المصدر الأول لاخبار اليمن

هل تستوعب واشنطن رسائل صنعاء لوقف التلاعب بالهدنة؟

 

تقرير / وكالة الصحافة اليمنية //

 

تشهد المنطقة حراك أمريكي مكثف لتمديد الهدنة في اليمن لمدة ستة أشهر، قبل أسبوعين من انتهاء التمديد الأخيرللهدنة، فيما تعكف قيادة صنعاء على إعداد حزمة إجراءات عسكرية وسياسية، بعثت من خلالها رسائل تحذير إلى الأمم المتحدة، من أجل الدفْع بعملية تنفيذ بنود الهدنة قُدُماً.

 

وكشفت جريدة “الأخبار” اللبانية في تقرير لها اليوم الخميس ، أن الأميركيين، ومعهم الأوروبيون والأمم المتحدة، يمارسون ضغوطاً جادّة وحقيقية على السعودية بهدف حمْلها على تطبيق الاتفاق وتوسيعه، إلّا أن «قيادة صنعاء» تظلّ متشكّكة حيال تلك الجهود، وتخشى أن تصبح أسيرةً لدوّامة لا متناهية من الأخذ والردّ وتتحضر لمعركة سيكون مسرحها – في حال وقوعها – البحر الأحمر والمنشآت النفطية لدول الحصار.

خصوصاً أن الرياض وأبو ظبي من وجهة نظر مراقبين، لا تمتلك ما يكفي من الإرادة لاتخاذ خطوات منفردة تجاه حرب اليمن، خارج التوجهات الأمريكية.

 

وذكرت الصحيفة أن قيادة صنعاء لم تجد ـ إزاء لمماطلة السعودية في تنفيذ أحد أهمّ بنود اتّفاق الهدنة، والمتمثّل في السماح لسفن المشتقّات النفطية بالوصول إلى ميناء الحديدة ـ بدّاً من البعث برسالة «شديدة اللهجة» إلى الأمم المتحدة، كونها الراعية للاتفاق، تضمّنت تهديداً باتّخاذ إجراءات عسكرية ردّاً على تلك المماطلة، وتنبيهاً إلى أن الردّ لن يقتصر على الجوانب العسكرية العادية، بل سيكون متناسِباً مع الإجراء السعودي، وفق ما ذكرته مصادر ديبلوماسية في المنظّمة الدولية.

 

وبحسب المصادر ذاتها، فقد وصلت رسالة صنعاء إلى كلّ مَن يَهمّهم الأمر، وخصوصاً الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذين تَحرّكا على الفور ومارسا ضغوطاً كبيرة على الجانب السعودي من أجل الإفراج عن السفن المحتجَزة قبالة مرفأ جيزان، على رغم حصولها على التراخيص المطلوبة من آلية التفتيش الأممية في جيبوتي.

 

وأكد الصحيفة أن هذه الخطوة اليمنية الجريئة تنبئ بأن قيادة صنعاء لن ترتضي بواقع اصطفاف الطوابير أمام محطّات توزيع المشتقّات النفطية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، في وقت تَنعم فيه السعودية والإمارات بتوافُر هذه المواد في أسواقهما. وفي قبالة ذلك، لا تملك السعودية خيارات كثيرة، خصوصاً أن ثمّة ضغوطاً أميركية وأوروبية وأممية متصاعدة عليها من أجل تنفيذ بنود الهدنة، وأن هذه الأطراف لديها من الهموم والتحدّيات جرّاء تداعيات الحرب الروسية – الغربية في أوكرانيا، ما لا يترك لها مجالاً لمسايرة العِناد السعودي.

 

وقالت الصحيفة ” من هنا، جاء قرار الرياض السماح للناقلات الـ13 المحتجَزة بالوصول إلى ميناء الحديدة وإفراغ حمولتها فوراً، بعدما دأبت، من خلال وسائل إعلامها، على الترويج بأن أزمة المشتقّات النفطية في المناطق الخاضعة لسيطرة «حكومة صنعاء»، مفتعَلة من قِبَل الأخيرة بهدف تعزيز السوق السوداء.

 

ويذكّر هذا بما فعلته السعودية قبل نحو ستة أشهر، عندما سارعت، عقب قيام الولايات المتحدة بسحب منظومات الدفاع الجوّي، ولا سيّما «الباتريوت»، من جميع أراضي المملكة، إلى سلطنة عُمان حاملةً موافقتها على الهدنة، خشية تداعيات انكشاف أجوائها أمام الصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنية.

 

وبحسب الصحيفة تعمل صنعاء في ظل هذا الشد والجذب على إعداد سلسلة إجراءات عسكرية وسياسية، تستهدف إرساء معادلة «النفط مقابل النفط»، والتي تعني أنه لا يمكن للأطراف التي تستمرّ في فرض الحصار على اليمن، وأن تبقى بمنأى عن ردود الفعل، كما لا يمكن للدول الغربية الراعية للتحالف أن تستمرّ في الاستفادة من البحار والممرّات المائية من دون مقابل.

 

واعتبرت الصحيفة أن خير مَن عبّر عن جدوى تلك المعادلة هو السفير البريطاني في اليمن، ريتشارد أوبنهايم، باعترافه بأن سبب دخول سفن المشتقّات النفطية المحتجَزة إلى الحديدة هو أن «أفعالهم كانت ستُسبّب كارثة»، في إشارة إلى تخطيط صنعاء لاستهداف منشآت حيوية واستراتيجية.

 

وأكدت الصحيفة أن تمسك واشنطن بإدامة الهدنة يزداد، بالنظر إلى انشغالها بملفّات تُعتبر مصيرية بالنسبة إلى أمنها القومي، وتقتضي إبقاء التهدئة في معظم ملفّات الشرق الأوسط. ومن هنا، تسعى الولايات المتحدة إلى تمديد اتّفاق وقف إطلاق النار في اليمن لمدّة ستّة أشهر، ولو تَطلّب ذلك الاستجابة لمعظم مطالب «حكومة صنعاء».

 

وذكرت الصحيفة أن أمريكا أرسلت مندوبها، تيم ليندركينغ، إلى المنطقة، بعدما أصدرت وزارة خارجيتها بياناً حدّدت فيه مهام الأخير بـ«تمديد الهدنة وتوسيعها»، بما يشمل زيادة الرحلات الجوية وإضافة مناطق جديدة إلى وجهاتها، وصرف رواتب موظفي الخدمة المدنية والمتقاعدين.

 

ورغم هذا كله فإن قيادة صنعاء وبحسب تجاربها السابقة التي اثبتت أن حقوق اليمنيين تنتزع  بالقوة أو عبر التلويح بها. ومن هنا، فهي لا تنقطع عن الإعداد لجولة جديدة من الصراع، سيكون مسرحها هذه المرّة البحر الأحمر والمنشآت النفطية للدول التي تشارك في فرض الحصار على اليمن بحسب الصحيفة.

 

في المقابل، ترى السعودية أن نجاح «قيادة صنعاء» في إنهاء الحصار سيمثّل ضربة كبرى لكلّ جهودها القاضية بإبقاء تلك الورقة بِيَدها كأداة من أدوات الحرب. كما أن ما لا يروق الرياض هو أن حليفتها واشنطن تنحو إلى استعادة سيطرتها على الملفّ اليمني بشكل كامل، وجعله بوّابة ابتزاز وضغط على الأولى، من دون أيّ مراعاة لـ«مصالحها الحيوية». وقد عبّر عن ذلك بوضوح أحد الكتّاب القريبين من دوائر القرار السعودي، بإبدائه خشيته من تدويل هذا الملفّ واستئثار الولايات المتحدة به، ومحاولاتها وضعه ضمن خيارات التفاوض مع طهران أو رهْنه لقضايا أخرى مِن مِثل الأزمة الأوكرانية.

 

واستنتجت الصحيفة في ختام التقرير ، أن واشنطن باتت، في تعاملها مع الملفّ اليمني، تُقدّم مصلحتها على مصلحة حلفائها لدى تَعارضهما، محاوِلةً في الوقت نفسه تعويض الأخيرين عن ذلك بجولات من العلاقات العامة الهادفة إلى تهدئة النفوس وطمْأنة القلقين إلى استمرار مظلّة الحماية الأميركية، فضلاً عن استعراض قدراتها الضخمة في الشرق الأوسط.

 

والجدير ذكره، هنا، أن مصالح كلّ من واشنطن والرياض في الحرب على اليمن، بقيت متطابِقة بشكل شبه كامل على مدار أعوام، بل إن موقف الولايات المتحدة في كثير من المفاصل بدا أكثر تشدّداً من موقف السعودية. وبخصوص الحصار الاقتصادي تحديداً، فقد كان للسفير الأميركي السابق، ماثيو تولر، قصَب السبْق في التهديد به في آب 2016، أثناء لقائه وفد صنعاء المُفاوِض في الكويت، حيث لوّح بـ«إماتة الشعب اليمني جوعاً» ما لم تُقدِم «أنصار الله» على التنازلات السياسية المطلوبة منها. وهي مسألة تؤكد أن واشنطن هي من تدير ملف الحرب على اليمن، وأن السعوديين مجرد منفذين للأوامر الصادرة من الولايات المتحدة.

قد يعجبك ايضا