تحليل خاص // وكالة الصحافة اليمنية //
عندما لا تجد قوى الاستعمار ذريعة لإحتلال أي بلد تلجأ لاستخدام أساليب ووسائل تدفع الأنظمة لإستدعائها واستجلابها ومنحها الحق في التدخل في شئونها الداخلية والتحكم بمصيرها ومصادرة قرارها السياسي وإيصال الحكومات لمرحلة طلب الدخول تحت الوصاية وتقديم البلد للمحتل على طبق من ذهب ليصبح الآمر الناهي والمسيطر الفعلي على البلاد.
اليوم لم تعد دول الهيمنة والاستعمار، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، في حاجة لعقد صفقات سياسية رخيصة لإسقاط الأنظمة واستهداف الشعوب أو البحث عن تحالفات عسكرية وممولين وإخافة السذج وإقناعهم بأن من لم يكن معنا فهو ضدنا كما فعلت عندما اقدمت على إحتلال أفغانستان والعراق.
لم تعد الولايات المتحدة الأمريكية في حاجة لأن تقوم بشن عدوان عسكري مباشر لتحقيق أهدافها ومطامعها واتجهت لاستخدام سياسة اخرى أشد خطرا وتدميرا، تتمثل في تجنيد الحكومات والأنظمة وتحويلها إلى أدوات وتحريض الشعوب ضد نفسها واستغلال قضاياها ومشاكلها السياسية والاقتصادية وتحويلها إلى أسلحة أشد فتكاً ودوافع وأسباب لإسقاط الأنظمة والشعوب معاً والانتصار لأمريكا وتمكينها من بسط نفوذها وهيمنتها على البلدان والسيطرة على ثرواتها ومصادرة قرارها السياسي.
أمريكا التي تحرص على الاحتفاظ بصورتها الأجمل أوقفت يد البنتاجون التي ظلت الطولى خلال العقود الماضية واعتمدت سياسة جديدة ترتكز على مبدأ التدمير من الداخل وهي السياسة التي استطاعت من خلال عملائها وأقنيتها وأدواتها الجديدة تحويل أهدافها وضحاياها إلى جنود يخوضون معاركها وحروبها الناعمة،.. جنود لا يرتدون بزات المارينز ومشاة البحرية ولا يرهقون موازناتها العملاقة.
جنود أمريكا لم يعودوا أمريكيين.. جنود أمريكا اليوم يحملون هوية البلدان التي تستهدفها أمريكا.. جنود يدعون الولاء والوطنية لبلدانهم وفي نفس الوقت يتفانون في خدمة أمريكا وتمكينها من بلدانهم ويتنافسون على إثبات أنهم الجنود الأكثر فاعلية والأكثر ترجمة وتجسيداً لأهدافها وأجنداتها السياسية والعسكرية والاقتصادية.
خاضت الولايات المتحدة الأمريكية الكثير من الحروب لكنها لم تحقق الانتصارات والنتائج التي تحققها اليوم.. وما لم تستطع تحقيقه من خلال البنتاجون وفيالق المارينز ومشاة البحرية والأسلحة الأكثر تطوراً وتدميراً استطاعت تحقيقه اليوم من خلال أدواتها وعملائها ومرتزقتها، وما أسهل التدمير من الداخل وما أسهل مثل هذه الحروب لكن ما أصعب أن ندرك أن أمريكا ومن خلال أدواتها نجحت في إدخال اليمنيين في آتون حرب تستهدفهم جميعا، وأن وقوف قوى العدوان إلى جانب فصيل يمني ضد فصيل يمني آخر لا يخدم اليمن ولا يخدم المصلحة الوطنية والشعب اليمني بشكل عام، بقدر ما يخدم قوى الاحتلال ومشاريع الهيمنة والسيطرة الامريكية، وهي المشاريع التي لا نحتاج لأكثر من قراءتها ومراجعتها فيما شهدته المنطقة والعالم من أحداث وما العراق وأفغانستان عنا ببعيد، وما أغبى الشعوب التي لا تدرك أن الحرية التي تأتي على ظهور دبابات الغزاة عبودية، وأن الشعوب التي تستورد جلاديها ومستعبديها شعوب ميتة لا تستحق الحرية والاستقلال.
في العام 2003، وبعد فشل كل الذرائع الأمريكية لغزو العراق وجدت الولايات المتحدة ضالتها في ذريعة نشر الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. لكن مثل هذه الحرية والديمقراطية التي تأتي على ظهور الدبابات وبصواريخ الطائرات، وضد نظام وطني مهما كانت سلبياته، تعد خيانة وفعلا فاضحا لا يغفره التاريخ.
فهل يدرك اليمنيين خطورة ما يحاك ضدهم من مؤامرات.؟!!