خاص / وكالة الصحافة اليمنية //
كان قبل ساعاتٍ من اليوم أعزبًا.. يُشاهد قناديل الأفراح معلقة في كل حارة وكل بيت، ولم يكن بوسعه سوى أن يشارك المتزوجين أفراحهم، ثم يعود إلى منزله يلوك حسرة العمر الذي يمضي دون أن يشاهد قنديلًا واحدًا مضاء في غربة الروح، ينام مثقلًا بالحزن، بعد أن يكتشف أخر كل يوم من خريف العمر أن لا صوت “إمرأة” في المنزل الموحش يخبره قبل الخلود للنوم” تصبح على خير”.
سبعة وخمسون عامًا قضاها نبيل محمد الفران دون زواج، اليوم أرتدى القميص والمقطب واستل سيفه معلناً انتهاء عهد العزوبية ، وأدركه صباح الفرح، حين اشتعل الرأس شيبا، كان يقف بينه وبين حقه المشروع في حياة تنعم بنصف دين، ظروفه القاسية، حاله المعدم، بالكاد يوفر قوت يومه، ومن أين له في بلد لم تكن تهتم بأمثاله أن يضيف روحًا لتسكن إليه يقاسمها ما تيسر من الرزق، الزواج في نظره لم يكن مشروعًا مسليًا، ولكنها حياة تحتاج أن تحافظ فيها على المرأة التي اختارها واختارته وأن لا تتجرع مآسي الزمن التي تجرعها.
كانت المعاناة تلوكه ليلاً و نهارًا ، يلتحف وجعه وينام مثقلا لعل “حلم” يأتي في المنام يبشره بعروسٍ تأتي في ليلة شتاء باردة، وبين اليقظة والحلم فقر مدقع ، وهو يقترب من الستين عامًا، كان قد وصل إلى مرحلة شعر فيها بأن قطار العمر مضى دون أن يترك خلفه في محطة الأمل “عروسًا” يصطحبها إلى منزله بفستانها الأبيض ولثمتها اليمنية الأصيلة، ثم جاء الفرج ولو بعد حين.
اليوم كان هذا الرجل يحتفل فرحًا، ليتوج رحلة العناء بزفافٍ ينتشله من وحدة العيش إلى بحبوحة الود، وتقاسم الرحمة مع شريكة حياته، التي ساهمت الهيئة العامة للزكاة في أن يكون ومثله الكثير من المطحونين بالحرب والحصار ممن يحققوا أحلامهم “الحلال” عبر العرس الجماعي الذي تم تنظيمه اليوم في جامع الشعب بصنعاء.
ابتهج الرجل الخمسيني، ورقص فرحًا، وابتسم للعيون التي احتفت به قبل عدسات الكاميرا، وكأنه يخبرهم أن أموال هذا الوطن، متى تم تسخيرها من أجل الخير، سنجد آلاف الشباب من الفقراء، يبتسمون بمبادرات الخيرين، بعد أن قضوا من العمر سنوات، وهم في قائمة النسيان.