يُعتبر الفتى “مشير بشير الحزمي” البالغ من العمر 15 عامًا، أحد المبدعين اليمنيين الذين لقيت اسماؤهم رواجا على مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر الكثير عن إبداعاته “الهندسية” التي انتجها من خلال استخدام المخلفات الكرتونية والبلاستيكية، محولاً تلك المخلفات إلى تصاميم هندسية لمبانٍ مشهورة في صنعاء؛ أبرزها مبنى برج طيران اليمنية، ومستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا، والمستشفى الألماني الحديث، وبعض المدارس والمباني الأخرى.
مشير من أبناء محافظة إب، يسكن صنعاء مع أسرة فقيرة تضم تسعة أشخاص بينهم خمس فتيات، يعمل والده في أحد المطاعم الشعبية بالمدينة؛ لسد حاجة الأسرة الأساسية، وتوفير القوت الضروري وقضاء حاجة ابنه الموهوب من جهة أخرى.
في المدرسة ليس كزملائه فهو مجد مثابر ينظر إلى الحياة بمنظور منتظم يمر بعدة مراحل وكل مرحلة تحتوي على مهمات يجب تنفيذها للاستمرار بالطريق الصحيح.
بدأ مشير مشواره التصميمي منذ عام من الان فقد بدأ بتصميم مدرسته ومدرسة أخواته وانطلق نحو تصميم المباني الجميلة بحيه فقد اختار بعض الفلل وصممها، وفق أسس البناء المعماري أولًا بأول فبدأ بتصميم القواعد الكرتونية وبناء الأعمدة البلاستيكية وبلاطة الطوابق من كراتين قوية لتمسك الأعمدة البلاستكية أو الكرتونية فيها وتكون أكثر تماسكاً وتصميم البناء الخارجي وتركيب الأضواء ومواقف السيارات، فهو يرى البناء من نظرية الواقع الحقيقي لا كما يراه البعض على أنه مجرد تصميم كرتوني وهذا ما ميزه عن غيره من المبدعين في هذا المجال ويتضمن أفكارا هندسية متخصصة. ليس هذه فحسب فقد اتخذ من الأشياء التالفة والمخلفات نقطة تحول لإعادة استعمالها في الحياة الخاصة فقد صنع مكنسة كهربائية من الأشياء التالفة خلال الفترة الماضية.
يؤكد الشاب مشير أن باستطاعته، إنشاء أكثر من مبنى وبتصاميم أفضل من الواقع ويسعى لها شغوفًا لكن دخل والده المحدود لا يسمح له بالحصول على متطلباته لتصميم ما يجول في فكره.
يقول والده لـ”وكالة الصحافة اليمنية”: “حالما ينفك الحصار ويتحسن الوضع الجاري للبلد سيقدم مشير الأفضل وبشكل واقعي لليمن وما هذه التصاميم الكرتونية والبلاستيكية إلا خيالا للواقع الذي دمره العدوان وسيعاد بناء مدن يمنية جميلة ويرفع علم اليمن عاليًا”.
وعبر منشور في صفحته على فيسبوك يقول الصحفي عبد القادر عثمان إن عقل مشير ” وإبداعه يتجاوز عمره بسنوات”، ويضيف: “ورغم صغر سنه إلا أنه قام بتصميم مجسما لمبنى برج طيران اليمنية مع الإضاءة الداخلية والخارجية، بشكل دقيق وكأنه مهندس معماري”.
ولفت عثمان إلى أن “الطالب مشير واحد من آلاف الطلاب المبدعين في مثل هذا السن والذين هم بحاجة إلى الأخذ بيدهم ومساعدتهم على اكتشاف إبداعاتهم ومواهبهم”.
فيما نشرت الناشطة أفنان الشبيبي قائلة: “مبدعون فِي زمن تغتال فيه ربيع أعمارنا ويذهب كل هذا الإبداع سدا”، وتضيف عبر صفحتها: “هذا الشاب زهرة حياته نضجت مبكرا لكي يكتمل منها عبق الورود
يعمل مجسمات رائعة وفخمة الإنشاء، ولكنه للأسف يحيا فِي بلد قليل فيه من ينظرون لهذه العقول ويقومون بإسنادها لتكمل ما بدأت به”.
من جهته يرى الناشط وضاح خالد أن ابداع “مشير” ليس مصادفة، ويقول:”مطارات بلاده مغلقة في وجهه، وظروف الحرب أشبه بسياجٍ شائكٍ يعيقه عن التحليق عالياً أو حتى التحرك، لكن.. من يستطيع إعاقة الأرواح والعقول؟ لا أحد”.
أمثال مشير في اليمن آلاف من المبدعين أقسموا على خدمة الوطن بما يملكون. فقد أثر العدوان الخارجي على مختلف القطاعات والمجالات الحيوية في البلاد؛ إلا أنه أظهر العديد من الإبداعات الفكرية المدفونة تحت ركام الفساد منذ عقود من الزمن وما تعلنه قيادة القوات المسلحة يومًا بعد يوم عن تطور القوة العسكرية والدفاعية حتى الوصول للطيران المسير والموجه إلا دليلا على قدرة اليمنيين الفكرية على انتاج أكثر مما نتوقعه.
وفي سياق التفات الدولة إلى إبداعات الشباب ومواهبهم وقدراتهم، كان المجلس السياسي الأعلى قد أصدر قرارا بإنشاء الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، في إطار تنفيذ الرؤية الوطنية لبناء الدولة 2030، على أن يكون من أولويات عملها اكتشاف ورعاية ودعم والمبدعين والمبتكرين، وهو ما يبشر بمستقبل يلقى فيه العقل اليمني البيئة المناسبة التي تساعده على الإبداع وتحفزه على الابتكار، الأمر الذي سينعكس بشكل إيجابي على النهوض بالبلد والوصول به إلى مصاف الدول العظمى.