أمريكا لم تعد هنا.. أصبح بإمكان المواطن اليمني المرور من هذا الشارع وترجمة وتجسيد مواطنته في بلده دون موانع.
بهذه العبارة يمكننا وصف المشهد فيما نراه اليوم في شوارع العاصمة صنعاء وتحديدا هذا الشارع -أمام السفارة الأمريكية- والذي ظل شارعا تحتله الولايات المتحدة وتحرم على المواطن اليمني دخوله والمرور منه منذ سنوات طويلة.
شارع بعرض يزيد عن 40 مترا في منطقة سعوان ويمثل امتدادا لشارع النصر الذي يربط شمال العاصمة بجنوبها احتلته أمريكا ومنعت اليمنيين من استخدامه وتحت مبررات أمنية وافقت الحكومات اليمنية السابقة على إلغائه من قائمة شبكة المواصلات في أكثر المناطق ازدحاما داخل العاصمة صنعاء وفرضت على المواطن اليمني النزول عند رغبة أمريكا والتنازل عن حقه الذي كفله الدستور والقوانين النافذة، وأجبرته على الالتفاف حول المدينة السياحية إن هو أراد التنقل بين حي سعوان وحي مسيك.
لم تكن معاناة المواطن اليمني تتمثل في إجباره على تغيير مساره بمجرد الاقتراب من حرم سفارة واشنطن التي صادرت كل ما حولها من منازل وشوارع متفرعة وأزقة وتحويل كل ما حولها من منازل وعمارات إلى اطلال ومباني خالية على عروشها، وإنما تحولت إلى معاناة نفسية وامتهان يومي يزيده إحباطا ويعكس صورة سوداوية لما وصلت إليه الهيمنة الأمريكية ونفوذها وسيطرتها على البلاد والتحكم بقرارها السياسي في كل مجالات الحياة..
في العام 2015م اتخذت الحكومة قرارا جريئا لم يكن يتوقعه أحد وقامت بإعادة الشارع المحتل إلى السيادة اليمنية وفتحته أمام المواطن وتحريره من سلطة وهيمنة السفير الأمريكي الذي شعر بتلاشي دوره السياسي وعدم جدوى بقائه في صنعاء فحزم حقائبه ولحق بقطعانه الفارة إلى الرياض.
مشهد لم يكن مألوفا..
الكثير من المحلات التجارية عادت للظهور في المنطقة التي كان يحظر فيها مزاولة أي نشاط.. سألنا العامل في المخبز أسفل إحدى العمارات المجاورة للسفارة الامريكية..
هل كان يسمح لكم العمل ومزاولة نشاطكم في هذا المخبز قبل عام 2015م؟
فأجاب: لا..
تلاشت اللاء ات الأمريكية.. وبإمكانك اليوم مزاولة عملك والعبور من أمام السفارة الأمريكية وقت ما تشاء، وبإمكانك البصق في وجه النسر المعلق فوق بوابتها لتعلم أمريكا أن الحرية أكبر من أن ننتظرها من بلد يسعى لمصادرة القرار السياسي وامتهان وإذلال الشعوب.