تقرير خاص: وكالة الصحافة اليمنية
الرئيس السوداني الذي أرسل جيشه إلى الموت في اليمن، من أجل أن تنظر إليه السعودية بعين الرضا وتسهم في إخراج اقتصاده من حالته البائسة التي تعاني منها بلاده منذ سنوات، اعترف أمس أن بلاده ما زالت تعاني من حصار اقتصادي بسبب حجب المؤسسات الدولية تمويل مشاريع اقتصادية في السودان وعدم اعفاءها من الديون الخارجية لأسباب سياسية، بحسبه.
البشير الذي حضر امس اجتماعاً لمجلس وزراء ولاية الخرطوم أن بلده يتعرض لحصار اقتصادي وهو مثقل بالديون ومحروم من البرنامج الدولي لإعفاءالديون لأسباب سياسية وكذلك محروم من التمويل الميسر الذي تمنحه المؤسسات الدولية.
ويبدو أن البشير حاول في الاجتماع ارسال رسالة للسعودية من خلال شكره للمؤسسات المالية العربية والاسلامية والدول الشقيقة كتركيا والصين لوقفهم مع السودان ودعمه، فيما السعودية تقود الجيش السوداني إلى محرقة الساحل الغربي وعدد من الجبهات في اليمن ليقتلوا نيابة عن جيشها.
ومنذ مشاركة السودان في تحالف العدوان على اليمن الذي تقوده السعودية، حدثت تطورات ومستجدات كثيرة على الساحة السياسية العربية والعالمية مما يلزم الحكومة السودانية التفكير بسرعة في سحب فوري لقواتها من اليمن، فالمشروعية الدينية والعقدية التي كذب بها البشير على شعبها وبنى عليه قرار المشاركة في العدوان على اليمنيين لم تكن سوى “مغالطة” ظن أنها ستفيده وستجعل السعودية تنعش اقتصاده بعشرات المليارات، غير أن ما حصل هو العكس.
حاول البشير الارتزاق على حساب أرواح المئات من كتائبه المتواجدة في اليمن، لكن أطماعه اصطدمت بحائط كبير من اللااحترام الذي تتعمد السعودية ومعها الإمارات التعامل معه وشعبه وبلده به.
ولعل من الجدير الإشارة هناإلى التناقض الحاصل في الموقف السوداني، إذ بينما تقاتل القوات السودانية في تحالف يضم الإمارات فإن الأخيرة تدعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر في شرق ليبيا الذي يناصب الخرطوم العداء ويتوعدها بالحسم العسكري، ويجد حفتر كامل الدعم من إسرائيل وربما كانت الإمارات تقوم بالتنسيق بينهما.
وفي حين لم يُبدِ عدد من دول التحالف حماسا للمشاركة البرية؛ أعلن السودان استعداده للدفع بقوات لدعم هذه العملية، ووصلت في منتصف أكتوبر2015 الدفعة الأولى منها إلى ميناء عدن. ولاعتبارات معينة لم يشأ الرئيس السوداني عمر البشير أن يُعلن حجم قواته الحقيقي بل صرح بأنها “محدودة ورمزية ولن تتجاوز حدود لواء من المشاة”.
لكن فيما بعد أعلن وزير الإعلام السوداني أن بلاده وضعت ستة آلاف جندي تحت تصرّف السعودية، وتشير بعض التقديرات غير الرسمية إلى أن عدد القوات السودانية في اليمن قد يصل إلى أكثر من 8 آلاف جنديغرد النص عبر تويتر.
وفي نهاية يوليو، ذكر موقع الشروق السوداني القريب من الدوائر الحكومية أن الخرطوم تعتزم إرسال دفعة جديدة من جنود ما يعرف بقوات الدعم السريع إلى اليمن، وهي قوات ذات طبيعة شرسة تستخدمها الخرطوم للقضاء على متمردي دارفور حيث حققت انتصارات مشهودة، لكنها فشلت في اليمن بصورة مخزية وكارثية.
وعزاالبعض موقف السودان من تأييد السعودية لأسباب اقتصادية نظرا لما يعانيه اقتصاده من تدهور مستمر منذ ست سنوات، بسبب انفصال جنوبه الغني بالنفط الذي كان يشكل قبل الانفصال أكثر من 95% من موارد البلاد.
وأصبح البشير الخائب محاصراً اليوم ليس اقتصادياً فقط، بل وسياسياً وشعبياً، وما الحراك الشعبي الذي بدا الشهر الفائت داخل البرلمان السوداني وفي أوساط المعارضة وشريحة واسعة من أبناء الشعب ويتجه صوب رفض استمرار التواجد العسكري لبلادهم في اليمن ووقف مشاركته في العدوان على بلد هو أكثر من البلدان والشعوب محبة للسودان.
لقد حاول البشير استجداء السعودية مرات عديدة ولم ينجح، من بينها زيارته للرياض على رأس وفد اقتصادي لاستجداء الدعم لكن الرياض في ذلك الوقت لم تكن متحمسة لدعم الخرطوم بسبب احتفاظ السودان بعلاقات وطيدة مع إيران. ورفضت الرياض في سبتمبر 2013 السماح لطائرة البشير بعبور مجالها الجوي أثناء توجهه إلى حضور حفل تنصيب الرئيس حسن روحاني في طهران، مما اضطره إلى العودة إلى الخرطوم. وكان رد فعل السودان على الإجراء السعودي خجولا ومتواريا.