أمين عام جمعية طب الأطفال: تشوهات المواليد والسرطانات تتزايد بشكل مرعب بين أطفال اليمن بسبب أسلحة التحالف المحرمة
لقاء خاص / وكالة الصحافة اليمنية //
قالت أمين عام جمعية طب الأطفال اليمنية، واستاذة طب الأطفال في جامعة 21 سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية، الدكتوره، نورا نور الدين ـ :” إن اليمن أصبحت حقل تجارب للأسلحة المحرمة التي تسببت بحالات موت الأجنة والتشوهات الخلقية في أوساط المواليد”.
وأكدت أن الهواء والماء وغذاء اليمنيين أصبح ملوثا بسبب الغازات السامة من الأسلحة والقنابل الجرثومية المحرمة التي تلقيها طائرات التحالف على اليمن، مبينة أن اليمن تعاني من اسوأ كارثة وبائية.
وطالبت بتوثيق حالات التشوهات الخلقية في الأجنة ووضعها في متحف للدراسات العلمية، مشيرة إلى أن أمراض سوء التغذية فتكت بعشرات الآلاف من أطفال اليمن.
يجب توثيق التشوهات الخلقية للمواليد لكشف حقيقة ما تعرض له شعب اليمن
< ما الوضع الصحي لأطفال اليمن؟
<< بصراحة، الوضع الصحي سيء للغاية نتيجة انعدام المرتبات منذ ما يقارب خمس سنوات، الأمر الذي انعكس سلبا على تدهور الوضع المعيشي والنظام الغذائي لكل الأسر متوسطة ومحدودة الدخل، بالإضافة إلى أن استمرار الحرب العبثية والحصار الجائر على المطار والميناء، انعكس ذلك سلبا على صحة الأم والطفل بشكل مباشر.
وبرزت العديد من الأمراض المنتشرة في أوساط الأم والطفل معا، وعادت الأمراض التي كانت قد تلاشت من أوساط الأطفال لتفتك بالآلاف منهم خلال السنوات الماضية من الحرب.
< ما أبرز الانتهاكات بحق أطفال اليمن؟
<< أطفال اليمن وصلوا لوضع مأساوي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، جراء انعدام الخدمات الصحية المتخصصة بصحة الأم والطفل نتيجة شحة الموارد والنفقات التشغيلية وانعدام رواتب الكوادر الطبية والتمريضية، بالإضافة إلى الحصار البحري والجوي والبري، وانعدام معظم الأدوية، والأكثر إيلاما من ذلك أن الأسر اليمنية غير قادرة على معالجة أطفالها بسبب تدني المستوى الاقتصادي، بالإضافة إلى تعرضهم للقتل بواسطة الغارات الجوية وبمختلف الأسلحة وهم في منازلهم، دون وجه حق أو ذنب اقترفوه.
بلادنا تتصدر دول العالم في التقزم وأمراض سوء التغذية
< ما هي انعكاسات الحرب على اليمن في انتشار الأمراض بين الأطفال؟
<< بسبب الحرب والحصار أصبحت اليمن من اسوأ الدول في أمراض سوء التغذية على مستوى العالم، حيث يعاني نصف أطفال اليمن من سوء التغذية بأنواعه ودرجاته المتعددة، ولعل الجميع شاهد حالات سوء تغذية وخيمة جدا “هياكل عظمية”، والأمم المتحدة تعترف بتقريرها الصادر في نوفمبر الماضي، عن وفاة طفل يمني دون سن الخامسة كل 9 دقائق بسبب الحرب وانعدام الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية، وتدهور مختلف الخدمات الأساسية.
كما تتصدر بلادنا المركز الأول في سوء التغذية الحاد والمزمن على المستوى العربي، والمستوى الثاني عالميا في التقزم وأمراض سوء التغذية بعد أفغانستان، كل هذا والمجتمع الدولي الذي يدعي الإنسانية لم يحرك ساكنا حيال أبناء اليمن، أما احصائيات اليونيسف للعام 2020 تؤكد أن 7 مليون و400 ألف شخص يعانون سوء التغذية، بينهم 2 مليون طفل دون سن الخامسة، حتى برنامج الأغذية العالمي هو الآخر أشار إلى ارتفاع كبير في معدلات سوء التغذية الحاد الوخيم بنسبة 16 ـ 22% خلال العام الجاري، بين الأطفال دون سن الخامسة خلال العام الماضي، و الكارثة الحقيقة أن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لم تحرك ساكن لإيقاف الحرب.
< ماهي التأثيرات المترتبة على أمراض سوء التغذية؟
<< تأثير أمراض سوء التغذية واسعة على الأطفال ممن لا يجدون الغذاء الكافي، في التأخر الذهني والحركي والهزال، لأن مرض سوء التغذية من الأمراض التي دمرت حياة الشعوب والأمم على المدى الطويل.
في بلادنا وصلت نسبة كبيرة من حالات التقزم في أوساط الأطفال الذين يعانون من الأمراض بينها سوء التغذية الذي يعاني نسبة تزيد عن 45% من الأطفال دون سن الخامسة من حالات التقزم من اجمالي 86% من الأطفال الذين يعانون من فقر الدم وفق تقارير منظمة الصحة العالمية خلال السنوات الماضية.
< ما الأمراض الأكثر انتشارا بين الأطفال خلال السنوات الحرب على اليمن؟
<< هناك الكثير من الأمراض المنتشرة التي فتكت بعشرات الآلاف من الأطفال سنويا، في مقدمتها سوء التغذية، التهاب السحايا، الالتهاب الرئوي، الإسهالات المائية، الحصبة، واسهم غياب خدمات الرعاية الصحية إلى انتشارتلك الأمراض، حيث ذكرت وزارة الصحة في تقرير نشرته بمارس الماضي أن اليمن تفقد أكثر من 265 ألف طفل في العام الواحد، بسبب أمراض الطفولة الرئيسية؛ جراء غياب الخدمات الصحية، أما أمراض سوء التغذية للأمهات الحوامل فحدث ولا حرج، إذ يوجد أكثر من 5 مليون امرأة يمنية في سن الانجاب مصابة بسوء التغذية، إلى جانب اصابة 300 ألف أم مصابة بسوء التغذية بحسب التقرير.
هناك الكثير من الأمراض والأوبئة إلى جانب ما تم ذكره سابقا فتكت بالعديد من الأطفال مثل أمراض “ذات الرئة، الحصبة، الخناق، التهاب الكبد، الشلل الرخو الحاد، الحمى الشوكية، الكوليرا، السل الرئوي والمعوي، الإسهال، المكرفس، الضنك و الطفيليات والأمراض البكتيرية الفيروسية المقاومة للأدوية، وانتشار الاضطرابات النفسية في أوساط الأطفال جراء الحرب على اليمن.
ويرجع انتشارها إلى عوامل عديدة منها صعوبة الوصول للخدمة الصحية وتردي الخدمات الموجودة والممارسات الخاطئة في رعاية الأطفال والتغذية والعلاج، وايضا ظهور ثقافة ترك اللقاحات.
ومن المفارقات العجيبة أن بعض الأمراض الوبائية القديمة التي اندثرت وكنا نقرأ عنها في المراجع العلمية عادت وانبعثت في اليمن من جديد مثل الدفتيريا الذي يعرف بـ”الخناق” الذي فتك بالكثير من الأطفال، مع أن العالم يدرك حجم الكارثة والوضع الإنساني في اليمن.
الأسلحة البيولوجية والقنابل المحرمة تسببت بانتشار مرعب للتشوهات بين المواليد إضافة إلى تفشي أنواع مختلفة من امراض السرطان بين الأطفال في اليمن
< إلى ماذا ترجع ظهور انتشار الأورام والتشوهات الخلقية بين الأطفال حديثي الولادة؟
<< ما نلاحظه في الوقت الراهن أمر بالغ الخطورة من ولادة الأطفال المشوهين خلقيا، والانتشار المرعب لأمراض السرطان بمختلف أنواعه بين الأطفال، منها سرطان دم الأطفال، بالإضافة إلى حالات فشل نخاع العظم، وسط مأساة تكمن في انعدام العلاج الكيماوي الخاص بعلاج هذه الأمراض.
خلال الست السنوات الماضية من الحرب أصبح الهواء والماء والغذاء ملوث بفعل الأسلحة والقنابل الجرثومية والغازات السامة، وغيرها من الأسلحة المحرمة التي القت بها طائرات التحالف على بلادنا، جاعلة من مختلف المناطق حقل تجارب للأسلحة البيولوجية والقنابل المحرمة التي تسبب انتشار الأمراض الوبائية وحالات موت الأجنة والتشوهات الخلقية لدى المواليد حتى أصبحت حاضنات معظم المستشفيات في بعض المدن تعج بمثل هذه الحالات، لتشكل اسوأ كارثة وبائية تهدد الأجنة، و يجب أن توثق تلك الحالات وتوضع في متحف للدراسات العلمية القادمة.
ارتفاع نسبة الوفيات في أوساط النساء بسبب مضاعفات الحمل والولادة
< ما مستوى خدمات الرعاية الصحية المقدمة للأم والطفولة؟
<< خدمات الرعاية الصحية للطفولة في بلادنا لا تمثل شيء مع نسبة انتشار الأمراض المختلفة، ونسبة الوفيات في أوساط النساء مرتفعة جدا بسبب مضاعفات الحمل والولادة في المناطق الريفية بسبب تدهور الخدمات الصحية وصعوبة التنقل، وانعدام المشتقات النفطية وتردي الوضع لمعيشي والاقتصادي للمواطنين، أعاق وصول معظم الحالات الطارئة لتلقي الخدمات الصحية بالمدن الرئيسية، لاسيما من حالات الولادة المتعسرة للأمهات البكر الصغيرات، التي أدت معظمها إلى اختناق المواليد وتسببت معظمها بحالات الشلل الدماغي وما يتبعها من مضاعفات ضمور الدماغ والشلل الرباعي التخشبي والتخلف العقلي والصرع والإعاقة الذهنية واللغوية الحركية بمختلف انواعها ودرجاتها مدى الحياة، لتصبح فئة كبيرة من الجيل معاقين.
المنظمات الدولية تستثمر معاناة اليمنيين وتدخلها في أمراض الطفولة شكلي
أسرة يمنية ـ منطقة الرجاعية تعز
< ما حجم تدخل المنظمات الصحية الدولية في الحد من أمراض الطفولة.. وهل هناك مؤشرات للاستجابة؟
<< الأطفال والنساء الحوامل والأمهات المرضعات في طليعة من يدفعون الثمن والأكثر تضررا من الأمراض المختلفة، وتدخل المنظمات الدولية لا يلبي الحد الأدنى من الاحتياج الفعلي، ولم تسهم في الحد من الأمراض التي ترتفع نسبتها من عام لآخر.
المنظمات الدولية تستثمر معاناة اليمنيين المختلفة وتدخلها شكلي وربما قد يكون مؤقت، ليس لها أي تأثير في إنقاذ الطفولة باليمن، بسبب انفاقها التبرعات الدولية في جوانب هامشية من التدريب والتأهيل والمسوحات الميدانية واستقطاعها نسبة كبيرة تحت بند النفقات التشغيلية، وهكذا من الشركاء الدوليين وصولا للشريك المحلي المنفذ بالفتات الضئيل جدا، كل هذا بسبب الفساد المالي والإداري للمنظمات الدولية من أجل أن تبقى المعاناة في أوساط اليمنيين، واذا وصلت بعض المساعدات من المكملات الغذائية تكون أنواع رديئة أو من التي شارفت على الانتهاء، أو الفاسدة كما حصل في بعض المدن اليمنية.
وحتى لا ننسف جهود المنظمات الدولية.. هناك جوانب ايجابية لها عبر تشغيل عدد من المراكز والوحدات الصحية في مختلف المحافظات والمناطق النائية ومنحهم الحوافز الشهرية، وبعض المساعدات من الأدوية ليست الأساسية.
< ما الذي تود قوله في نهاية هذا اللقاء؟
<< يجب أن نعي جيدا عدم الاتكال على الخارج سواء دعم المنظمات أو غيرها، وعدم التسول على ابوابها، فنحن ابناء اليمن أعز من ذلك.
نحن متفائلين جدا بأن المرحلة القادمة ستكون عنوان للبناء والنهوض باليمن الأرض والإنسان، ولن نحقق الارتقاء والرفعة والعزة الا اذا تكاتفت وتوحدت الجهود واخلصت النوايا للأرض والإنسان اليمني.