أكدت النيابة العامة الفلسطينية استمرار التحقيقات في الجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيوني، الأربعاء الماضي، على المدخل الغربي لمخيم جنين شمالي الضفة الغربية، والتي أدت لاستشهاد الصحافية شيرين أبو عاقلة، مؤكدة أنّ مصدر إطلاق النار الوحيد بجريمة إعدامها هو قوات الاحتلال.
اتهام صريح
وقالت النيابة العامة الفلسطينية، في بيان صحافي: “تمت إحالة الجثمان لمعهد الطب العدلي بأمر من النائب العام لإجراء الصفة التشريحية وجمع وضبط الأدلة الجنائية وإعداد كافة التقارير بشأنها، وتم الإيعاز للنيابة المختصة بمعاينة مسرح الجريمة وسماع كافة الشهود ورصد جميع مقاطع الفيديو التي توثق الجريمة، وذلك لاستكمال الإجراءات القانونية أصولاً، وقد خلصت التحقيقات الأولية إلى أنّ مصدر إطلاق النار الوحيد في مكان الجريمة كان من قوات الاحتلال لحظة إصابة شيرين أبو عاقلة”.
وأضاف البيان: “كما أشارت التحقيقات إلى تعمد قوات الاحتلال ارتكاب جريمتها، حيث تبين من خلال إجراءات الكشف والمعاينة لمسرح الجريمة وجود آثار وعلامات حديثة ومتقاربة على الشجرة التي أصيبت قربها شيرين ناتجة عن إطلاق النار بشكلٍ مباشر باتجاه موقع الجريمة، وكذلك تمركز أقرب قوة احتلالية كانت تبعد عن شيرين أبو عاقلة عند إصابتها حوالي 150 متراً، وكانت ترتدي الزي الصحافي والخوذة الواقية، وإنّ إطلاق النار باتجاه المكان استمر إلى ما بعد إصابتها، مما أعاق محاولات الوصول إليها لإسعافها من قبل زملائها والمواطنين”.
وأكد بيان النيابة، أنّ نتائج التقرير الأولي للطب العدلي تشير إلى أنّ سبب الوفاة المباشر هو تهتك الدماغ الناجم عن الإصابة بمقذوف ناري ذي سرعة عالية نافذ إلى داخل تجويف الجمجمة، من خلال جرح المدخل، ومن ثم خرج المقذوف من داخل التجويف من خلال جرح المخرج وارتطم بعد خروجه في الناحية الداخلية من الخوذة الواقية، وارتداده ليستقر داخل الأنسجة المتهتكة داخل الجمجمة.
وتابعت النيابة: “كما تم استخراج المقذوف الناري من جثمان الشهيدة أبو عاقلة، وأمرت النيابة بإحالته إلى المختبر الجنائي لإعداد تقرير فني مفصل بالشأن، وستعلن النيابة العامة عبر مؤتمر صحافي كافة النتائج النهائية لتحقيقاتها فور الانتهاء منها”.
وشددت النيابة العامة بصفتها صاحبة الاختصاص الأصيل بالتحقيق في كافة الجرائم، على مضيها في استكمال كافة إجراءاتها التحقيقية اللازمة لتوثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي كونها جرائم حرب تدخل باختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
التهرب من الجريمة
وذكرت مواقع عبرية، ظهر أمس الجمعة، أن جيش الاحتلال نشر نتائج مرحلية لما سمّاه التحقيق في ظروف مقتل الشهيدة شيرين أبو عاقلة.
ووفقا لما ذكرته الإذاعة الصهيونية وموقع “معاريف”، فإن جيش الاحتلال يزعم أنه لا يمكن تحديد مصدر الرصاصة التي أطلقت باتجاه أبو عاقلة، من دون أن يأخذ بشهادة الصحافيين الثلاثة الذين كانوا مع أبو عاقلة، وهم علي السمودي، وشذى حنايشة، ومجاهد السعدي.
ووفقاً لموقع “معاريف”، فإن جيش الاحتلال يزعم أن مصدر النار قد يكون نيراناً كثيفة أطلقها مسلحون فلسطينيون كانوا قد استهدفوا مركبات للجيش وهي في طريقها لاقتحام مخيم جنين.
أما الاحتمال الآخر وفقًا للجيش الصهيوني، فيرجح بأن يكون أحد الجنود الذين كانوا في مركبة صهيونية مصفحة قد أطلق النار من ثغرة في المركبة، ما أدى إلى استشهادها.
ويحاول جيش الاحتلال الصهيوني من خلال تعميم مثل هذه الرواية، خصوصا بعد قيام قواته صباح الجمعة باقتحام جنين والوصول إلى موقع استشهاد أبو عاقلة، كسر قوة الشهادات الموثقة والتشكيك في الرواية الفلسطينية لامتصاص الغضب الدولي من جهة، وتزويد الجيش بذريعة للطعن في نتائج التحقيق الفلسطيني في اغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة بدعوى رفض السلطة الفلسطينية تسليم المقذوف الذي أصاب الشهيدة أبو عاقلة لدولة الاحتلال، رغم الضغوط التي تمارسها أيضا الولايات المتحدة الأميركية.
ولا تزال السلطة الفلسطينية ترفض تسليم الرصاصة إلى دولة الاحتلال. وأمس الخميس، قال وزير الشؤون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ إنّ كيان العدو “غير مسموح له بفحص الرصاصة”.
وشدد الشيخ، على أنّ الفلسطينيين “سيجرون تحقيقاً مستقلّاً بهم ويتبادلون نتائجه مع الولايات المتحدة وقطر”.
اعتراف بالجريمة
في السياق، قالت القناة 12 العبرية إن رئيس أركان جيش العدو “أفيف كوخافي” استمع إلى تقارير داخلية أظهرت أن جيشه هو من أطلق النار على شيرين أبو عاقلة، وأن ذلك مرجح بقوة.
وأضافت القناة العبرية، أن مصدرين حضرا اجتماع رئيس أركان جيش العدو، أكدا لها المعلومات بخصوص التقارير التي استمع إليها كوخافي بشأن مسؤولية جيش العدو عن مقتل شيرين أبو عاقلة.
وحسب القناة، طلب كوخافي التريث بالنشر حول احتمال إطلاق جنوده النار على الشهيدة شيرين أبو عاقلة، وطلب إجراء إعادة تمثيل لما جرى بحضور خبراء.
كما اعترف رئيس أركان جيش العدو في الاجتماع أن احتمال قتل جندي صهيوني لشيرين أبو عاقلة عن طريق الخطأ قائم بالفعل.
وفي وقت سابق تراجع الاحتلال مجددا عن روايتها الأولى بشأن اغتيال مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، بعد أن سبق وحمّل جيش الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين المسؤولية عن قتل الزميلة الراحلة.