باهتمام بالغ تناقلت وسائل الإعلام العالمية مقابلة ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” التي أجراها مع مجلة «ذي أتلانتك» الأمريكية ووصفته بأنه هو ورئيس الوزراء الإسرائيلي “نتنياهو” وجهان لعملة واحدة.
وحول هذا السياق نشرت جريدة “الخليج الجديد”، في مقالٍ لها جاء تحت عنوان “الصحافة الإسرائيلية: ابن سلمان ونتنياهو وجهان لعملة واحدة”، وذكرت الجريدة أبرز التعليقات على تلك المقابلة التي أجراها “محمد بن سلمان” مع مجلة “ذي أتلانتيك” الأمريكية، حيث كتبت:” لقد احتفت وسائل الإعلام الإسرائيلية بتصريحات ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” التي أطلقها في مقابلته مع مجلة «ذي أتلانتك» الأمريكية، لدرجة أن إحداها قالت، إن “ابن سلمان” ورئيس الوزراء الإسرائيلي يُعدان وجهين لعملة واحدة”.
وفي هذا السياق تصدّرت تصريحات الأمير “ابن سلمان” التي عبّر فيها عن أنّ إسرائيل لها الحق بامتلاك الأرض والعيش فيها، العناوين الأولى والعريضة في مختلف وسائل الإعلام الإسرائيلية وفي المقابلة التي أجراها هذا الأمير مع “جيفري غولدبيرغ” رئيس تحرير مجلة «ذي أتلانتيك» الأمريكية الذي خدم في الماضي لفترة طويلة في الجيش الإسرائيلي والتي تم نشرها يوم الاثنين الماضي، اعترف ولي العهد السعودي رسمياً بوجود الكيان الصهيوني، الذي قام باحتلال أرض فلسطين وبتشريد شعبها وأكد بأنه ليس هناك أي اعتراض ديني على وجود دولة إسرائيل.
من جهته أعرب “ابن سلمان” في رد له على سؤال عمّا إذا كان “الشعب اليهودي لديه الحق في أن تكون له دولة مستقلة فوق جزء من أرض أجداده أم لا؟»، قائلاً: “أعتقد أن لكل شعب في أي مكان من هذا العالم الحق في أن يعيش في وطنه بسلام وأعتقد أن للشعبين الفلسطيني و”الإسرائيلي” الحق في أن يكون لكل منهما أرضه المستقلة والخاصة به» وأضاف ولي العهد السعودي: “لكن يجب أن يكون لدينا اتفاق سلام، لكي يتم تأمين الاستقرار والسكينة للجميع ولكي تتكون بين جميع الأطراف في المنطقة علاقات تعاون طبيعية وجيدة”، وتابع “ابن سلمان”: “إن دولة إسرائيل تمتلك اقتصاداً قوياً ومتيناً مقارنة بحجمها الصغير وهذا الاقتصاد ينمو بشكل سريع يوماً بعد يوم، بالطبع هناك الكثير من المصالح التي نتقاسمها مع إسرائيل وإذا كان هناك سلام، فسيكون هناك الكثير من المصالح بين إسرائيل والدول الخليجية ودول أخرى مثل مصر والأردن”
الاعتراف رسمياً بدولة إسرائيل
وصفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، ما قاله ولي العهد السعودي بأنه “اعتراف رسمي بدولة إسرائيل” وحول هذا السياق كتب “أمير تيفون” المحلل العسكري بهذه الصحيفة: “إن تصريحات ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” التي أطلقها في مقابلته مع مجلة “ذي أتلانتيك” الأمريكية، تُشير إلى اعتراف سعودي واضح بدولة إسرائيل كدولة قومية ومستقلة”.
من جهة أخرى أضاف المحلل العسكري: “إن الصحفي الأمريكي “غولدبرغ” فوجئ بتصريحات ولي العهد السعودي، بنحو دفعه للقول: لم تصدر مثل هذه التصريحات التي تتعلق بإسرائيل من فم أي زعيم عربي في الماضي ولقد رأى “تيفون” أن تصريحات “ابن سلمان” فيما يخص الاقتصاد الإسرائيلي والمصالح المشتركة، تحمل في طياتها مؤشراً على أنه في المستقبل القريب سيكون هناك العديد من فرص التعاون بين “تل أبيب” و”الرياض”.
وفي سياق آخر، أعرب موقع «جلوبس» الإسرائيلي، عن مدى تقديره وشكره لتصريحات “ابن سلمان”، حيث قال: “إن الأمير السعودي يصنع التاريخ ويعترف بحق إسرائيل في أن يكون لها دولة ذات سيادة مستقلة”.
وحول هذا السياق، تناولت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” كل ما ورد في مقابلة ولي العهد السعودي مع صحيفة “ذي أنتلانتيك” وكتبت مقالاً تحت عنوان “ولي العهد السعودي اعترف بدولة إسرائيل رسمياً وتحدّث عن العلاقات المستقبلية بينهما”، حيث قالت: “إن ابن سلمان رحب بإقامة علاقات دبلوماسية في المستقبل القريب بين مملكته والدولة اليهودية”.
تصريحات مفاجئة وصادمة
نشرت صحيفة «يسرائيل هايوم»، المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي “نتنياهو”، خبر مقابلة “ابن سلمان” مع صحيفة “ذي اتلانتك”، ولفتت إلى ذلك قائلة: “إن ولي العهد السعودي يُواصل إطلاق التصريحات المفاجئة” وفي سياق متصل وصفت القناة “العاشرة” الإسرائيلية تصريحات “ابن سلمان” تلك، بأنها “تصريحات استثنائية”، ولفتت إلى أن هذه التصريحات جاءت بعد الكشف عن لقاء جمع الأمير “ابن سلمان” مع “مئير بن شبات” رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي “الاستخبارات العسكرية”.
كما أن صحيفتي “يديعوت أحرنوت” و”معاريف” الإسرائيليتين أشادتا بتصريحات ولي العهد السعودي المتعلقة بالاقتصادي الإسرائيلي والذي وصفه بأنه “كبير بالنسبة لحجمها الصغير”، ومن جهة أخرى، أعرب “أوريل بئيري” أحد الكّتاب في موقع “سروجيم” الإسرائيلي، فيما يخص تصريحات ولي عهد السعودية، قائلاً: ” إن ابن سلمان يقدّم دليلاً جديداً وواضحاً على تحسّن العلاقات بين إسرائيل والسعودية”.
من جهته أشار “يوني ين مناحيم”، الباحث في معهد القدس للدراسات الإقليمية، في مقالة له جاءت تحت عنوان “ابن سلمان ونتنياهو وجهان لعملة واحدة”، إلى أن هذه التصريحات تسببت بحصول هجوم شرس في العالم العربي ضد ولي العهد السعودي.
تطبيع العلاقات
وفقاً لما كتبته صحيفتا «هآرتس» الإسرائيلية و«إندبندنت» البريطانية، فإن مقابلة “ابن سلمان” مع مجلة “ذي اتلانتيك” الأمريكية، جاءت خلال زيارته الحالية إلى الولايات المتحدة التي تدوم أسبوعين والتي التقى خلالها الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” وبعض المسؤولين السياسيين الأمريكيين، إضافة إلى بعض الزعماء اليهود الموجودين في الولايات المتحدة ومن بين الشخصيات اليهودية التي التقى بها الأمير “ابن سلمان” في أمريكا، رؤساء لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية “أيباك” والاتحادات اليهودية في أمريكا الشمالية والمنظمة العالمية للدفاع عن اليهود ومنظمة «بناي بريث» الصهيونية والتي تُعدّ جميعها حركات يهودية.
الجدير بالذكر هنا، أن السعودية لا تعترف رسمياً بإسرائيل، لكن في الفترة الأخيرة تحدثت العديد من التقارير الصحفية عن تحسن كبير في العلاقات بين الجانبين وصل إلى أن ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”، قام بإجراء زيارة سرية إلى “تل أبيب”، رغم النفي السعودي الرسمي لتلك الزيارة وتأمل الحكومة الإسرائيلية في إقامة علاقات دبلوماسية وتجارية مع الجانب السعودي وتدفع بكل ثقلها في اتجاه أن يكون للرياض دور أساسي وتاريخي في فتح الباب أمام تطبيع العلاقات بين إسرائيل وباقي الدول العربية.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإسرائيلية عن اتجاه اسرائيل مع الولايات المتحدة لتشكيل تحالف قوي مع الجانب السعودي وذلك من أجل مواجهة الخطر الإيراني على حسب قولهم والدفع باتجاه عقد “صفقة القرن” الأمريكية، التي تهدف إلى تطوير وتوسيع العلاقات الإسرائيلية العربية.
تجدر الإشارة هنا، إلى أن السلطات السعودية وافقت الشهر الماضي على فتح الأجواء السعودية لشركة طيران الهند “إير إنديا” التي تقوم بنقل العديد من المسافرين بين مدينتي “نيودلهي” الهندية و”تل أبيب” الإسرائيلية وهذا الأمر اعتبره رئيس الوزراء الإسرائيلي، حدثاً تاريخياً مليئاً بالمعاني السياحية والاقتصادية والتكنولوجية والسياسية، ما يعني أن هذا الحدث ليس مهماً بحد ذاته بل بما يعنيه وبما يحمله عملياً في الأيام المقبلة ويرى الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” أن السعودية، دولة يمكنها أن تساعده في إنجاز “صفقة القرن” التي أعلن عنها قبل عدة أشهر والتي ستتيح لإسرائيل تطوير علاقاتها الدبلوماسية مع العديد من الدول العربية وعلى رأسها السعودية.