المصدر الأول لاخبار اليمن

بالانفتاح على سلطنة عُمان..هل تُعيد السعوديّة النّظر في خريطة تحالفاتها الخليجيّة؟

متابعات/ وكالة الصحافة اليمنية//

فرشت العربيّة السعوديّة “سجّادها” البنفسجي، في استقبال السلطان العُماني هيثم بن طارق، وحرص الأمير ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على استقباله شخصيّاً في مطار نيوم، بل ووصل الأمر بالأمير الشاب المُهتم بضيفه، أن يجمع ضيفه العُماني أمام شاشة كبيرة، لمُشاهدة نهائي أوروبا “يورو 2020″، في صورةٍ لاقت اهتماماً كبيرًا من صحافة البلدين، وجرى تداولها على المنصّات بكثرة، والغوص بدلالاتها.

المملكة تخلّت عن سجّادها الأحمر في استقبال الضيوف الكبار، واستبدلته باللون البنفسجي، وهو اللون الذي يرمز للون صحاريها وهضابها في فصل الربيع كما أوضحت، وهذا بروتوكول أثار الجدل حين استخدمته السعوديّة لأوّل مرّة في استقبال بن سلمان لنظيره الإماراتي ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وهذا لقاء قد حصل ما قبل الخلاف الحالي النفطي بين البلدين، وانتقادات علنيّة صدرت من السعوديّة بحق الإمارات حول الإنتاج النفطي، وتهديد أبو ظبي الانسحاب من “أوبك” على خلفيّة ما تقول إنه استحواذ سعودي على المنظمة.

زيارة السلطان العُماني، حملت معها الكثير من التفسيرات، والتأويلات، وعلى رأسها أنها زيارة تحمل دلالة توقيت، وانفتاح سعودي على عُمان، على حساب حليف المملكة الإمارات، وأن السلطنة جاءت لتُلحق الضرر بمصالح الإمارات كما قيل في تقارير صحافيّة من الخلف، وليس المنفذ الحدودي الجديد المُباشر بين البلدين، الذي يُلغي المرور من الإمارات لسفر بين السعوديين والعُمانيين، السّبب الوحيد الذي قد يضر بالمصالح الاقتصاديّة الإماراتيّة، فبعض الأصوات العُمانيّة لا تزال تُطالب بالتخلّي عن ميناء جبل علي الإماراتي تجاريّاً.

التقارب بين عُمان، والسعوديّة له دلالاته من الناحية السعوديّة، فالأخيرة لم تنفتح على عُمان، بل على قطر أيضاً خصمة الإمارات، فإعلام الأخيرة لا يزال يشن هجماته على قطر، ويتّهمها بالأخونة، فيما إعلام قطر وقناة الجزيرة تحديدًا، صالت وجالت في تغطية مفتوحة، حول أسباب انفجار غامض نشب في سفينة في ميناء جبل علي، وهو انفجار قوي شعر به بعض السكّان، قالت السلطات الإماراتيّة إنه مُجرّد حريق عادي، لم ينتج عنه أيّ إصابات، وتمّت السيطرة عليه.

الأكاديمي السعودي تركي الحمد، والمُقرّب من سُلطات بلاده، علّق على تحليلات وتفسيرات التقارب العماني السعودي على حساب التحالف الإماراتي السعودي، وقال عبر حسابه في “تويتر” إن من الوهم الظن بأنّ التقارب بين المملكة، والسلطنة ضد التحالف بين الإمارات والسعوديّة، هذا التقارب الذي وصفه الأكاديمي السعودي بالوهم، استغرق زيارة يومين من السلطان نتج عنها التوقيع على تأسيس مجلس التنسيق بين البلدين، فيما يتواصل العمل سريعاً لافتتاح الطريق البرّي الواصل بين المملكة والسلطنة، والذي يختصر وفق توصيف صحافة المملكة الوقت والأموال، بتكلفة وصلت إلى 250 مليون دولار أمريكي.

بكُل الأحوال لا يُمكن أن يكون الاحتفاء السعودي بزيارة السلطان وفي ظل الخلاف النفطي مع الإمارات وهماً ، وبدون دلالات على تحالفات جديدة، تقودها الرياض، وتحديدًا مع حلفاء خليجيين، كانوا أكثر قرباً وحيادًا من طهران مثل الدوحة ومسقط وفي ظل مفاوضات سعوديّة معها، حيث يُمكن لعُمان أن تستضيف لقاءات تفاوضيّة بين الرياض وطهران، وكطرف مقبول من الجانبين، والأخيرة (مسقط) حافظت أيضاً على علاقات مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، رغم قطيعة السعوديّة وقطر له، حين بدأ العمل على إسقاط نظامه، العام 2013، فيما كانت الإمارات أكثر قُرباً للرئيس الأسد، وأعادت أبو ظبي فتح سفارتها في دمشق العام 2018، كان يحصل كل هذا والرياض تشترط على دمشق البُعد عن طهران، كشرط لعودة دمشق إلى مُحيطها العربي، وهذا ما لم يحدث على الإطلاق، فيما طهران تُمسِك اليوم بجميع خيوط اللعبة، فحتى إدارة جو بايدن لا تزال تفاوضها حول برنامجها النووي، وهو حال الحُلفاء العرب بطبيعة الحال بالنهاية، وهو ما بدأ يتبيّن للقيادة السعوديّة ومُحاولتها تغيير خارطة تحالفاتها، والبدء من عُمان.

في المصالح السياسيّة، لا بد أن تكون التحالفات الجديدة أو القديمة المُستمرّة، مبنيّةً على تبادل منافع، وكما تستفيد عُمان من السعوديّة، سيكون على الأخيرة الاستفادة من الحياد العُماني في حرب اليمن، ولعب مسقط دورًا في وساطات، وبالرغم من الاستباقة العُمانيّة على لسان وزير خارجيّتها، حول عدم وجود وساطة جديدة، واستمرار بلاده في تقريب وجهات النظر، ستُعوِّل الرياض كثيرًا على مسقط، في لعب دور محوري في سحبها من مُستنقع حرب اليمن، وقرب العمانيين، من الحوثيين، عامل لافت وفعّال ومحوري، في حين أن الحليف الإماراتي كان قد سبق الرياض في الانسحاب من الحرب.

استقبال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للسلطان العُماني في نيوم السياحيّة، له دلالات اقتصاديّة وسياسيّة، فهذه المدينة رؤية وحلم الأمير محمد بن سلمان المُنافسة لمدينة دبي، ولعلّ الانفتاح على الخليجيين الذين يقصدون دبي للسياحة ومُصالحة قادتهم، وسط نقمة إماراتيّة لا تزال قائمة على القطريين، ونظامهم الحاكم، رغم مُخرجات قمّة العلا، ستجعل من نيوم ليست فقط وجهة السعوديين، بل والعمانيين، والقطريين، والكويتيين، وحتى البحرينيين، على أمل النجاح في تنويع مصادر الدخل من خلال السياحة، وهو ما تستهدفه رؤية 2030، بعيدًا عن الثروة النفطيّة، ولعلّ الإعلام العُماني قد نقل لمُواطنيه حجم المشاريع الضخمة التكنولوجيّة والسياحيّة والإعلاميّة في نيوم، الذين بات بإمكانهم السفر إلى المملكة دون الحاجة للمُرور بالإمارات.

وكالة “بلومبيرغ” الأمريكيّة تناولت في تقريرٍ لها زيارة سلطان عُمان إلى المملكة الأحد، والاثنين، ورأت فيها مُؤشّرًا على تبدّل تحالفات المملكة في الخليج، وأشارت إلى المراسم الاحتفاليّة، وتزيّن ناطحات السحاب في الرياض بألوان علم السلطنة، وأشارت إلى تزامن الزيارة مع الخلاف الإماراتي السعودي، وتواصل المُحادثات السعوديّة مع قطر.

ولعلّ ما يُعطي زيارة السلطان هذا الزخم من دلالات توقيتها، أنه اختار المملكة لتكون وجهته الخارجيّة الأولى بعد تولّيه مقاليد الحُكم، كما أنّ الزيارة ليست في إطار التقليد الأخوي بين دول الخليج، فأساساً العلاقات السعوديّة العُمانيّة موصوفة بالفتور، وتجديدها بهذا القدر من الترحيب السعودي اللافت والمدروس بعناية بالسلطان، يعني للمُراقبين تغيير وتعديل على البوصلة السعوديّة في التحالفات والانفتاح بالتالي على طهران ودمشق وبغداد بعد الدوحة ومسقط.

 

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com