خفّفت قناة الجزيرة من حِدة الخطاب الإعلامي الذي توجِّهه ضد الإمارات والسعودية، تزامناً مع اقتراب موعد الإعلان عن المصالحة الخليجية التي تبنتها الكويت وواشنطن، ما أثار تعليقات ناشطين ومُحللين سياسيين.
وأجرَت شبكة الجزيرة الإعلامية وقنواتها الفضائية -التابعة للحكومة القطرية- عدداً من التغييرات في الصياغة الخبرية مُخفِّفة من حِدة الخطاب التي كانت قد اعتمدتها إبّان الخلاف السعودي القطري، حيث انحسرت اللهجة الحادة في برامج القناة لدى الحديث عن الميليشيا التي تدعمها الإمارات في ليبيا واليمن.
وفي تعليق على ذلك، أشار المحلل السياسي الكويتي فهد الشليمي -وهو أحد المعارضين لتوجُّهات القناة- إلى أن الجزيرة عدّلت من خطابها وبدأت بالحذر من تناول المواضيع التي تخص السعودية والإمارات، نظراً لحساسية الموقف المُتعلِّق بالمصالحة المُرتقَبة.
وعبّر الشليمي عن استغرابه من صيغة الخطاب الجديدة التي تبنّتها القناة القطرية، وقال إنه فوجئ لأول مرة منذ العام 2017 بخطاب الجزيرة الذي لم يتناول السعودية والإمارات بشكل سيئ.
مضيفاً أن مذيع القناة “جمال ريان” قام بمقاطعة أحد المُتحدِّثين الإيرانيين عندما بدأ بمهاجمة السعودية والإمارات، وتساءل الشليمي ساخراً: “هل الجزيرة أسلمت؟ أو اهتدت؟ أو أنني أشاهد قناة أخرى غير الجزيرة؟”.
مُحللون سياسيون عبّروا بدورهم عن استغرابهم من اختفاء مصطلحات “المموَّلة إماراتياً، والمدعومة إماراتياً” وغيرها من المفردات التي اعتادت القناة استخدامها عند الحديث عن قوات خليفة حفتر في ليبيا، وجماعة الانتقالي وطارق صالح في اليمن.
مؤكدين أن الأمر يُثبت خوف قطر من أن تطرأ أي عراقيل على المصالحة الخليجية بينها وبين السعودية والإمارات، خصوصاً وأن بداية الخلاف كانت بسبب أخبار -عدَّتها الرياض مُسيئة- نشرتها وكالة الأنباء القطرية عقب عودة الأمير القطري تميم بن حمد مُستاءً من سوء التعامل السعودي معه في القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي احتضنتها الرياض في العام 2017م، نظراً لعلاقات بلاده مع إيران، وأفضت بعدها إلى حملة مُقاطعة تبنّتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر ولحقت بها عدد من الدول العربية الموالية للنظام السعودي ضد قطر.
من جهتهم، استغرب ناشطون على مواقع السوشيال ميديا من تغيُّر الخطاب الإعلامي لقناة الجزيرة، متسائلين -بسُخريّة- ما إذا كانت الجزيرة قد تُعلن عن انتحار خاشقجي بعد الحملة الإعلامية التي ترأستها لفضح جريمة النظام السعودي بقتله في قنصليتها بتركيا، فيما تساءل آخرون -بذات النبرة- إذا كانت الجزيرة ستُعدِّل حديثها عن تسريبات رسائل البريد الإلكتروني لسفير الإمارات في أمريكا “يوسف العتيبة” المُتضمنة تأكيدات على سعي الإمارات للتطبيع مع إسرائيل -حينها- حيث كانت الجزيرة قد قادت حملة لنشر رسائل العتيبة وأحدثت تصعيداً في الأزمة وفاقمت حِدة الخلاف، حسب تعبير مراقبين.
يُشار إلى أن صحيفة “الرأي” الكويتية نقلت عن مصدر دبلوماسي -وصفته بالرفيع- أن المُصالحة الخليجية ستُجرى في اجتماع القمة الخليجية المُزمَع عقدها في البحرين خلال شهر ديسمبر الجاري، موضحاً أن نقاط الخلاف والطلبات والشروط التي تم طرحها من قبل الطرف القطري والطرفين السعودي والإماراتي خلال أعوام الأزمة ستتم مناقشتها في لجان خاصة، سعياً للتوصل إلى حلول لها بما يضمن عدم تجدُّدها.