المصدر الأول لاخبار اليمن

معهد إسرائيلي: استراتيجية السيسي لمواجهة تداعيات خسارة ترامب

متابعات // وكالة الصحافة اليمنية //

في 3 نوفمبر 2020، يختار الناخبون في الولايات المتحدة بين الرئيس الحالي “دونالد ترامب” والمرشح الديمقراطي “جو بايدن”. وبغض النظر عن تأثير نتائج الانتخابات الرئاسية على مستقبل أمريكا، فإنها ستؤثر أيضا على الشرق الأوسط بشكل عام ومصر بشكل خاص.

وإذا تولى رئيس جديد المنصب، فقد تكون العلاقات الدافئة مع واشنطن، التي تمتعت بها القاهرة في عهد “ترامب”، موضع تساؤل. وخلال فترة رئاسة “ترامب”، تمتع قادة البلدين بعلاقات جيدة، وتم تطوير التعاون العسكري والاقتصادي بينهما.

ولا تتدخل مصر في الانتخابات، لكن المزاج الإعلامي يميل بوضوح لصالح شاغل المنصب الحالي. وبينما يوصف “ترامب” بأنه مناهض لجماعة “الإخوان المسلمين”، يتم تصوير “بايدن” على أنه الشخص الذي سيستمر في سياسة الرئيس السابق “باراك أوباما”، وأنه سيسعى مرة أخرى للمصالحة مع المحاور الإسلامية الراديكالية والإيرانية، على حساب المحاور الإقليمية البراجماتية.

وحذر موقع مقرب من النظام المصري مؤخرا من أن “بايدن سيعطي الإسلاميين في الشرق الأوسط ربيعا عربيا ثانيا”.

ومن المتوقع أن تستمر العلاقات الجيدة بين مصر والولايات المتحدة إذا أُعيد انتخاب “ترامب”. ولكن إذا تم انتخاب “بايدن”، فمن المحتمل أن تعود العلاقات إلى الأجواء الباردة التي سادت خلال ولاية “أوباما”.

ولم يدع “أوباما” الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي” لزيارة البيت الأبيض، واعتبرت إدارته في البداية الإطاحة بـ”الإخوان المسلمين” في يوليو/تموز 2013 بمثابة انقلاب عسكري ضد حكومة منتخبة بشكل شرعي.

وجمدت الإدارة 260 مليون دولار من المساعدات العسكرية لما يقرب من عامين، وعلقت التدريبات العسكرية المشتركة مع مصر، في محاولة للضغط على القاهرة لاستعادة العملية الديمقراطية التي انهارت في ظل نظام “السيسي”.

وإذا تم انتخاب “بايدن”، فمن المفترض أن تتولى شخصيات بارزة في عهد “أوباما” مناصب رئيسية في الإدارة الجديدة، بما في ذلك بعض الذين اتخذوا موقفا قويا ضد مصر.

وفي حال انتصار “بايدن”، فمن المرجح أن يؤثر عدد من القضايا على العلاقات بين مصر وإدارته. ويتعلق أكبر احتكاك محتمل بحقوق الإنسان. وبالرغم أن “بايدن” نادرا ما علق على الشرق الأوسط، أو مصر على وجه الخصوص، فقد عرض مذهبه السياسي في مقال نُشر في مجلة “فورين بوليسي”، في يناير/كانون الثاني 2020، ووعد فيه “بايدن” بتبني سياسة تقوم على حماية حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية.

وعلى عكس “ترامب”، الذي مارس ضغوطا قليلة على مصر وحلفاء آخرين في مسائل حقوق الإنسان، أعلن “بايدن” أنه لن يتعاون مع الأنظمة التي لا تحترم الأعراف الغربية.

وبينما كان “ترامب” يتمتع بعلاقات حميمة مع الحكام المستبدين وأشار إلى “السيسي” بلقب “ديكتاتوري المفضل”، ندد “بايدن” في يوليو/تموز الماضي باعتقال ناشطي حقوق الإنسان في مصر، وحذر من أنه بعد الانتخابات، لن يكون هناك المزيد من الشيكات على بياض لديكتاتور “ترامب” المفضل.

وإذا تصرف “بايدن” بناء على هذه التصريحات، فمن المحتمل أن تجد مصر والولايات المتحدة نفسيهما في مسار تصادمي.

وتعكس تصريحات “بايدن” وجهة نظر متكررة داخل الحزب الديمقراطي. وجادلت المقالات التي كُتبت مؤخرا في معهد “بروكينجز” أن العلاقات مع مصر لا تخدم المصالح الأمريكية، وأن سلوك نظام “السيسي” كان يزيد من عدم الاستقرار في مصر والمنطقة.

وأوصى معهد “بروكينجز” بربط 1.3 مليار دولار من المساعدة العسكرية السنوية التي منحتها الولايات المتحدة لمصر منذ توقيعها معاهدة السلام مع (إسرائيل) بالإصلاحات، أو تحويلها إلى أغراض مدنية.

وفي أغسطس/آب الماضي، دعا 40 عضوا في الكونجرس، معظمهم من الديمقراطيين، وزير الخارجية “مايك بومبيو” إلى ربط العلاقات الدفاعية والثنائية بتحسين حالة حقوق الإنسان في مصر. وفي أكتوبر/تشرين الأول، أرسل 56 نائبا ديمقراطيا آخر رسالة إلى “السيسي” يطالبون فيها بالإفراج عن السجناء السياسيين.

وتوجد مسألة أخرى قد تؤدي إلى برودة العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر، وهي التغيير المحتمل في السياسة الأمريكية تجاه إيران. وكنائب للرئيس، أيد “بايدن” باستمرار الاتفاق النووي مع إيران، والتزم بتجديده إذا استأنفت إيران الوفاء بشروطه. علاوة على ذلك، لا يمكن استبعاد أن تتبنى إدارة “بايدن” سياسة أكثر ليونة تجاه سلوك إيران العام في الشرق الأوسط.

وتعد مصر أقل قلقا من البرنامج النووي الإيراني من الحلفاء في الخليج، لكنها تعتبر إيران أيضا تهديدا للاستقرار والنظام الإقليميين، وتخشى سيناريو تحالف إيران مع أعضاء المحور الإسلامي، تركيا وقطر وجماعة الإخوان المسلمين.

كيف تتصرف مصر تجاه إدارة “بايدن

وأدى تقدم “بايدن” في استطلاعات الرأي العام إلى زيادة الضغط في القاهرة وتسريع الاستعدادات لانتخابه المحتمل. واستنادا إلى الخبرة السابقة والخطاب الإعلامي حول هذه المسألة، من المحتمل أن تقترب مصر من إدارة “بايدن” عبر عدة طرق.

أولا، ستمارس ضغوطا إقليمية على الولايات المتحدة لمنعها من دعم الإسلام السياسي وإيران بشكل غير مباشر. وستحاول مصر وحلفاؤها في المحور العربي البراجماتي، وفي مقدمتهم السعودية والإمارات، الاستفادة من ثقلهم الإقليمي المشترك من أجل إقناع واشنطن بعدم العودة إلى ما يعتبرونه أخطاء إدارة “أوباما” السابقة.

ثانيا، سوف تعمل مصر على تحسين صورتها باعتبارها مكسبا للولايات المتحدة. ولطالما ردد المتحدثون باسم النظام رسالة مفادها أن واشنطن بحاجة إلى القاهرة بما لا يقل عن حاجة القاهرة لواشنطن، لأن مصر تساهم في الحفاظ على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط من خلال الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين، والوساطة بين الأعداء (على سبيل المثال، في ليبيا والقضية الفلسطينية)، والحرب على الإرهاب.

ثالثا، قد تهدد مصر بعلاقات أوثق مع القوى العالمية المنافسة، وعلى رأسها الصين وروسيا. وفي ظل حكومة “السيسي”، تعتبر مصر التنويع مبدأ أساسيا في السياسة الخارجية. وبعد أن أدارت إدارة “أوباما” ظهرها لمصر، قررت القاهرة عدم الاعتماد الحصري على الدعم الأمريكي، وبدلا من ذلك طلبت الدعم من القوى الأخرى.

ولعب هذا الموقف دورا حاسما في قرار عام 2018 بشراء طائرات حربية من طراز “سو-35” من روسيا بالرغم من المعارضة الشديدة من واشنطن. بالإضافة إلى ذلك، تحسنت العلاقات بين مصر والصين خلال ولاية “السيسي”، مع اعتراف مصر بالصين كقوة عالمية صاعدة. ويتعاون البلدان بشكل وثيق في الاقتصاد والاستثمارات، واتفقا مؤخرا على تصنيع اللقاح الصيني ضد “كوفيد-19” في مصر وتوزيعه من هناك إلى جميع أنحاء أفريقيا.

وإذا تم انتخاب “بايدن”، فمن المرجح أن تعزز القاهرة سياستها المتمثلة في تنويع مصادر دعمها من خلال تعزيز علاقاتها مع موسكو وبكين لإرسال رسالة إلى واشنطن مفادها أن الولايات المتحدة لا تستطيع اعتبار شراكة مصر أمرا مسلم به.

وفي الوقت نفسه، حتى في ظل إدارة أمريكية أقل ودية من إدارة “ترامب”، فمن شبه المؤكد أن مصر ستتجنب تعريض علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة للخطر، والتي لا تزال مصر بحاجة إليها كحليف رئيسي في مجموعة متنوعة من الأمور، بما في ذلك أزمة سد النهضة الأثيوبي، والحرب الأهلية في ليبيا، والمساعدات العسكرية والمالية المباشرة، ودعم المساعدات والقروض من المؤسسات المالية مثل صندوق النقد الدولي، وتطوير سوق الغاز الطبيعي، والتجارة.

رابعا، اتخذت مصر إجراءات لتقليل الضغط الأمريكي بشأن قضايا حقوق الإنسان، مع جهود العلاقات العامة الهادفة إلى تحسين الصورة السلبية لمصر. وقد ناقشت اللجنة الدائمة العليا لحقوق الإنسان في مصر، في أكتوبر/تشرين الأول، مسودة أولية للاستراتيجية الوطنية الأولى لحقوق الإنسان.

كما نشطت مصر في هذا السياق في الأعوام الأخيرة على المسرح الدولي، بما في ذلك في الأمم المتحدة. وتحاول مصر الترويج لمفهوم بديل لحقوق الإنسان يشدد على التسامح الديني والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مثل سبل العيش والغذاء والصحة والتعليم والأمن الشخصي.

وتصر القاهرة على أنه في هذه المجالات، هناك خطوات مهمة في الاتجاه الصحيح جارية في مصر، لكن البلاد ليست مستعدة، وليست بالضرورة مهتمة، بتبني الديمقراطية الليبرالية على النمط الغربي.

التداعيات بالنسبة لـ (إسرائيل)

وسوف يوفر انتخاب “بايدن” المحتمل فرصا ومخاطر لعلاقات (إسرائيل) مع مصر. ومن المرجح أن يؤدي الاضطراب في علاقاتها مع الولايات المتحدة إلى مطالبة مصر بمساعدة (إسرائيل) لاعتقادها أن الطريق إلى واشنطن يمر عبر تل أبيب.

وحدث هذا بالفعل أثناء إدارة “أوباما”، عندما عملت (إسرائيل) واللوبي الإسرائيلي في واشنطن نيابة عن القاهرة. ويفترض هذا السيناريو أن (إسرائيل) سيكون لها تأثير كاف على إدارة يرأسها “بايدن”، بالرغم من النفوذ المتزايد للجناح التقدمي للحزب الديمقراطي.

ومن ناحية أخرى، سوف يتدهور وضع (إسرائيل) في حالة حدوث خلاف خطير بين مصر والولايات المتحدة. فلدى (إسرائيل) مصلحة في استمرار العلاقات الاستراتيجية طويلة الأمد بين القاهرة وواشنطن. وإذا لزم الأمر، قد تكون (إسرائيل) قادرة على مساعدة مصر في إقناع الولايات المتحدة بأن العلاقات المصرية الوثيقة مع روسيا والصين ليست بالضرورة على حساب العلاقات مع الولايات المتحدة.

ويمكن لـ (إسرائيل) أيضا أن تساعد في إقناع واشنطن بضمان ألا تؤدي جهودها لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر إلى تقوية جماعة “الإخوان المسلمين”.

المصدر | معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

 

قد يعجبك ايضا