تحليل / خاص / وكالة الصحافة اليمنية //
بعث قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي رسائل شديدة اللهجة للتحالف في الخطاب الذي القاه اليوم الذي يمكن اعتباره خطاباً عسكرياً بامتياز، تركز حول مجريات المعارك في الساحل الغربي، وقد حمل الخطاب في نفس الوقت رسائل مطمئنة للشعب اليمني ، حيث يبدو أنه لا يمكن لاحد ادعاء الانتصار في معركة لاتزال طويلة الاجل على ساحل مفتوح على كل المفاجئات .
ومنذ دخول الاحتلال إلى سواحل باب المندب وذباب ، واخبار الاشتباكات تتوارد من جبهة الساحل الغربي بين الجيش اليمني واللجان الشعبية من جهة وجحافل الغزاة، الأمر الذي يسلب التحالف فرصة التبجح بالسيطرة على المناطق التي تواجد فيها الساحل الغربي، الذي تحول من وجهة نظر مراقبين عسكريين إلى فخ لاستنزاف أمكانيات التحالف بشكل كبير.
فقد اكد قائد الثورة ان كل ما يبذله التحالف لاحتلال الحديدة لا يتجاوز كونه محاولات لانتزاع ورقة ضغط لإجبار اليمن على تقديم التنازلات في أي جولة مفاوضات محتملة مع التحالف، خطاب السيد لم يكن مجرد تنفيس عن حالة غضب فالجميع وخصوصاً الاعداء قبل الاصدقاء يعلمون ان قائد الثورة في اليمن رجل لا تأخذه الانفعالات اللحظية، وقيادة التحالف اكثر من يعرف أن وعيد السيد عبدالملك الحوثي يؤخذ على محمل الجد، فقد سبق للرجل – على سبيل المثال لا الحصر – أن توعد ب” حملة اقتحامات لا انتخابات” في اغسطس (2016) وسرعان ما ترجم حديثه على يد الجيش بشكل عملي بعد عشرة ايام فقط إلى جملة من الاقتحامات الواسعة في جبهات ماوراء الحدود وانطلقت الصواريخ الباليستية اليمنية إلى مدينة ينبع الصناعية على بعد (950) كم شرق المملكة.
اليوم اكد السيد أن كل ما يبذله التحالف في معركة الساحل الغربي من ازهاق لأرواح ابناء الجنوب المغرر بهم تحت عناوين المناطقية والطائفية ، وما يحرقه التحالف من اموال وعتاد في سبيل السيطرة على محافظة الحديدة، سيكون مصيره الابتلاع في رمال ساحل اليمن.
واي اختراق يحدث هنا او هناك على جبهة الساحل الغربي لأسباب وصفها السيد ب”الموضوعية” في اطار معركة الكر والفر التي هي من طبيعة الحروب، لايمكن اعتبارها نهاية الحرب.
واعاد السيد التذكير بأن معظم المناطق التي تمتاز بالكثافة السكانية والتضاريس الوعرة لاتزال بيد الشعب اليمني، الذي سيتخذ منها منطلقاً لتحرير كافة اراضي اليمن من المحتل.
وقد استدل السيد بتاريخ طويل من محاولات الغزاة التي انتهت بالهزيمة في ساحل اليمن الغربي، والتي كان اخرها هزيمة بريطانيا وعبدالعزيز بن سعود عندما اجبروا على مغادرة الحديدة بفعل المقاومة الشعبية لابناء الحديدة و اليمن عموماً سنة (1933).
احدى العلامات الفارقة التي اشار اليها السيد في خطابه هو ان شعب اليمن يخوض غمار المواجهة مع الغزاة وهو في افضل حالاته ، فرغم كل محاولات الاخضاع التي يمارسها التحالف بمباركة اممية من القتل والدمار والتجويع، إلا أن اليمن اظهرت استبسالاً منقطع النظير في مواجهة اعتى دول العالم التي شكلت تحالفاً عسكرياً ضد اليمن يتكون من (17) بقيادة امريكية ، ولم تفلح في اعادة اليمن إلى الحظيرة الامريكية.
ومثل العادة ظهر السيد اليوم بكامل الثقة مؤكداً أن التكتيك العسكري ” الصبياني” الذي ينتهجه التحالف عبر الزج بألياته المدرعة في بعض مناطق الساحل الغربي، يمكن مواجهتها بامكانية متوافرة لدى الجيش واللجان الشعبية، مشيراً إلى أن الثبات والتماسك هما الوسيلة الأولى لمواجهة جحافل الغزاة.
أمريكا في الساحل
وبالنظر إلى واقع الانجاز العسكري الذي يسعى إليه التحالف بكل امكانياته العسكرية الجوية والبحرية والبرية، من اجل احتلال الحديدة نجد ان التحالف بذل الكثير منذ اكثر من ثلاثة اعوام ، لكنه في المقابل انجز القليل، حيث يبدو من الوقائع الميدانية أن التحالف عاني كثيراً وسيعاني المزيد من الويلات للسيطرة على مناطق منبسطة في الساحل ولا يوجد فيها أي وعورة، وأن الخسائر تفوق بكثير امكانيات (السعوديين – الاماراتيين) ليتواجد المحرك واللاعب الرئيسي المتمثل بالولايات المتحدة ، والتي سبق لها منذ عدة عقود أن ابدت مطامع في السيطرة على جزر اليمن ومضيق باب المندب.
حلقات الدمى المترابطة
وقد تحدث قائد الثورة بوعي تام احاط خلاله بمسألة التواجد الامريكي المباشر في معركة الساحل ، بشكل يؤكد أن الدور الامريكي لم يعد ذلك الدور المتخفي، فقد باتت الأمور على المحك والمسألة بالنسبة لأمريكا هي ان (نكون أو لا نكون) ، وقد اشار السيد أن من يعملون على الأرض ما هم إلا حلقات من الدمى ترتبط بالمحرك الامريكي – البريطاني – الاسرائيلي ، الذي يديرون العمليات من غرف عمليات متعددة خارج اليمن.
فالمسلحون المحليون يتلقون الاوامر من الضباط الاماراتيين في المخا ، والاماراتيون والسعوديون بدورهم يتلقون الاوامر من المحرك الامريكي الاساسي المتواجد في غرف عمليات تدار من “عصب” في ارتيريا والرياض.
التحالف يستثمر مشاعر بعض اليمنيين بالظلم
قائد الثورة اسقط في ثنايا خطابه الذرائع والمبررات التي يتشدق بها ابناء اليمن المنخرطين في صفوف التحالف لاحتلال اليمن، مذكراً اياهم بالموقف المهين الذي باتت عليه اوضاعهم في المحافظات المحتلة، بعد أن سقط قناع التحجج ب”الشرعية” وانكشفت النوايا الحقيقية لاحتلال اليمن وتمزيقه، مشيراً أن مشاعر الكراهية والاحساس بالظلم التي يتخذ منها البعض مبرراً لمساندة المحتل هي في الحقيقة صنيعة نظام سياسي حكم اليمن واوجد المظالم الاقتصادية والاجتماعية في كل المحافظات ولم تكن تلك المظالم حكراً على محافظة بعينها ، وهي مسألة تستدعي التوقف والتأمل فيها ملياً، حتى لا يسمح للغزاة باستثمار هذه المشاعر وتحويلها من قبل العدو إلى سوط يجلد به جميع اليمنيين ، و يصرفها بشكل خاطئ ضد شعب اليمن المظلوم، خصوصاً أن الوقائع اثبتت ان المحتل الاجنبي ليس ارحم من الانظمة العميلة.