مع قدوم شهر رمضان الكريم .. التجار يقتلون البسطاء في اليمن !
مع قدوم شهر رمضان الكريم .. التجار يقتلون البسطاء في اليمن !
تحقيق خاص// وكالة الصحافة اليمنية:
التجارة أمانة وأخلاق ..فإذا انعدم أحدهما عن الآخر، فلا خير في ما ستجنيه من الأرباح، ربما يحقق التاجر أرباحا خيالية، ولكن عليه أن يدرك بأنه قد يخسر كل ذلك في يوم آخر من التجارة التي لن تبور.
يستغل الكثير من التجار قدوم شهر رمضان الكريم ومناسبات الأعياد المختلفة لتصريف البضائع والمواد الغذائية المنتهية والقريبة على الانتهاء، رغم إدراك الكثير منهم بذلك، إلا ان هناك تعمد في قتل وتسميم البشر مع سبق الإصرار والترصد.
معروف للجميع طبيعة الأسرة اليمنية التي تحرص على أخذ احتياجاتها الأساسية ومن المواد الغذائية للشهر الكريم والتبضع من الأسواق الشعبية قبل دخول الشهر الكريم بأيام، في ظل الظروف المعيشية الصعبة جراء الحصار والعدوان، وارتفاع الأسعار والمواد الغذائية الذي بات المواطن يكتوي بنارها من شهر لآخر لا حول منه ولا قوة.
قدرات البسطاء من البسطات
لكن مع قدوم شهر رمضان الكريم، تتحول واجهات المحلات التجارية إلى مائدة رمضانية متنوعة، البعض يستطيع أن يشتري احتياجاته والكثير من المواطنين يكتفي بالنظر إليها، وشهر مبارك على الجميع.
في حين يتجه البسطاء لأخذ احتياجاتهم وفق قدرتهم الشرائية من منتجات رخيصة تلاءم وضعه المادي، وحيث أصبح ما تسمى معايير وجودة المنتج بالنسبة للكثير منهم أمر لا يهم بقدر ما تتناسب مع دخله، حيث أصبح البحث عن فارق السعر، وبغض النظر عن جودة السلعة الغذائية التي تفي بالغرض في تلبية مائدة الإفطار.
إقبال كبير
إقبال كبير من المواطنين على بسطات المواد الغذائية والمشروبات، وازدحام الكثير بحسب ما يشير إليه أحد البائعين في باب السباح ” مديرية التحرير” بأن الإقبال كبير جدا، لأن الناي تبحث عن الأقل سعرا والفارق بين أسعارنا وبين ما يباع في البقالات ما بين ” 50ـ 150″ ريال، والمستهلك يبحث عن الفائدة ولو حتى 20 ريال، لأن حالته المادية وصلت لمرحلة ما تحت الفقر.
ويعترف بأن ما يبيعه لم يتبقى له إلا أيام من الانتهاء.. بل والملاحظ بأن بعض المشروبات والمواد الغذائية أصبحت منتهية، وعلى مرأى الجهات المختصة، الذي كما قال أحدهم ” يجو يتهبشوا ويأخذوا من أصحاب البسطات فلوس دون إجراءات بالمخالفات”.
الرزق من الله
بالمقابل يؤكد مالك أحد البقالات في المنطقة ذاتها” باب السباح” بأن مثل هولاء لا يؤثرون على تجارتهم و الرزق من الله، لديهم زبائنهم من المهمشين وغيرهم ممن يبحثون عن كيفية يمشي يومه بالأكل، ولكن بالنسبة للمواد الغذائية الجيدة بالتأكيد الكل لايزال يبحث عنها ولدينا زبائن والحمدلله مقسم الأرزاق.
ثقة وسمعة
فيما يشيرمالك بقالة ـ في حي الجامعة القديم ـ فؤاد علي محمد، بأنه لم يشتري بضائع منتهية من التجار، ولكن هم” أي التجار” يعرفون كيف يتم تصريف السلع والمواد الغذائية في القريبة من الصلاحية في الأسواق.
مبينا أن بيع المواد والسلع الغذائية شبه المنتهية أو المنتهية ستعمل على الإضرار بسمعة محله التجاري، وستكون الثقة مفقودة لدى الكثير من ” زبائنه” بحسب قوله ، وإذا ساءت السمعة بالتأكيد ستكون كل مبيعاتي محل شك لدى الناس وقد تتدهور تجارتي وأتعرض للإفلاس.
ويعترف بأن الكثير من الزبائن هم من يرفضون شراء منتجات قد يكون متبقي لها شهرين أو ثلاثة، فيما يبحث البعض منهم عن منتجات العام الجديد دون أخذ منتجات العام الماضي.
خطة ميدانية
يؤكد بأنه تم إعداد خطة توعوية واسعة والتفتيش عبر النزول الميداني وذلك قبل شهر رمضان الكريم في مختلف مناطق أمانة العاصمة.. مدير عام إدارة صحة البيئة في مكتب الأشغال العامة والطرق بأمانة العاصمة ـ الدكتور محمد عبدالكريم الأصبحي ـ يوضح بأن إدارته تسعى إلى حماية المستهلك من الغش التجاري ومما يتعرض له من الغش والجشع التجاري واستغلال حاجته من بعض ضعفاء النفوس، لافتا بأن مكتب الأشغال بالأمانة وعبر إدارة صحة البيئة استطاع إتلاف 600 طن من المواد الغذائية المنتهية والفاسدة والغير مطابقة للمواصفات اليمنية، وذلك من خلال النزول الميداني إلى مختلف المنشئات التجارية للشركات والوكلاء في مختلف مناطق أمانة العاصمة.
مبينا بأن ادارة صحة البيئة قد وضعت خطة للرقابة والتفتيش الميداني على الأسواق الشعبية ومحلات التجارية ومخازن المواد الغذائية التابعة للشركات والوكالات المستوردة بالتنسيق في مناطق أمانة العاصمة وذلك قبل دخول شهر رمضان المبارك.
ضوابط وشروط
وأشار” الأصبحي” بأن هناك ضوابط تلزم أصحاب المنشئات الغذائية بالتحضير السليم للأغذية وتوفير الاشتراطات الصحية في المنشئات الخاضعة للرقابة الغذائية والصحية، والتأكد من صلاحيتها للاستهلاك الآدمي ومصادرة الفاسد منها ومنتهي الصلاحية، بالإضافة إلى اخذ عينات من الأغذية والمشروبات المعروضة للبيع وغير المعلبة لتحليلها للتأكد من صلاحيتها ومطابقتها للمقاييس والمواصفات اليمنية، مرجعا أسباب الإقبال المواطنين على مثل تلك السلع والمواد الغذائية والمشروبات إلى تدني مستوى الوعي لدى المستهلك اليمني.
غش وخداع المستهلك
وعن غش المستهلك وتعرضه لأساليب الغش والخداع وتضليله تحدث صالح علي غيلان ـ الأمين العام للجمعية اليمنية لحماية المستهلك والذي أوضح أن كثير من التجار وعدد من العاملين في بيع السلع والمنتجات الغذائية يبتكرون أساليب ووسائل توهم المستهلك بأن المنتجات جديدة، حيث تستخدم عدة طرق للغش مثل إعادة تعبئة المواد المنتهية في عبوات صغيره لا تحمل أي بيانات مثل تعبئة السكر والرز والدقيق والحليب البودرة في عبوات بلاستيكية “أكياس” وبأوزان الكيلو والنصف والكيلو كما يتم بيع كثير من المعلبات بعد تغيير بطاقة البيان “الليبل” أو مسح تاريخ الصلاحية وبيعها على الأرصفة والشوارع والعربيات والبسطات.
أساليب الغش
وعن ابرز أساليب الغش يؤكد “غيلان” بأن أسلوب الغش يبرز وبشكل كبير جدا في ” التمور” حيث تنتشر معامل لإعادة تعبئة التمور، وهي تمور متغيرة الصفات و منتهية الصلاحية ،حيث يعمدون الى ترطيبها بالبخار، وتغطيسها في محاليل “سكريه” حتى تبدو بأنها انها حديثة الإنتاج ويتم تعبئتها في عبوات معدنية “تنك” وبشكل الساندويتش، أي بمعنى وضع طبقه من التمر الجيد في أعلى وأسفل التنك وبينهما التمور المعاد ترطيبها.
تفتيش ميداني
وتلخصت بعض الحلول كما أوردها ممن التقيناهم.. حيث أشار مدير عام صحة البيئة الدكتور الأصبحي ، بأن الخطة التي أعدتها إدارته سيتم تنفيذ مهامها الميدانية قبل شهر رمضان وذلك من خلال آلية عمل تحدد أماكن تجهيز وعرض المواد الغذائية في الأسواق والشوارع الخاصة التي يزداد ارتياد المستهلكين خلاله في شهر رمضان، وتكثيف حملات التوعية الصحية والبيئية للمستهلك والبائع بخطورة الأغذية الفاسدة والغير صالحة للاستهلاك ولا تطابق المواصفات.
موضحا بأن سيتم تقسيم المفتشين الميدانيين إلى فترتين” الصباح والمساء” خلال شهر رمضان، مشددا على ضرورة تكاتف الجهود مع مختلف الجهات، وكذا يجب على المواطن انتقاء حاجته من الأطعمة الجيدة وذلك من صحته وصحة أسرته ووقايتها من أمراض قد تصيبها لا سمح الله.
مبينا بأنه خلال الأيام القادمة سيتم تدشين حملة توعوية ميدانية وذلك عبر سيارات تحمل مكبرات الأصوات، والذي سيصاحب ذلك حملات تفتيش ميدانية، وتوزيع منشورات توعوية بين ابناء المجتمع وكذا فلاشات إعلامية مختلفة
توعية ومؤتمر
فيما تطرق الأمين العام للجمعية اليمنية لحماية المستهلك إلى أهمية التوعية وتكثيفها قبل وخلال شهر رمضان المبارك، وذلك من خلال إعداد الفلاشات التوعوية في مختلف وسائل الإعلام، وكذا الندوات وحلقات النقاش والمحاضرات التوعوية في المدارس والمعاهد والجامعات التي تبين عمليات الغش في مختلف المنتجات.
بالإضافة إلى أن الجمعية تقوم بالتنسيق مع الجهات المعنية المختلفة المعنية بالرقابة على الأغذية ومحلات بيع وتحضير الأطعمة وخصوصا الرمضانية، ومطالبة تلك الجهات بتشديد الرقابة على مختلف السلع المعروضات خلال شهر رمضان.
مبينا إلى أن الجمعية اضافة الى ذلك تقوم بالإعداد لعقد مؤتمر بالتعاون والتنسيق مع اتحاد الغرف التجارية والصناعية بالعاصمة صنعاء، والجهات الحكومية المعنية وذلك لمناقشة ظاهرة التهريب والغش والتقليد التجاري، والذي سيتم عقد هذا المؤتمر قبل شهر رمضان إن شاء الله، اضافة إلى أنه سيتم خلال شهر رمضان إقامة أمسيات رمضانيه في مقر الجمعية وسيتم إلقاء محاضرات حول السلامة الغذائية اضافة الى عدد من القضايا التي تهم المستهلك.
لا ننكر دورهم ولكن!!!
حاولنا التواصل مع مدير مكتب الصناعة والتجارة في أمانة العاصمة، ونائبه عن طريق الهاتف بالعديد من الاتصالات وفي اوقات مختلفة، إلا انه وكما يبدوا هناك ارقام محدودة للرد عنها، وذلك للتوضيح عن دور المكتب إزاء هذه الظاهرة التي لا تزال من عام لآخر، باعتبار أن ما يتعرض له المستهلك من تجاوزات بحقه في مختلف الأسواق، وعلى مرأى من الجهات المعنية، لاسيما “الصناعة والتجارة” التي تعتبر الجهة المعنية الأولى، والذي يجب أن يكون لها حضورا فاعلا وملموس في مختلف الأسواق، قبل قدوم شهر رمضان المبارك، ولكن ذا لا يعني بأننا ننكر دورهم، بالعكس هناك جهود تبذل في الظرف الاستثنائي الذي تمر به بلادنا.