مقالات وتحليلات (وكالة الصحافة اليمنية)
تقدمت حملة المرشح الديموقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية جو بايدن بطلب من لجنة المناظرات قبيل المناظرة الثانية التي جمعت مساء امس الاربعاء نائب الرئيس الاميركي دونالد ترامب “مايك بنس”، ونائبة مرشح الرئاسة عن الديموقراطيين جو بايدن “كامالا هاريس” في مدينة سولت ليك بولاية يوتا الاميركية بوضع حواجز زجاجية على منصة المناظرة، الامر الذي لم يعترض عليه فريق ترامب وبنس.
طلب ذكي تقدمت به حملة بايدن يضيف ادانة عملية صريحة الى فريق بنس وسيده ترامب الذي يعتبره الكثير من معارضيه بانه كان سببا مباشرة في انتشار جائحة كورونا في الولايات المتحدة لتلكؤه عن اتخاذ الاجراءات والتدابير اللازمة لمواجهة كورونا قبل انتشارها، ومن ثم اصابته هو شخصيا بهذه الجائحة التي ارقدته في المشفى ليومين متتاليين.
انتهت المناظرة الثانية التي اتخمت بالاتهامات المتبادلة بين بنس وهاريس في يوتا الاميركية وذلك ضمن سلسلة من المناظرات التي يشهدها السباق الرئاسي في الولايات المتحدة قبيل الانتخابات الـ”59″ المقرر اجراؤها يوم الثلاثاء 3 من نوفمبر من العام الجاري.
اتسمت المناظرة الثانية بين “بنس – هاريس” بالشد والجذب بينهما حيث كالا الاتهام لبعضهما في عدة ملفات أهمها التعاطي مع كورونا اضافة الى الملف العنصري وملفات الاقتصاد الاميركي والعلاقة مع الخارج وقضايا الأمن، بينما شهدت بعض فترات المناظرة محاولات الطرفين لتخفيف التوتر عبر المدح بشكل بسيط للطرف الآخر وخاصة من جانب مايك بنس الذي أشاد بمنافسته هاريس في اكثر من مناسبة خلال المناظرة..
اجراءات الوقاية من كورونا “هواء في شبك”..
بدأت هاريس بالحديث عن أن الرئيس ترامب ونائبه كانا لهما علم بهذه الجائحة وإمكانية انتقال الفيروس عبر الهواء لكنهما لم يقولا شيئا، وأن ترامب لم ينجح في التعامل مع الأزمة إذا ما نظرنا إلى حصيلة الإصابات والوفيات بفيروس كورونا، واتهمت إدارة ترامب باخفاء معلومات بشأن فيروس كورونا عن المواطنين الأمريكيين، فيما دافع بنس عن رئيسه ترامب مدعيا ان “ترامب علق الرحلات الجوية من الصين التي كانت بؤرة لتفشي كورونا، وزعم بأنه سيكون لدى أميركا لقاح في أقل من سنة وأن هناك الملايين من الجرعات تقوم البلاد بإنتاجها الآن..
ما يهمنا في هذا المقال هو التركيز على تهاون الرئيس الاميركي ترامب باتخاذ التدابير اللازمة بل الواجبة لمواجهة غزو جائحة كورونا كوفيد 19 لبلده، ولا ولامبالاته بصفته كرئيس دولة في السعي الجاد لانقاذ مواطنيه من هذا الوباء الذي فتك بالاميركيين حتى باتت الجثث منتشرة في شوارع نيويورك بعد فترة وجيزة من انتشاره، في وقت كشف فيه تقرير لمجلة “نيوزويك” الاميركية، ان وباء فيروس كورونا قتل من الأميركيين اكثر مما قُتل في حروب أميركا في فيتنام وكوريا والعراق وأفغانستان والحرب العالمية الأولى مجتمعة.
وجاء في تقرير مجلة “نيوزويك” ان “النزاعات المذكورة قتلت من الجنود الأميركان 155 الفا 72 جنديا بحسب وزارة شؤون المحاربين القدامى، في حين أن الوباء تسبب حتى الان في وفاة 205 آلاف و 600 شخص من الأميركان حتى يوم الخامس من شهر تشرين الاول/اكتوبر الجاري وفقا لجامعة جون هوبكنز، وفي الواقع تجاوز عدد الوفيات بوباء فايروس كورونا 155 الفا منذ نهاية شهر تموز/يوليو الماضي”، علما ان حصيلة الوفيات بلغت حتى يوم أمس الاربعاء السابع من تشرين الاول/اكتوبر اكثر من 210 آلاف حالة.
وفي التفاصيل، فقد أضاف التقرير أن “وزارة شؤون المحاربين قد بينت أن 4431 جنديا أميركيا لقوا حتفهم في غزو واحتلال العراق من 2003 إلى 2010، وقتل 2445 جنديا أميركيا في غزو أفغانستان من عام 2001 فصاعدا، وقتل 58220 جنديا أميركيا في الحرب ضد فيتنام من عام 1964 إلى عام 1975، وقتل 36574 جنديا أميركيا في الحرب الكورية من 1950 إلى 1953 و53402 أميركي ماتوا في الحرب العالمية الأولى من 1917 إلى 1918”.
وبذلك يعتبر الرئيس الاميركي سببا مباشره في فقط الولايات المتحدة لهذا العدد الكبير من ضحايا جائحة كورونا
أنانية وأزمة اخلاق وقلة احساس بالمسؤولية الوطنية المجتمعية
المؤشرات الضريبية في الولايات المتحدة في مايخص ملف الرئيس الاميركي كانت مؤئرات فاضحة أوضحت ان ترامب لا يفرق في اي حال عن اللصوص الذين يضرون بسمعة بلدهم، فرغم كونه رئيسا لأميركا فقد تنصل عن القانون الضريبي الذي يشمل كل افراد المجتمع الاميركي دون استثناء، تنصل عن اداء واجبه بالمساهمة الضريبية ولم يعط من ملياراته اكثر من 750 دولارا فقط، ما يشير الى ان هذا الرئيس لا يفكر سوى في نفسه وكيفية استثمار وتنمية امواله الشخصية والى عدم احساسه بالمسؤولية المجتمعية في بلاده.
عدم احساس ترامب بالمسؤولية خصوصا في ملف كورونا والملف الضريبي واهتمامه فقط في وضعه المادي يضعف كثيرا من امكانية فوزه بالانتخابات الرئاسية القادمة، مهما عرض نفسه وكأنه الرجل الحديدي الذي قهر كورونا وخرج من المشفى في ظرف يومين اثنين فقط.
ماذا عن الهذيان وقلة الوعي؟
عود على بدء.. رغم ارتفاع عدد الوفيات بسبب كورونا، ودخول ترامب بلحمه ودمه المشفى بسبب هذه الجائحة، غير انه لم يتعظ ولم يعِ خطورة الوضع الصحي زاعما في تغريدة له صباح اول امس الثلاثاء، أن فيروس كورونا “أقل فتكًا بكثير في معظم السكان” من الإنفلونزا”، فيما اشار تقرير مجلة “نيوزويك” الى ان الرئيس الاميركي مخطئ في هذا تماما على الرغم من أن الأنفلونزا تقتل عشرات الآلاف من الأميركيين كل عام، حيث قتل وباء كورونا عددا أكبر من الأميركيين في عام 2020 مقارنة بما يقرب من 178000 أميركي ماتوا بسبب الأنفلونزا على مدار السنوات الست الماضية” وفق مراكز مكافحة الأمراض الاميركية..
الى ذلك.. أشار عالم الأوبئة المعدية آدم كوتشارسكي إن مرض كورونا أكثر فتكا بعشر مرات من الإنفلونزا لأن معدل وفيات العدوى به أعلى بعشر مرات، كما أن له تأثيرات طويلة المدى لا تزال قائمة بعد زوال الأعراض الأولية للمرض، بما في ذلك ضباب الدماغ والتعب المزمن وآلام المفاصل وتلف الرئة وتلف القلب”، فهل يعي مناصرو هذا الرئيس الذي اجتمعت فيه كل الموبقات خطورة ان يتسنم مجددا رئاسة هذا البلد بعد انكشاف وافتضاح كافة اوراقه وبعد ان لسعته افعى كورونا وأحرقت بعض خلايا عقله؟
السيد ابو ايمان (موقع قناة العالم)