متابعات/ وكالة الصحافة اليمنية//
أبرزت صحيفة الغارديان البريطانية أن الإمارات تخلت عن القضية الفلسطينية لتحقيق مصالحها مع إسرائيل عبر عار التطبيع.
وقالت الصحيفة في تقرير لها إنه لأول مرة في حرب إسرائيل على قطاع غزة انفصلت الوحدة الإقليمية بين العرب حول من يقع اللوم وما يجب فعله لوقف القتال.
وأشارت إلى أنه بينما اتهمت بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة مثل تركيا وإيران، إسرائيل بالتحريض في المسجد الأقصى وارتكاب الجرائم في غزة فإن الدول الأخرى التي حذت حذوها خلال الاضطرابات السابقة كانت هذه المرة أكثر تحفظًا.
وقادت الدول وفي مقدمتها الإمارات التي عقدت اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل في العام الأخير لإدارة دونالد ترامب الصمت النسبي، وهي الآن حامل لواء ما يسمى باتفاقات أبراهام.
ويقول المراقبون القدامى لإسرائيل وفلسطين إن ردود الفعل المتباينة على جولة القتال هذه قد وضعت بعض القوى الإقليمية في موقف صعب مع سكانها.
وقال كريس دويل مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني: “إنه أمر غير عادي في موقف الإنكار هذا للإماراتيين على وجه الخصوص، أنهم لم يصرحوا بالكاد بأي انتقاد لما يحدث في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة “.
وأضاف أن ذلك إنه يرسل إشارة من القيادة الإماراتية بأننا لن نبتعد عن هذا التحالف المزدهر مع إسرائيل، والذي يعتبرونه قيماً للخطط المستقبلية.
وتابع “هناك متسع كبير لإصدار بيان مؤيد للغاية لحقوق الفلسطينيين، من دون تأييد حركة حماس، لكن الإماراتيون لم يفعلوا ذلك”.
فيما بدا أنه رد مدعوم من الدولة ، تم تداول هاشتاغ “فلسطين ليست قضيتي” في الإمارات والبحرين خلال عطلة نهاية الأسبوع.
ولم يحدث تأثير يذكر في الدعم على مستوى المنطقة لحسابات تويتر من غزة والقدس الشرقية التي تدين مشاهد العنف والقيادة الإسرائيلية.
قال مهند حاج علي الباحث الزميل في مركز كارنيغي للشرق الأوسط: “إن الإمارات وحكومات التطبيع تقف في الجانب الخطأ من الرأي العام في كيفية رؤيتها واستقبال سكان المنطقة العربية لها”.
وأضاف “إنهم يحاولون اتباع سياسة خارجية نشطة في مناصب لم تكن لديهم من قبل. يمكن اعتبارها مرادفة للاحتلال الإسرائيلي والسياسة الإسرائيلية في المنطقة. سيكون لذلك تأثير ليس فقط على إسرائيل، ولكن على حلفائهم العرب الجدد. وهذا سوف يشوه سمعتهم “.
وكانت تغطية الصراع شبه معدومة في الصحف الإماراتية وصامتة في البحرين والمملكة العربية السعودية.
وخلال عقود طويلة ظلت القضية الفلسطينية الشغل الشاغل لأذهان شعوب المنطقة العربية ومزاجها. كما كانت الموضوع الوحيد الذي أخذ فيه الإعلاميون والمحللون العرب راحتهم في ممارسة حريتهم والتعبير عن آرائهم.
غير أن هذه الميزة زالت في الفترة الأخيرة، والسبب: التطبيع الحكومي مع إسرائيل.
وسط الخنق السياسي والإعلامي، وفي غياب حرية مناقشة المشاكل الداخلية والفشل الحكومي وانعدام الحقوق والحريات، شكّلت القضية الفلسطينية متنفسا مناسبا ومفيدا لكثير من النخب العربية، أفرادا ومجموعات، وللحكومات أيضا.
استغل كثيرون من أصحاب الرأي والقلم العرب حرية زائفة فقالوا ما شاؤوا في القضية الفلسطينية، ومتى ما شاؤوا، دون أن يمنعهم أحد.
بالعكس، شجعتهم السلطات فكان بعضهم يلعب أحيانا، دون أن يشعر، دورا تريده أنظمة الحكم المستبدة التي لا هدف لها سوى إلهاء الشعب بعناوين طنانة، مثل القضية الفلسطينية، للبقاء في الحكم بلا إزعاج.
كانت فلسطين الشمّاعة التي علّق عليها الطغاة والمفلسون ممارساتهم المشؤومة. وعلّق عليها أيضا مَن آثروا السلامة والمنطقة الآمنة في الحياة العامة اختياراتهم.
لم يكن الأمر يكلف شيئا لمن أراد أن يرفع صوته. الكلام الجميل المشحون بالعواطف القومية مجاني ومحبَّب في كثير من الأحيان لرجل الشارع الذي يتعاطف صادقا مع الفلسطينيين ومستعد للتضحية من أجل حقهم في الوجود.
يستطيع أيّ كان أن يقول ما يشاء دون أن يخشى متابعة قضائية أو مضايقات أمنية تُحوّل حياته جحيما، هذا إذا نجا من السجون والمعتقلات المجهولة.
كان ذلك يخدم مصلحة الجميع: المحللون والإعلاميون يعتقدون أنهم يمارسون حريتهم وحقهم في التعبير، فيضمنون سلامتهم ويرتاحون من الحرج المترتب عن قلة شجاعة تناول المشاكل الداخلية.
والسلطات تكسب من هذه الحرية الوهمية ثقة الرأي العام، وتعطي الانطباع بأن لديها قضية مقدَّسة تستحق التضحية بالحقوق والحريات السياسية من أجلها.
غير أن التطبيع الإماراتي مع إسرائيل قضى على الورقة الأخيرة، والمساحة الأخيرة من الحرية، حتى ولو كانت مجروحة ووهمية في أحيان كثيرة.
اليوم لا يستطيع أحد في الدول المطبِّعة، والمطبّعة حديثا على وجه الخصوص، انتقاد بصوت مرفوع ما ترتكبه إسرائيل في القدس والأراضي الفلسطينية، دون أن يعرّض نفسه لخطر ما.
لا يستطع أحد أن يرفع صوته بالقول إن التطبيع مع إسرائيل شجعها على ارتكاب ما ترتكب اليوم من قتل وتخريب دون خوف من حساب أو مساءلة، ودون أدنى اعتبار لحلفائها الجدد، العرب، الذين بلا شك تحرجهم بغطرستها وتضعهم في مواقف غير مريحة.
التطبيع تترتب عنه بالضرورة مسؤوليات والتزامات هي عبارة عن فواتير واجبة الدفع فورا.
ومما تتضمنه هذه الفواتير أن تراعي السلطات المطبّعة مشاعر إسرائيل وتفرض احترامها ومراعاتها.
من السهل أن تفسر أي سلطة عربية اليوم انتقاد إسرائيل على أنه يمس بالمصالح العليا للوطن وبعلاقاته مع الآخرين.
في الدول العربية المطبعة، الحرج الإعلامي والسياسي واحد مع اختلاف في الدرجات ووجود “رشة” ابتذال في الإمارات.