تقرير خاص.. وكالة الصحافة اليمنية..
في خطابه الأخير الذي بثته قناة المسيرة مساء الاحد أكد السيد عبدالملك الحوثي على أن اليمن كانت تعتبر الهدف الثالث لأمريكا بعد افغانستان والعراق على إثر أحداث 11 سبتمبر 2001م، غير أن الخطط الأمريكية اليوم تغيرت عما كانت عليه في السابق، فهي اليوم وبعد تجاربها المريرة في أفغانستان والعراق تخشى وتحذر وتتهرب خوض حروب مباشرة مشابهة لتلك التي ضربت هيبتها وخسرت فيها آلاف الجنود والضباط وأصابت العائدين منها بالأمراض النفسية، وتبحث عن أنظمة وجيوش رخيصة تستخدمها كأدوات لتحقيق أهدافها ومن ثم الظهور واعلان النصر الذي لم تضحي من أجله ولو بجندي واحد.
تجربتي افغانستان والعراق أجبرت واشنطن على التأني ألف مرة قبل التفكير في شن أي حرب جديدة، والعدول عن قرارات الرؤساء أو الوزراء التي من شأنها إقحام الجنود الامريكيين في معارك مباشرة في أي بلد، غير أنها لم تمنع الادارات الامريكية المتعاقبة من الاستمرار في التخطيط لشن حروب جديدة ورسم خرائط عسكرية وتمويلها ودعمها بالمعلومات والسلاح وكل ما يضمن اشتعالها في هذه المنطقة أو تلك.
في الانظمة والجيوش العربية وجدت واشنطن ضالتها، وخاصة في منطقة الخليج العربي التي أضافت للإدارة الامريكية ميزة جديدة وهي قدرة تلك الدول على تمويل الحروب التي تقترحها واشنطن ودفع مبالغ ضخمة وخيالية لشراء تلك المعلومات والاسلحة التي هي الاساس في المعركة، وسرعان ما استجابت دول الخليج وفي مقدمتها النظام السعودي للتنبئوات الامريكية لمقترحات وأوامر أمريكا بشن عدوان على اليمن كونه بات يشكل تهديد على أمن وسلامة دول الخليج وقادتها وشعوبها.
ولأنها لا تمتلك جيوش سوى بعض الكتائب المخصصة لحراسة الامراء ورجال الدين بحثت تلك الدويلات عن جيوش واستأجرت منها ما استطاعت لإدارة معركة أمريكا في اليمن، استأجرت جيوش من أفريكيا ومن أمريكا اللاتينية وآسيا وغيرها، كما ابتاعت بمليارات الدولارات أحدث الاسلحة الغربية بما فيها المحرمة دولياً لتنفيذ مخطط أمريكا الرامي الى تفتيت الشرق الأوسط وتسييد اسرائيل عليه.
وبالرغم من مرور ثلاث سنوات وأكثر على العدوان الذي شن ضد اليمن إلا أن أمريكا لم تعترف بعد بالمشاركة فيه إلا باعتراف يتيم تم الاعلان عنه قبل شهر تقريباً بأنها نشرت بعض الجنود والضباط في الحدود السعودية لحمايتها من هجمات الجيش اليمني، وفي ما عدا ذلك الاعتراف كررت واشنطن تأكيدها على أن الولايات المتحدة اكتفت بتزويد السعودية بالسلاح والمعلومات اللوجستية فقط.
هذا التخفي الأمريكي والحذر من الدخول في معركة مباشرة نتيجة طبيعية لأمرين هامين، الاول هي الخسائر التي تكبدها الجيش الامريكي في العراق وافغانستان، والثاني أنها وجدت في النظام السعودي وشركائه في دويلات الخليج رغبة كبيرة في طاعتها وتنفيذ أوامرها والتنافس على من يجزل لها العطايا سواء من الأموال أو من التنازلات والصفقات السياسية والاقتصادية وحتى الاقدام على خطوات عسكرية انتحارية.
الشاهد الوحيد على أن أمريكا ستصادر أي نصر قد تصنعه السعودية أو تحققه الامارات في اليمن أو في سوريا هو ما أقدمت عليه في العراق منتصف العام الماضي، حيث بدأت أمريكا ترسل وفود عسكرية وسياسية رفيعة الى العراق مع اقتراب قوات الحشد الشعبي من دحر “داعش” من كافة المدن العراقية، وبدأت حينها بعض التصريحات الأمريكية تبث من داخل العراق خاصة مع اقتراب اعلان تحرير الموصل وهي آخر المدن العراقية التي كانت لم تزل في قبضة التنظيم، وكان الضباطوالساسة الأمريكيين يقولون من بغداد وغيرها من المدن العراقية وبالحرف الواحد :”لقد سحقنا تنظيم داعش”، “لقد هزمنا الارهاب وحررنا العراق”، وبدأت كل من راديو سوا وقناتي الحرة الأمريكية بافراد مساحات اخبارية وتقارير واسعة لتلك الادعاءات ، بالرغم من أن أمريكا وحلفائها في المنطقة وقفوا ضد قوات الحشد الشعبي وساندوا في كثير من المعارك التنظيم الارهابي “داعش” الذي نشأ وانتشر في العراق أساساً بخطط وسلاح أمريكي وتمويل سعودي خليجي.
التصريحات الأمريكية التي حاولت مصادرة النصر من أبنا العراق حينها أثارت حفيظة السيد حسن نصر الله الذي قلل في الـ 17 من يوليو 2017م من أهمية تلك التصريحات نافياً أن يكون الجيش الأمريكي قد لعب أي دور دحر داعش، حيث قال : “لاحقا جاء الأمريكيون… ليكونوا شركاء في النصر الذي بدأت ملامحه تظهر من زنود العراقيين وتضحيات العراقيين ودماء العراقيين وصمود وثبات العراقيين.”