متابعات / وكالة الصحافة اليمنية //
في أوّل معركة تخوضها منذ إطلاقها مرحلة «حرية اليمن السعيد» قبل حوالى شهر، تعرّضت السعودية لانتكاسة كبرى في معركة مدينة حرض الحدودية، حيث لم تفشل فقط في السيطرة على المدينة التي لم تستطع دخولها منذ ثماني سنوات، بل فتحت الطريق أمام قوات صنعاء للسيطرة على مناطق داخل الأراضي السعودية.
وجاءت هذه الانتكاسة بعد عدّة أيام من التخبّط الذي أعقب مكاسب افتتحت بها الرياض وحلفاؤها المعركة، قبل أن يبدأ الميزان الميداني بالانقلاب، ويرتكس تماماً في الأيام القليلة الماضية، مع فرار القوات الموالية للسعودية من أرض القتال.
سجّلت السعودية خسائر إضافية على جبهة مدينة حرض الحدودية شمال غربي اليمن خلال الساعات الـ72 الماضية، بعد فرار القوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، والمرتزقة السودانيين من معظم مواقعهم شرق المدينة وجنوب غربها ومثلث عاهم في المديرية نفسها، حيث قاد المعارك «اللواء الثالث – حرس حدود» التابع للقوات البرّية الملكية.
وبحسب مصادر عسكرية في صنعاء تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن القوات السعودية وحلفاءها «تعرّضوا لمقتلة خلال الأيام الثلاثة الماضية في معركة محيط مدينة حرض»، فيما استطاع الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» السيطرة على جبال القفل الشمالي شرق المدينة، والوصول إلى ما بعد قرية القائم جنوبها.
وأكدت مصادر محلية في منطقة عبس القريبة من مدينة حرض، بدورها، انسحاب قوات هادي التي كان تمّ الدفع بها إلى الأنساق الأولى للقتال، بعد خسارتها المكاسب التي سبق لها أن حقّقتها في الأطراف الجنوبية الغربية للمدينة، مؤكدة أن الجيش و«اللجان» استعادا تلك المواقع كافة، كما سيطرا على معسكرات سعودية في المحطام، على رغم وصول تعزيزات للقوات السعودية، وتكثيف الطيران غاراته.
ولفتت المصادر ذاتها إلى أن قوات هادي تلقّت تعزيزات بالأسلحة الحديثة والذخائر عبر منطقة صامتة – وهي منطقة يمنية واقعة مقابل حرض، سيطرت عليها السعودية خلال العقود الماضية -، كاشفةً، نقلاً عن ضبّاط يمنيين موالين للرياض، عن تعرّض تلك القوات لتهديدات من قِبَل القيادة السعودية في مقرّ «القوات المشتركة» في نجران – على رغم استماتتها للحفاظ على بعض المكاسب التي حصدتها في الأسبوع الأول من المعارك – بـ«الإبادة» في حال انسحابها من المعركة، وهو ما تسبّب بمقتل أعداد كبيرة من الضباط والجنود اليمنيين، فيما دفعت التهديدات عدداً آخر إلى تسليم أنفسهم للجيش و«اللجان».
وتحت أكثر من ذريعة، أبرزها تعرّض الرياض لضغوط دولية قضت بعدم اجتياح مدينة حرض «خشية التداعيات الإنسانية»، وامتلاء المدينة بالألغام التي تعيق التقدّم فيها، انسحبت القوات الموالية للسعودية إلى الجهة الجنوبية لحرض، بعدما كانت قد أعلنت مساء الأربعاء الماضي استكمال سيطرتها على المدينة، وأنها تقوم بتأمينها، علماً أنها خالية من السكان منذ قرابة 7 أعوام، وأن المملكة فشلت في الاستيلاء عليها على رغم أنها لا تَبعد عن أراضيها أكثر من 5 كيلومترات.
وأرجع محلّلون موالون لحكومة هادي هذه الانتكاسة إلى «سوء التقدير، وعدم دراسة المنطقة قبل التصعيد الأخير فيها، وعدم التنسيق بين الوحدات القتالية المشاركة في القتال»، ما أدّى إلى تراجع أعداد كبيرة من المقاتلين – وخصوصاً أولئك المتحدّرين من محافظات جنوبية والذين وجدوا أنفسهم في حالة استنزاف -، وأفقدَ المعركة توازنها، وجعل النتائج الميدانية تميل لمصلحة صنعاء.
وبينما اتّهم ناشطون سعوديون قوات المنطقة العسكرية الخامسة التابعة لحكومة هادي بـ«الخيانة» وتسليم مواقعها، اتّهم ناشطون يمنيون القوات السعودية بـ«الفشل في قيادة المعركة»، والدفْع بالآلاف من الجنود والضباط اليمنيين الموالين لها إلى ساحة حرب مفتوحة من دون ترتيبات مسبقة، أو سواتر ترابية، أو تحصينات تحمي المقاتلين من نيران الطرف الآخر، الأمر الذي تسبّب بخسائر بشرية كييرة.