تقرير//إبراهيم القانص
نجح التحالف كثيراً في إغراق المحافظات والمناطق التي يسيطر عليها جنوب وشرق اليمن في فوضى أمنية غير مسبوقة، تصل حد الانهيار الكامل، ويبدو من خلال ما يحدث كل يوم من جرائم متعددة الأشكال أن التحالف يكثف جهوده للقضاء على منظومة القيم الأخلاقية التي يتصف بها اليمنيون في تلك المناطق،
من خلال إجبارهم على السكوت عن كل ما يحدث من جرائم يرونها بأعينهم، بدافع الخوف من العقاب، حيث تقمع أدوات التحالف أي صوت حُرٍ يرفض الظلم أو يعترض على الممارسات الإجرامية اليومية، إما بالاختطاف أو الاعتقال والتعذيب وأحياناً تكون التصفية الجسدية ثمناً لموقف مناهض للظلم.
كان للتحالف أهداف مشبوهة من تحويل مناطق سيطرته إلى بؤر للفوضى والقتل والاختطافات وجرائم الاغتصاب وترويج وبيع المخدرات بأنواعها، وتكشّف تباعاً أن الأهداف الأساسية من وراء ذلك هو قمع المواطنين وجعلهم في حالة رعب دائمة خوفاً من بطش أدوات التحالف المتمثلة في التشكيلات والفصائل التي أنشئت منذ بدء التدخل العسكري في اليمن، والتي حرص التحالف على تمكينها من رقاب الناس وأقواتهم ومصائرهم بتلك الطرق الأكثر توحشاً على الإطلاق، ومنها أيضاً القضاء على فئة الشباب التي تعول عليها المجتمعات كافة في عمليات النهوض والتقدم.
وحسب مراقبين، تمكن التحالف من القضاء على فئة الشباب بحرفها عن المسار الذي كان من المفترض أن تكون فيه، إما بالزج بهم في معاركه العبثية البعيدة تماماً عن مصالحهم ومصالح بلادهم، أو بتحويلهم إلى مجموعات مدمنة على تعاطي المخدرات وبالتالي تكثر في أوساطهم الجريمة، وهو ما يحدث فعلاً في المحافظات الجنوبية وفي تعز وغيرها من مناطق سيطرة التحالف و”حكومة هادي”، ونتيجة للحالة العبثية التي فرضها التحالف وأدواته في تلك المحافظات تمكن من تسيير وتنفيذ أجنداته في احتلال الموانئ والجزر والمواقع الاستراتيجية ونهب الثروات فيما المواطنون منشغلون بمواجهة الانهيار الخدماتي والاقتصادي أو خائفون من الممارسات القمعية والإجرامية التي تمارسها أدوات التحالف ومتنفذوه.
مشهد مرعب صنعه التحالف وأدواته المحلية في عدن وتعز وشبوة وأبين وكثير من المناطق الواقعة تحت سيطرة التحالف و”حكومة هادي” فلا يكاد يمر يوم إلا وتحدث فيه عمليات قتل وتصفيات تحت عناوين مناطقية وانتقامية وجثث ترمى على أرصفة الشوارع لا أحد يعلم من أزهق أرواحها وجرائم قتل علنية لا يجرؤ أحد على ضبط مرتكبيها الذين يتجولون في الشوارع والأماكن العامة بأسلحتهم وكامل حريتهم، وسجون سرية وعلنية تديرها دول التحالف وشركاؤها المحليون ويزجون فيها بكل من يقف في وجوههم مناهضاً لممارساتهم وعبثهم، سواء بالرأي أو الموقف، وعصابات تستبيح ما أرادت من أملاك الناس وأرواحهم وعروضهم وهي في مأمن من العقاب أو حتى مجرد الانتقاد حيث لا يجرؤ أحد على ذلك خوفاً من العقوبة أو مصير الضحايا نفسه.
هذا المشهد المرعب في مناطق يطلق عليها المحافظات المحررة وتحكمها “حكومة هادي” بأمنها وجيشها ومؤسساتها، لكنها مجرد صفة أطلقها التحالف عليها ليتدخل باسم دعمها واستعادتها لتحقيق أهدافه، وحسب متابعين لا صلاحية لما يسمى مؤسسات الدولة في تلك المناطق، بما فيها الأجهزة الأمنية التي لا تستطيع ضبط مجرم أو إنصاف مظلوم بعد تعطيل صلاحياتها وسلبها، فأدوات التحالف التي أنشئت خارج وزارات ومؤسسات “حكومة هادي” هي المتحكمة والتحالف يقف خلفها دعماً وتعميقاً لتلك الفوضى العارمة.