المصدر الأول لاخبار اليمن

عمليات “الذئاب المنفردة” ترعب العدو الإسرائيلي

متابعات/وكالة الصحافة اليمنية//

 

رغم كل التحذيرات الأمنية للعدو الإسرائيلي التي سبقت شهر رمضان المبارك، من احتمال تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية بسبب استمرار الانتهاكات “الإسرائيلية”  في الضفة الغربية التي شملت الاعتقالات والاغتيالات للشبان الفلسطينيين، بالإضافة إلى الاقتحامات المتكررة للمستوطنين المتطرفين للمسجد الأقصى وتهديداتهم المستفزة للمسلمين بتقديم “قربان الفصح” في قلب الأقصى خلال شهر الصيام، فشلت الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية المختلفة بشكل ذريع في توقع أو صد العمليات الأخيرة في قلب دولة الاحتلال، والتي أخذت طابع عمليات الذئاب المنفردة، وهو ما يجعل مهمة السيطرة عليها أكثر تعقيداً وصعوبة.

فما هي هذه العمليات، وما الذي يميزها عن غيرها من الهجمات المسلحة، ولماذا تمثل اليوم أكبر تحدٍ للعدو الإسرائيلي وتثير هلعاً داخلياً لدى جمهورها؟

ما هي عمليات الذئاب المنفردة؟

“الذئاب المنفردة”، يشير هذا المصطلح الذي ظهر قبل عقود من الزمن في الغرب، إلى الأشخاص الذين يرتكبون “أعمال عنف” في سبيل فكرة أو قضية ما وحدهم، دون أن يكونوا تابعين لهيكل هرمي تنظيمي ما، ودون أن تتم مساعدتهم أو دعمهم من أي مجموعة، رغم أنهم قد يكونون يتبنون فكر هذه المجموعة أو تلك، أو يعتنقون أيديولوجية معينة تمثل لهم رمزية كبيرة ويدافعون عنها.

ومصطلح “الذئب المنفرد” يشير إلى الذئب الذي يتحرك بعيداً عن القطيع، ويشن هجوماً على فريسته وحيداً وبشكل غير متوقع، دون تخطيط مع جماعته.

لم تسبق أيةُ تحذيراتٍ استخباراتيةٍ “إسرائيلية” العمليات الفدائية الفلسطينية المتتالية داخل عمق العدو الإسرائيلي، ذات طابع “الذئاب المنفردة” كما يصفها قادة الاحتلال وخبرائه العسكريين، والتي بدأت منذ نحو أسبوعين وأحدثت صدمة على جميع المستويات الرسمية داخل دولة الاحتلال؛ إذ شن منفذو هذه العمليات هجماتهم بشكل فردي دون أن يتبناهم فصيل فلسطيني، وكانوا يسبقون الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بخطوة، التي كانت بدورها تتلمس طريقها في الظلام، بعد أن وجّه هؤلاء الشبان الغاضبون من استمرار انتهاكات الاحتلال، صفعة قوية إلى شعور الإسرائيليين بالأمان داخل مدنهم الحصينة، كما يصف ذلك الإعلام الإسرائيلي نفسه.

ومنذ يوم الثلاثاء 23 مارس 2022، قتل نحو 14 “إسرائيلياً” وأصيب عشرات آخرون، حيث بدأت سلسلة هذه العمليات الفردية بهجوم دهس وإطلاق نار يوم الثلاثاء، بمدينة بئر السبع (جنوباً)، مروراً بعملية إطلاق نار في الخضيرة بمدينة حيفا (شمالاً) يوم الأحد 27 مارس/آذار، تلتها بعد يومين فقط عملية أخرى في نقاط مختلفة شرق مدينة تل أبيب (شمالاً)، إذ نفذ الأولى والثانية 3 فلسطينيين من الداخل يحملون الجنسية الإسرائيلية، فيما نفذ الثالثة شاب من الضفة الغربية، نجح بالتسلل إلى داخل الأراضي المحتلة بسلاحه الرشاش.

وكانت العملية الثالثة في مدينة بني براك قرب تل أبيب هي الأقسى والأشد، بحسب وصف إعلام العدو الإسرائيلي، بعد أن أوقعت 5 قتلى بينهم أفراد شرطة ومستوطنون ونحو 6 جرحى، كما أنها تعتبر الأولى من نوعها منذ 16 عاماً، وهي تعيد إلى الأذهان عمليات المقاومة الفلسطينية إبان الانتفاضة الثانية داخل عمق تل أبيب.

 

حيث نجح منفذ العملية الشهيد ضياء حمارشة (26 عاماً) من الدخول بطريقة ما إلى وسط الأراضي المحتلة  قادماً من مدينة جنين، وربما حظي بمساعدة أحد من الداخل، وبجعبته بندقية إم 16 وذخيرة، حيث نفذ عمليته على مراحل وتنقل بين 3 مواقع في تل أبيب، وهو ما يعتبر فشلاً أمنياً واستخباراتياً خطيراً بالنسبة للمؤسسة الأمنية التابعة للعدو الإسرائيلي.

وبعد نحو أسبوع من عملية حمارشة، تخلله إعلان للعدو الإسرائيلي عن عملية أمنية سمتها “كاسر الأمواج” شنت خلالها حملات اعتقال واسعة بالضفة واغتالت ثلاثة شبان في مدينة جنين، نجح شاب فلسطيني آخر من مدينة جنين أيضاً، يدعى رعد حازم (29 عاماً) بتنفيذ عملية إطلاق نار في قلب تل أبيب، وتحديداً في أكثر شوارعها حيوية، شارع ديزنكوف الشهير، موقعاً 15 إصابة بين قتيل وجريح بمسدسه، حيث نجح حازم بعدها في الاختباء والتخفي لنحو 9 ساعات قبل أن تصل له وحدات جيش الاحتلال الخاصة وتشتبك معه بعد صلاة فجر الجمعة 8 إبريل/نيسان، بالقرب من مسجد يافا القديمة، شمال الأراضي المحتلة، ليرتقي شهيداً.

ولم يتبنَّ أي فصيل فلسطيني العمليات الأخيرة التي أخذت طابعاً مسلحاً ونوعياً في تحركات المنفذين ونجاحهم بالتسلل إلى قلب دول الاحتلال، وهو ما قد يعني أن هذه العمليات تُصنف تحت بند هجمات “الذئاب المنفردة”، مما يجعل الأمر أكثر تعقيداً وأكثر خطورة بالنسبة للعدو الإسرائيلي الذي عاش أياماً من الرعب والهلع؛ حيث توالت العمليات في مناطق مختلفة في الداخل المحتل رغم تشديد الإجراءات الأمنية والاحتياطات الاستخباراتية، مما قد ينقل شعلة الهجمات إلى منفذين جدد في الداخل أو بالضفة الغربية، بنية الانتقام من الاحتلال، خلال الفترة القادمة.

في السياق، يقول خبراء إن العدو الإسرائيلي بات يواجه مأزقاً كبيراً حيال العمليات “الذئاب المنفردة” غير المُنظّمة، والتي لا ينتمي أفرادها لفصائل وقوى سياسية، لأنها تشكل تحدياً كبيراً من حيث صعوبة التنبؤ بزمانها ومكانها وشخوصها، وكذلك سُبل الرد عليها، وهو ما يمسّ بشكل مباشر بما يعرف بـ”قوة الردع” الإسرائيلية.

ومن هنا، يعتقد المحللون أن أي عمل عسكري للعدو الإسرائيلي واسع، رداً على هذه الهجمات، لن يأتي بنتيجة فورية، نظراً لعدم وجود ارتباط واضح، بين المنفذين والفصائل الفلسطينية.

حيث قالت هيئة البث التابعة للعدو الإسرائيلي الرسمية، نقلاً عن جهاز الأمن العام “الشاباك”، الجمعة، إن منفذ هجوم شارع ديزنكوف، رعد حازم، “لم يكن لديه سوابق أمنية أو لوائح اتهام، كما أنه لا ينتمي إلى أي تنظيم”.

الهجمات اللا مركزية أصبحت مصدر إلهام للشباب الفلسطينيين”

يقول هرئيل في مقالة نشرت الجمعة 8 أبريل ، بعد ساعات من عملية شارع ديزنكوف، إن الفكرة الأساسية لخطورة هذه العمليات هي أنها تأتي في شهر رمضان الذي تكثر فيه الاحتكاكات والاشتباكات، وهي هجمات لا مركزية يقودها “ذئاب منفردة” وخلايا صغيرة من الضفة الغربية أو الداخل.

كما أن قدرة المنفذين على قتل “الإسرائيليين” في قلب هذه المدن بهذه الجرأة، وتوثيق لقطات فيديو (من خلال الكاميرات الأمنية أو الشهود) لتحركاتهم وتنفيذهم عمليات إطلاق النار، وفيديوهات أخرى تظهر حجم الخوف والهلع بين الجمهور “الإسرائيلي”، تثير رغبة لدى الفلسطينيين الآخرين لتقليد هذه العمليات والتخطيط لها بشكل فردي، حيث أصبحت هذه العمليات الفردية المصوّرة مصدر إلهام للشبان الفلسطينيين لتنفيذ مزيد من العمليات المشابهة في داخل إسرائيل، كما يقول هرئيل.

وهذه الموجة من العمليات الفردية ليست الأولى في الأراضي المحتلة، لكنها مختلفة من حيث مكان تنفيذها ونوع السلاح المستخدم فيها وكذلك التخطيط لها؛ حيث واجهت “إسرائيل” موجة من عمليات الطعن الفردية في عام 2015، سميت بـ”انتفاضة السكاكين”، التي أطلقها الشهيد مهند الحلبي، وأدت إلى مقتل وإصابة المئات من الإسرائيليين في الضفة الغربية والقدس، حيث اعترفت إسرائيل حينها بصعوبة رصد تلك العمليات أو توقعها.

ويقول خبراء إن الأجهزة الأمنية التابعة للعدو الإسرائيلي لا تستطيع التعرف على منفذي هذا النوع من العمليات من خلال مصادرها البشرية، أو عن طريق المتابعات التكنولوجية، فالمنفذ نفسه هو يعلم فقط مكان أو زمان العملية، وربما تتغير خطته بالكامل خلال تنفيذها.

لكن يحاول العدو الإسرائيلي فقط الحد من هذه العمليات عبر شن حملات اعتقالات عشوائية، ونشر الحواجز الفجائية على مداخل المدن والبلدات الفلسطينية، وتكثيف التدقيق على شبكات التواصل الاجتماعي، ودعوة “الإسرائيليين” لحمل السلاح لحماية أنفسهم في حال وقوع العملية.

قد يعجبك ايضا