معادلات الحرب والسلام تراوح مكانها في اليمن .. من سيدفع الثمن؟
تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//
تصاعدت حدة المخاوف الإقليمية والدولية مؤخراً من عودة التصعيد العسكري بين قوات صنعاء من جهة وقوات التحالف من جهة أخرى، في ظل اصرار التحالف على رفض المطالب الإنسانية التي وضعتها صنعاء للمضي نحو ارساء أسس السلام.
ويؤكد مراقبون عرب وأجانب، ان فشل المساعي الرامية إلى حلحلة تعقيدات تمديد الهدنة جعل المشهد اليمني على المحك، خاصة وان صنعاء أكدت انها جاهزة للسلام وفي أتم الجهوزية لكافة الخيارات وبأن استمرار الوضع في دوامة تداعيات فراغ ما بعد الهدنة “اللاحرب واللاسلم ” أصبح ضرب من الخيال.
بداية النهاية
بعد مرور ثلاثة شهور على انتهاء الهدنة وعدم وصول مساعي تمديد الهدنة الى حلول جذرية لتثبيتها، تجاوزت صنعاء مرحلة الصبر الاستراتيجي وراهنت على إبداعها في تطوير صناعة أدوات عسكرية التي قلبت موازين القوى العسكرية رأساً على عقب، لا سيما الصواريخ الباليستية وسلاح الجو المسير.
وعلى ما يبدو فإن صنعاء رسمت بداية النهاية لدوامة فراغ ما بعد الهدنة، ووجهت لدول التحالف رسالة مفادها أن صنعاء جاهزة للسلام وفي نفس الوقت حاضرة للحرب في حال استمرت دوامة “اللاحرب واللاسلم”.وهو ما يعني -وفق المراقبين- عودة محتملة للعمليات العسكرية وبشكل أوسع من السابق، وهو ما أكده خطاب الرئيس مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى الذي يمثل أعلى سلطة رسمية في صنعاء، أمس الأحد، خلال لقاءه بمحافظي محافظات ذمار وإب وتعز ولحج والضالع.
ولفت المشاط في كلمته، إلى أن التحالف بعد أن فشل في نقل معاركه إلى المحافظات المكتظة بالسكان أوقف عملياته العسكرية وشن حرباً من نوع أخر في ظل هدنة هشة مؤكداً أن قوات صنعاء تنتظر عودة العمليات العسكرية بيقظة واستعداد عالي.
هدنة شكلية
في مارس العام الماضي نفذت قوات صنعاء 3 ضربات قاصمة بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة استهدفت شركة أرامكو السعودية، وأعلنت حينها حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء، على لسان الرئيس مهدي المشاط في 25 مارس 2022، عن هدنة شاملة من طرف واحد لمدة 3 أيام، متوعدة شركة أرامكو بتدميرها عن بكرة أبيها، وعبّرت حينها صنعاء عن استعدادها لتحويل هذه الهدنة إلى سلام دائم في حال التزمت دول التحالف وفي مقدمتها السعودية بصرف المرتبات وإنهاء الحصار ووقف الغارات بصورة دائمة.
وقبل أن تنتهي أيام هدنة صنعاء الثلاثة بساعات، فاجأت السلطات السعودية حلفاؤها في إعلانها وقف جميع عملياتها العسكرية خلال شهر رمضان، ليعقب ذلك إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غروندبرغ في الأول من إبريل 2022، عن توقيع اتفاق بين حكومة صنعاء ودول التحالف على هدنة إنسانية لمدة شهرين قابلة للتمديد، تتوقف فيها جميع العمليات العسكرية، مقابل فتح مطار صنعاء لرحلتين أسبوعياً إلى عمان والقاهرة، وإدخال18 سفينة نفطية إلى موانئ الحديدة، وطوال الشهور الستة من سريان الهدنة لم يشهد المواطن اليمني الذي مزقته الحرب، أي تحسن في الوضع.
كما شهدت شهور الهدنة الستة منغصات عدة تمثلت في ارتكاب قوى التحالف لخروقات بلغت حتى 2 أكتوبر العام الماضي، أكثر من 34 ألفاً و563 خرقاً وفق بيان قوات صنعاء.
شرق اليمن بدوره شهد سلسلة طويلة من خروقات قوى التحالف وعلى وجه الخصوص أمراء الحرب في مأرب الإصلاح وتنظيم القاعدة الرافضان للهدنة الإنسانية والعسكرية في اليمن منذ توقيعها في 2 إبريل العام الماضي.
وفي الغرب، كانت محافظة الحديدة الساحلية ولا تزال مسرحاً لخروقات قوى التحالف الدامية، لاسيما الجزء الجنوبي منها الذي يشهد خروقات عدة بشكل يومي من قبل قوى التحالف.
وإلى الجنوب، شهدت مدينة تعز خروقات عدة من قبل أمراء “الإصلاح” تمثلت في اشتباكات وقصف مدفعي وعمليات قنص للمدنيين والتي كان أخرها قنص الشاب عيسى قاسم سيف “25 عاماً ” في 27 ديسمبر الماضي، أثناء تواجده في منطقة الرواس بالهشمة بمديرية التعزية، كما شهدت محافظات لحج وأبين والضالع العديد من خروقات الميليشيات الإماراتية تمثلت في قصف مدفعي ومحاولات زحف على مواقع قوات صنعاء.
ختام القول لقد تجلت من خلال واقع الأحداث التي تشهدها اليمن مؤخرا، أن التحالف يسعى لتعميق معاناة اليمنيين في المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة الإنقاذ الوطني من خلال عدم صرف المرتبات ومواصلة احتجاز سفن الوقود والغذاء، وبث سموم الفتة الداخلية عبر الماكينة الإعلامية وأبواق التحريض، أن التحالف لم يؤمن بعد بالسلام المرجو من الهدنة.