تقرير: رشيد الحداد
حصلت «الأخبار» على بنود مسودة «الإعلان المشترك» لوقف إطلاق النار، والتي عرضها مارتن غريفيث أخيراً على مجلس الأمن الدولي ونال تأييده لها.
وفيها، يعيد غريفيث تبرئة تحالف العدوان من الجرائم المرتكَبة في اليمن، حاصراً الصراع في إطار محلّي، ومستعجِلاً تنفيذ تدابير «بناء الثقة» كيفما كان، بدعوى «الأسباب الإنسانية»
من جديد، يحاول المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، حشد الجهود الدولية للضغط على أطراف الصراع اليمنيّين لوقف الحرب، مُبرّئاً السعودية والإمارات من جرائمهما في هذا البلد طيلة ستّ سنوات.
هذه المرّة، عاد غريفيث إلى حيث تَوقّفت مساعيه في حزيران/ يونيو الماضي، بعرضه أخيراً مسودة «الإعلان المشترك» لوقف إطلاق النار على مجلس الأمن الدولي، حيث حرص على الحصول على تأييد المجلس له، على رغم أنه يبدو أقرب إلى «وصفة فشل» منه إلى طريق للحلّ.
المسودة، التي حصلت «الأخبار» على نسخة منها، تُبرّئ تحالف العدوان من جميع الجرائم التي ارتُكبت بحق الشعب اليمني، وتُخرج الرياض من دائرة الصراع، وتُصنّف الحرب كحرب داخلية لا أطراف إقليمية ودولية فيها. لذلك، يستميت غريفيث، مدفوعاً بدعم بريطاني وسعودي، لتنفيذ مسودة «الإعلان المشترك» لدواعٍ إنسانية، مُتّخذاً من مخاطر جائحة «كوفيد – 19» وسيلة لترجمة مقترحه على أرض الواقع.
وتحثّ المسودة الطرفَين اليمنيَّين على وقف إطلاق النار في الجبهات كافة، والإسراع في الاتفاق على تدابير إنسانية واقتصادية، واستئناف المشاورات السياسية.
كما تلزمهما بمباشرة تنفيذ عدد من تدابير «بناء الثقة»، كضمان حرّية حركة المواطنين بين المحافظات، وإعادة فتح الطرق والمطارات، والسماح بتدفّق البضائع والخدمات الإنسانية والتجارية إلى الموانئ اليمنية.
وعلى مدى عدّة أشهر، حاول غريفيث تعديل بعض بنود «الإعلان المشترك» لتجاوز فشله في تنفيذه، إلا أن تلك التعديلات اقتصرت على تغيير عبارة «يوقف طرفا هذا الاتفاق وجميع من يَنتسب إليهما وقفاً كاملاً جميع العمليات العسكرية الهجومية البرّية والجوية والبحرية، بما في ذلك إعادة نشر القوات والأسلحة الثقيلة والمتوسطة والذخائر»، لتصبح «يوقف طرفا هذا الاتفاق العمليات العسكرية البرّية والبحرية والجوية، مع بقاء قوات كلّ طرف في نطاق سيطرتها، ويلتزمان بعدم خرق هذا الاتفاق أو تقويضه»، على أن تُشكَّل لجنة تنسيق عسكرية برئاسة الأمم المتحدة وعضوية ممثّلين عسكريين رفيعي المستوى من كلا الطرفين، تنبثق منها لجان وقف إطلاق نار محلّية لتنفيذ وقف إطلاق النار على المستوى المحلّي، وهي لجنة شبيهة بـ«لجنة إعادة الانتشار» في الحديدة، والمُشكَّلة وفق «اتفاق استكهولم» المُوقَّع أواخر عام 2018.
وينيط «الإعلان المشترك» باللجنة العسكرية، مهامّ مراقبة وقف إطلاق النار، على أن تُقدّم تقاريرها أسبوعياً وشهرياً إلى الأمم المتحدة، وتجتمع بشكل دوري شهرياً وأسبوعياً إن اقتضت الحاجة، فيما تستعين الأمم المتحدة بطرف ثالث لتنفيذ طلعات جوية غير مسلّحة بهدف الرقابة على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
عدّل غريفيث عدّة مرات مسودته من دون أن يتطرّق في أيّ منها إلى مسؤولية «التحالف»
وفي المحور الإنساني، يُلزم المقترح الطرفين إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمفقودين والمحتجزين تعسّفياً والمخفيّين قسراً والموضوعين تحت الإقامة الجبرية والأشخاص المسلوبة حرّيتهم بسبب النزاع، وفقاً لـ«اتفاق استوكهولم»، وخاصة في ضوء تهديد انتشار فيروس كورونا المستجد في أماكن الاحتجاز. كما يحثّ الطرفين على إنهاء ملف الأسرى والمعتقلين بشكل كامل، وفتح طريق الحوبان في تعز وطريق صنعاء – الحديدة وطريق صنعاء – مأرب وصعدة والجوف، لتسهيل حركة البضائع والخدمات الإنسانية والتجارية، واتخاذ جميع الترتيبات الأمنية اللازمة لضمان سلامة وأمن وحرية الحركة والمرور للمسافرين.
وفي الجانب الاقتصادي، يُلزِم «الإعلان المشترك» الطرفين صرف رواتب جميع موظفي الخدمة المدنية في أرجاء اليمن كافة، وفقاً لكشوفات رواتب عام 2014، ويقترح تشكيل لجنة مشتركة للاتفاق على التدابير الفنية اللازمة لصرف الرواتب في غضون شهر من وقف إطلاق النار، مقابل قيام الأمم المتحدة بالتواصل مع المجتمع الدولي لحثّه على المساهمة في موضوع الرواتب.
وفيما تركت المسودة مسألة ازدواجية البنك المركزي بين صنعاء وعدن وازدواجية التعامل بالعملة الوطنية مفتوحة، اكتفت بِحثّ الطرفين على فتح حساب خاص، بإدارة مشتركة، في البنك المركزي اليمني (من دون تحديد إذا ما كان في صنعاء أم عدن) وفروعه لإيداع اللازم من الإيرادات المركزية والسيادية، لكنه ألزم حكومة هادي بتسليم إيرادات النفط والغاز والجمارك والضرائب والموانئ (بما في ذلك موانئ الحديدة) والمنافذ في أنحاء اليمن كافة، بشكل منتظم، لصرف رواتب جميع موظفي الخدمة المدنية.
وحول انقسام السياسة النقدية بين الطرفين، حَثّ «الإعلان المشترك» على تشكيل لجنة مشتركة أخرى متخصّصة، لاعتماد آلية لتنسيق السياسة النقدية لحماية الاقتصاد الوطني ودعم احتياطات النقد الأجنبي في الخارج، مقابل قيام الأمم المتحدة بتقديم الدعم الفني لتلك اللجنة، بالتنسيق مع المنظّمات الدولية المتخصصة.
وفي شأن احتجاز تحالف العدوان سفن الوقود ومنع مرورها إلى ميناء الحديدة منذ خمسة أشهر، خاطبت المسودة حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، بدعوتها إلى الإفراج عن السفن المحتجَزة وعدم حجز أيّ سفن بعد توقيع الاتفاق، ورفع القيود على دخول سفن الحاويات التجارية والسفن المُحمّلة بالغاز والنفط والمشتقات النفطية، وغيرها من السفن المُحمّلة بالسلع والبضائع، بشكل منتظم، ومن دون تأخير، ما دامت ملتزمة بحظر توريد الأسلحة، من دون أن يشير إلى قرصنة «التحالف» للناقلات واحتجازه إيّاها بطريقة تعسّفية لأشهر، بما يخالف «اتفاق استكهولم».
كذلك، حثّ المقترح على فتح مطار صنعاء الدولي للرحلات الدولية والتجارية والإنسانية والمدنية أسوة بالمطارات اليمنية الأخرى، على أن تُشكَّل لجنة إشرافية فنية مشتركة بين إدارة المطار في صنعاء والأمم المتحدة للتعاون والتنسيق والتسهيل في الإجراءات التشغيلية بما فيها التراخيص.
ووفقاً لمصدر دبلوماسي، فإن من بين التعديلات التي أدخلها غريفيث على مسودته، دعوة أطراف الصراع إلى الانتقال إلى المفاوضات النهائية.
وبحسب المسودة، تبدأ الأمم المتحدة التحضير لعقد جولة من المشاورات مع الطرفين، بعد التشاور في شأن جدول الأعمال والإطار الزمني والترتيبات اللوجستية اللازمة في أسرع وقت ممكن، في حين لم يتضمّن «الإعلان المشترك» أيّ جدول زمني، باستثناء تحديد تشكيل اللجنة العسكرية لوقف إطلاق النار بعد 72 ساعة من التوقيع على الاتفاق.
نقلاً عن: جريدة “الأخبار” اللبنانية.