منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، يوم الخميس 24 فبراي 2022، كانت التحليلات والتكهنات المختلفة تتحدث عن احتمالية حسم موسكو للمعركة والسيطرة على كييف خلال أول 48 ساعة، لكن حتى الآن لا تزال روسيا تواجه مقاومة شديدة من قبل الأوكرانيين في عدة جبهات، فما الذي ساعدها على ذلك؟ وما أبرز الأسلحة التي جعلت أوكرانيا تصمد لوقت أطول أمام الاجتياح الروسي؟
طائرات بيرقدار المسيّرة التركية
اكتسبت الطائرات المسيرة التركية المعروفة بـ”بيرقدار” أهمية متزايدة حول العالم بعد حسمها معارك عدة لصالح الأطراف التي تشغلها، من أذربيجان إلى ليبيا وسوريا، وحتى وإثيوبيا مؤخراً، ولم تكن الأزمة الحالية بين روسيا وأوكرانيا استثناءً.
وتقول تقارير إن أوكرانيا تمتلك بدءاً من عام 2018، ما يقرب من 20 طائرة بدون طيار من طراز TB-2 Baykar والتي أثبتت فاعليتها ضد المنظومات الدفاعية روسية الصنع في العديد من البلدان، مثل سوريا وليبيا وأذربيجان. كما تزود تركيا أوكرانيا أيضاً بطائرات “أكينجي” Baykar Akinci، وهي طائرة بدون طيار تركية أخرى على ارتفاع متوسط وطويلة التحمل كشفت أنقرة النقاب عنها قبل نحو عامين.
خلال المعارك الجارية، نشرت وزارة الدفاع الأوكرانية العديد من مقاطع الفيديو التي تظهر تدمير طائرات بيرقدار عشرات المدرعات والدبابات والأرتال العسكرية الروسية في أوكرانيا، قائلة إن القوات الروسية تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد ولم تنجح في عملياتها حتى الآن بفضل ضربات الطائرات المسيرة والعديد من الأسلحة الأخرى التي تستخدمها القوات الأوكرانية.
صواريخ جافلين الأمريكية
بينما تحاول الدبابات الروسية الاقتراب من كييف وتحاول السيطرة على مدن أخرى في شرق وجنوب أوكرانيا، نجحت القوات الأوكرانية خلال الأيام الماضية بتدمير العديد من الدبابات والمدرعات الروسية ووقف تقدمها بواسطة صواريخ جافلين أمريكية الصنع التي يطلق عليها البعض لقب “جزار الدبابات”.
وقبل بدء الحرب، كان يمكن العثور على أبرز علامات جهود الغرب لدعم أوكرانيا، على مدارج مطار بوريسبيل الدولي في العاصمة الأوكرانية كييف، حيث توجد أنظمة صواريخ جافلين المضادة للدبابات، والصواريخ المحمولة على الكتف والمصممة لمساعدة القوات الأوكرانية على تدمير الدبابات الروسية المتقدمة، بعد أن وصلت من الولايات المتحدة ودول أخرى من الناتو.
وأظهرت العديد من مقاطع الفيديو والصور المنشورة على منصات التواصل الاجتماعي لقطات لما قيل إنها دبابات روسية بعضها من طراز T27، قد تم إعطابها بواسطة صواريخ جافلين، وسبق أن وصف المسؤولين الأمريكيين شحنات جافلين الأمريكية إلى أوكرانيا على أنها “مصممة خصيصاً لتغيير حسابات بوتين بشأن غزو محتمل”، كما تنقل ذلك مجلة “فورين بوليسي”.
وصواريخ جافلين (Javelin)، التي تعني “الرُّمْح”، التي تصنعها شركة “لوكهيد مارتن” الأمريكية، تعمل بنظام “أطلق وانسَ”، ما يعني أن الجنود يمكنهم بشكل أساسي إطلاق الصاروخ على الهدف دون الحاجة للتصويب عليه بدقة، ويصيب الصاروخ هدفه بفضل المعدات الإلكترونية والمستشعرات الحرارية والبصرية بداخله، بحيث يتتبع الصاروخ الحرارة الصادرة عن مدرعات أو دبابات العدو ليصيبها مباشرة.
صواريخ “NLAW” البريطانية
تقول القوات الأوكرانية إنها تعتمد على هذه الصواريخ بشكل كبير خلال المعارك الجارية حالياً في الأراضي الأوكرانية إلى جانب صواريخ جافلين، حيث تعد صواريخ MBT LAW سلاح قتال رئيسياً مضاداً للدروع، وهي نظام بريطاني- سويدي مشترك للصواريخ المضادة للدبابات قصيرة المدى، وتعمل أيضاً على نظام “أطلق وانسَ”.
صُممت صواريخ NLAW للاستخدام من قِبل قوات المشاة، حيث تطلق من الكتف ويُمكن التخلص منه بعد الإطلاق. وبحسب الوزير البريطاني والاس، فقد أرسلت بريطانيا الآلاف من هذه الصواريخ لكييف مؤخراً وقد ترسل المزيد.
وبحسب الإيكونوميست، فإن صواريخ “أطلق وانسَ”، مثل NLAW و Javelin يمكن أن تصعّب من مهمّة الجيش الروسي بدخول المدن الأوكرانية، إذ تعد الصواريخ المضادة للدبابات “أسلحة كمائن”.
وعلى الرغم من أن صواريخ جافلين يمكن أن تضرب الدبابة على بعد ميلين، فإن صواريخ NLAW تتطلب من صاحبها الدخول في مسافة تصل إلى 800 متر أو نحو ذلك لضرب العدو، وهي مهمة أسهل في الغابات أو المدن أكثر من السهول.
صواريخ ستينغر الأمريكية
اكتسبت هذه الصواريخ سمعة كبيرة عن مدى فاعليتها ضد الطائرات ، وهي ترتبط في الذاكرة بالحرب الأفغانية ضد الاحتلال السوفييتي، حيث ضخت واشنطن شحنات ضخمة من صواريخ ستينغر للمجاهدين الأفغان لقتال السوفييت، وهو السلاح الذي يوصف بأنه “حسم الحرب الأفغانية ضد السوفييت”، حيث نجح الأفغان حينها بإسقاط نحو 270 طائرة سوفييتية بواسطته.
ويعد صاروخ ستينغر من أشهر الصواريخ المضادة للطائرات، فهو خفيف ويحمل على الكتف، فهو صاروخ أرض جو مضاد للأهداف الجوية على علو منخفض، وهو من أحدث الصواريخ الأمريكية الصنع المضادة للطائرات والمروحيات والمُسيرات.
يستخدم ستينغر ضد صواريخ كروز أيضاً، ويهدد جميع فئات الطائرات السريعة المحلقة على علو منخفض، وبشكل خاص المروحيات، كما تستخدمه أيضاً طائرات هليكوبتر أباتشي في الاشتباكات جواً. وفي عام 2019 أجرى الجيش الأمريكي تعديلاً على “ستينغر”، فبات قادراً على تدمير الطائرات من دون طيار بإصابات مباشرة، أو عن طريق الانفجار بالقرب منها.
يبلغ طول صاروخ ستينغر 1.52 متر بقطر يبلغ 70 ملم، ووزنه 15.7 كيلو غرام ومداه يصل إلى 5 كيلومترات بارتفاع 4.8 متر، ويبلغ وزن الرأس الحربي للصاروخ 3 كيلوغرامات وهو مزوّد بصمام تقاربي، أما سرعته فتفوق سرعة الصوت. ويعمل نظام الدفع في المحرك الصاروخي بالوقود الصلب مع معزز منفصل للمرحلة الأولى من المسار.
صواريخ سام السوفييتية المطورة أوكرانياً
إلى جانب ستينغر، أسهمت صواريخ الدفاع الجوي قصيرة المدى مثل صواريخ “سام-3” في كسر فرض السيادة الجوية الكاملة لروسيا في أجواء المدن الأوكرانية بشكل عام والعاصمة بشكل خاص، ونجحت في إسقاط بعض المقاتلات والمروحيات بحسب ما أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية.
وتعد صواريخ سام-3 نيفا أو إس-125 بيتشورا أو SA-3 Goa إس إيه-3 وفق تصنيف حلف الناتو، نظام دفاع جوي سوفييتي متوسط المدى (40 كم) يعمل بالوقود الصلب ويستخدم لحماية المنشآت ضد التهديدات الجوية منخفضة ومتوسطة المدى، ويتكون من محطة إنذار مبكر بعيدة المدى لتتبع ورصد الأهداف وأربع قاذفات أرضية.
ونجحت أوكرانيا في الفترة من 2015-2017 في تطوير صواريخ سام-3 عبر شركتي أوكرسبيت إكسبورت وإيروتكنيكا الأوكرانيتين. كما اتفقت أوكرانيا وتركيا في عام 2020 على تطوير منظومات إس-125 نيفا وتوريدها لأنقرة، نظراً لاهتمام الأخيرة بالتحديثات الأوكرانية على المنظومة واهتمامها بتعزيز دفاعها الجوي.
وتعمل صواريخ سام-3 بالتكامل مع شبكة الدفاع الجوي البعيدة والمتوسطة المدى في الدفاع عن البنية التحتية الاستراتيجية في أوكرانيا من صواريخ إس-300 وبوك إم 1 الروسية، ولم ينجح قصف الجيش الروسي للمنظومات الأوكرانية في تحييد التهديدات كاملاً منذ بدء الحرب حتى اللحظة.