحية خطيرة جداً إلا أنهم لا يزالون متمسكين بفرصة نجاة ضئيلة.
وقالت رابطة مرضى السرطان، إن أكثر من 40 ألف مريض بالسرطان، يعانون من شحة الأدوية الخاصة بهم، والأجهزة التشخيصية، مما أضطر المئات منهم إلى تنفيذ عديد وقفات احتجاجية للمطالبة بفتح مطار صنعاء الدولي، وتحمل منظمة الصحة العالمية مسؤوليتها تجاههم.
واتهمت الرابطة صراحة منظمة الصحة العالمية بالتخلي عن مسؤوليتها ودورها الإنساني والقانوني وساهمت في زيادة معاناة المرضى بعدم الوفاء بوعودها والتزاماتها السابقة بتوفير الأدوية وجهاز المعجل الخطي المخصص للعلاج بالإشعاع.
وأشارت الرابطة إلى أن جهاز الإشعاع الوحيد لعلاج مرضى السرطان لا يعمل بسبب الحصار والصحة العالمية لم توفر أيضا جهاز الرنين المغناطيسي والأدوية ومعدات وأجهزة أخرى.
وطالبت الرابطة، الصحة العالمية بتحمل مسؤوليتهما تجاه معاناة أكثر من أربعين ألفًا من مرضى السرطان حياتهم مهددة بالموت والوفاء بوعودها بما يكفل تعزيز الخدمات الصحية.
واللافت أن الصحة العالمية تحدثت قبل عام عن مواجهة 35 ألف مريض بالسرطان في اليمن لخطر الموت بسبب انقطاع التمويل، وحذرت من أن عدم توفير علاج السرطان سيتسبب في خسارة أرواح كثيرين من المرضى.
وقال المنظمة الدولية إنه “لا ينبغي أن يعد السرطان بمثابة عقوبة إعدام لكنه في اليمن أصبح كذلك”.
وذكرت المنظمة بأن توفر علاج مرض السرطان في اليمن حتى الآن خياراً غير متاحاً لـ 30 ألف مريض بالسرطان بمن فيهم 12% من الأطفال، الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف العلاج، بسبب توقف التمويل.
أول وأخر رحلة علاجية
في 3 فبراير من العام الجاري، غادرت أول رحلة علاجية من مطار صنعاء الدولي إلى العاصمة الأردنية عمان، في رحلة هي الأولى منذ إغلاق التحالف للمطار.
في تلك الرحلة أقلت الطائرة الأممية 7 مرضى و7 مرافقين، وقالت الأمم المتحدة إن البدء في تسيير الرحلات العلاجية إجراء مهم في طريق بناء الثقة وإطار الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب.
بعد تلك الرحلة توقف كل شيء, وذهبت وعود الأمم المتحدة إدراج التعنت وعدم الاكتراث بأرواح اليمنيين المرضى.
وقال المجلس النرويجي للاجئين وهو منظمة إغاثية إن المزيد من اليمنيين ما زالوا ينتظرون الحصول على الرعاية الصحية التي يحتاجونها، مضيفاً :” ليس هناك ما يبرر معاقبة المدنيين المرضى بمنعهم من الحصول على الرعاية الصحية”.
وكانت وزارة الصحة في حكومة الانقاذ قد قالت في بيان، آنذاك، بأن ما لا يقل عن 32 ألف يمني بحاجة للعلاج خارج البلاد.
استمرت أوضاع الآلاف من اليمنيين المصابين بأمراض مزمنة وخطيرة في التدهور، ورغم اطلاق نداءات الاستغاثة لإنقاذهم إلا أن تحالف العدوان زاد في توجيه ضرباته القاسية والوحشية لهم وكاشفاً مدى تماهي الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي مع جرائمه بحق اليمنيين المدنيين.