يبدو من واقع الأحداث التي تشهدها المناطق اليمنية المحتلة، أن التحالف لا يزال عاجزاً عن فهم معنى السلام الذي يمكن أن تؤدي إليه الهدنة.
ويمكن من خلال القليل من التمعن في مسرح الأحداث ملاحظة أن التحالف استغل الهدنة لتصفية خصومه في حزب الاصلاح، باعتبار الأخير طرف منبوذ يخدم أجندة الجماعة الدولية للاخوان، ولا يستحق بأي شكل من الأشكال أن يكون طرفاً في خدمة التحالف، رغم الخدمات الكبيرة التي قدمها حزب الاصلاح للتحالف في اليمن.
ويرى مراقبون أن الضربات التي وجهتها الرياض وأبو ظبي لأكبر اتباعها في اليمن ” حزب الإصلاح”، لا تخرج عن حتمية التاريخ التي تدفع أي احتلال إلى الاستغناء عن الخونة من ابناء البلاد التي خضعت للاحتلال باعتبار الخونة أداة يمكن استعمالها من قبل أي طرف ولا تمتلك أي ولاء وطني يمكن على أساسه احترام من ساعدوا في احتلال بلادهم.
ويعتقد محللون سياسيون أن صنعاء تدرك خطورة الموقف مع التحالف، الذي يحاول توطيد وجوده في اليمن، ورغم أن صنعاء لم تتردد أبداً في مد يد السلام والموافقة على الهدنة مع يشوبها من عيوب تنفيذ ومزاجية تطبيق من قبل التحالف، إلا أن صنعاء لم تفتح باباً للاسترخاء من خلال الاستمرار في تطوير امكانيتها العسكرية وتأهيل منتسبي الجيش في مختلف التخصصات استعداداً لأي احتمالات قد يعود من خلالها التحالف للتصعيد على اليمن.
كما أن صنعاء أكدت أكثر من مرة أن قيام اقوات الأجنبية باستهداف أي مواطن يمني مهما كان موقفه يمثل أمراً مستفزاً لحكومة صنعاء، لا يمكن السكوت عنه.
وهي استعدادات يبدو أن هناك ما يستدعي اجرائها بشكل ملح، خصوصاً في ظل التحركات الأمريكية البريطانية المكثفة في محافظات شرق اليمن. حيث تشير الوقائع إلى أن واشنطن ولندن تسعى لمعالجة أزماتها المنعكسة من حرب أوكرانيا، وعلى رأسها أزمة تناقص الوقود، على حساب ثروات اليمن، في حين تؤكد مسارات الحرب على اليمن منذ اليوم الأول أن الولايات المتحدة، تضع عينها على السيطرة على باب المندب، والجزر اليمنية في البحر الأحمر والبحر العربي، بغرض التحكم بطرق الملاحة الدولية، وخنق القوة الاقتصادية المتعاظمة للصين في المقام الأول وبقية دول العالم. الأمر الذي يحتم على صنعاء الاستعداد بكل ما يلزم من التدابير العسكرية والسياسية للحفاظ على سيادة اليمن وعدم السماح للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة في تعكير صفو طرق الملاحة البحرية وما يمكن أن ينعكس عن السيطرة الأمريكية من اضطرابات دولية، وقلق في الأمن والسلم الدولي.