تحليلات (وكالة الصحافة اليمنية)
في ولاية ترامب التي شارفت رسميا على الانتهاء، وان كانت ستستمر بمفاعيلها تم “شخصنة” كل شيء على الطريقة الترامبية، بدءا من الدين والعلاقات الدولية ومرورا بالارهاب والحروب والعدوان وانتهاء بالمصالح القومية للبلدان والشعوب، حيث تُتخذ اخطر القرارات في هذا الشأن، والتي تؤثر على حياة الملايين من البشر، بجرة قلم او بإتصال هاتفي.
إنطلاقا من هذه السياسية، يرى زعماء السعودية، الذين اذلهم الشعب اليمني خلال السنوات الست الماضية، ان يستغلوا الايام الخمسين المتبقية لترامب في البيت الابيض، من اجل اقناعه بادراج حركة انصارالله اليمنية كمنظمة ارهابية، من اجل قطع المساعدات الدولية عن الشعب اليمني والامعان في تجويعه انتقاما منه على الهزائم التي الحقها بالتحالف الامريكي الاسرائيلي السعودي الاماراتي.
اللافت انه ومن اجل تبرير الطلب السعودي، المدفوع الثمن، لادراج حركة انصار الله كمنظمة ارهابية، تذرع مستشار الأمن القومي الأمريكي روبرت أوبراين، “بعدم وجود نية” لحركة انصارالله “بالدخول في عملية سلام بحسن النية في اليمن”. بينما العالم اجمع وفي مقدمته منظمة الامم المتحدة، بات على يقين ان الطرف الذي يرفض جميع الحلول السياسية، ولا يرضى بغير الاستسلام الكامل للشعب اليمني، هو السعودية وزعيمها الفعلي ابن سلمان.
ومن الواضح ان استعجال السعودية في إدراج امريكا، حركة انصارالله على قائمة الارهاب، قبل وصول الرئيس الامريكي المنتخب جو بايدن الى البيت الابيض، والذي اعلن في اكثر من مرة ان لدية مقاربة تختلف عن مقاربة ترامب للملف اليمني، هو للتضييق على عمل المنظمات الدولية التي تقدم المساعدات الانسانية للشعب اليمني، حيث حذر اغلب المراقبين الدوليين من هذه الخطوة الامريكية في حال تنفيذها، فانها لا تستهدف حركة انصارالله بل الشعب اليمني بالذات، بهدف تدفيعه ثمن هزائم التحالف الامريكي السعودي الاسرائيلي الاماراتي.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حذر ايضا من أن اليمن يواجه “حاليا الخطر الوشيك لحدوث أسوأ مجاعة عرفها العالم منذ عقود”، و”طالب الجميع بتجنّب اتّخاذ أي إجراءات من شأنها أن تفاقم الوضع المتردي أساسا”، في تلميح للتهديد الأميركي، الذي سيؤثر بشكل مباشر على مسار التواصل مع حركة انصارالله، وإدارة الضرائب، واستخدام النظام المصرفي، ودفع أجور العاملين الصحيين، وشراء الطعام والوقود، وخدمات الإنترنت وغيرها.
يبدو ان الخمسين يوما المتبقية لترامب في البيت الابيض، قد تكون حبلى بمفاجآت، بدأت تطل برأسها من خلال زحمة الاحداث والتطورات المتسارعة. الا ان هذه المفاجآت ستبقى في اطار “شخصنة” العلاقات الدولية، وخياطة هذه العلاقات على مقاسات الاشخاص، وليس الدول والمصالح القومية العليا، والهدف الاول والاخير من كل ذلك هو حفظ العروش، حتى لو كانت الاثمان الكرامة الوطنية والسيادة والاستقلال.
كمثال على فوضى سياسة “الشخصنة” التي تعيشها منطقتنا اليوم، بتشجيع من ترامب ورهطه. السعودية والامارات صنفتا قبل ايام حركة الاخوان المسلمين كمنظمة ارهابية، من منظار “شرعي” ، بعد ان صنفاها ارهابية من منظار “سياسي” قبل سنوات، وذلك لسد الطريق امام الرئيس الامريكي المنتخب بايدن، الذي غازل الاخوان المسلمين في اكثر من مرة. الذي قد لا يضغط على السعوديين والاماراتيين لتقديم تنازلات للاخوان، بعد ان قدما “صكوك الغفران” للصهيونية العالمية عبر التطبيع والتقارب الحميم مع الكيان الاسرائيلي.
لما كانت السياسة في هذه البلدان قائمة على اشخاص لا مبادىء، فنراها تعج بالتناقضات، ففي الوقت الذي تعيد السعودية ومن منظار “شرعي”، تصنيف الاخوان المسلمين كجماعة ارهابية، بعد البيان الصادر عن كبار العلماء!! فيها. يتصل ملك السعودية سلمان بالرئيس التركي رجب طيب اردوغان ، الذي يقدم نفسه على انه زعيم الاخوان المسلمين في العالم اجمع، لبحث تعزيز العلاقات بين البلدين!!.
تركيا الاخوانية، ردت على السعودية ، وعلى حملة مقاطعة البضائع التركية ، بالشروع بمحاكمة 20 مسؤولا سعوديا متهمين بقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 من ضمنهم شخصيتان كبيرتان هما نائب رئيس المخابرات العامة السعودية السابق، أحمد العسيري، ومستشار الديوان الملكي السابق سعود القحطاني.
من الواضح ان ايتام ترامب، يحاولون الظهور بمظهر اللاعب الذي يمتلك قراره، وان بامكانهم التاثير على توجهات السياسة الامريكية، بينما الواقع هو عكس ذلك تماما، فكل هؤلاء الملوك والامراء والمشايخ، ليسوا سوى ادوات صغيرة تستخدمها امريكا لخدمة مصالحها، وفي مقدمة هذه المصالح ، مصلحة الكيان الاسرائيلي حصرا، لذلك كل تحركات بن زايد وبن سلمان ونتنياهولن تحتل حيزا في تفكير الرئيس الامريكي المنتخب جو بايدن، الذي وضع هدف ستر فضيحة امريكا في اليمن، في سلم اولوياته، بعد ان عجز التحالف الذي تقوده، عن كسر المقاومة الاسطورية للشعب اليمني.
المصدر : قناة العالم