متابعات/وكالة الصحافة اليمنية//
تعمل الحكومة المصرية حاليًا بقرار من وزير العدل “عمر مروان”، على إعداد قانون جديد للأحوال الشخصية لحل القضايا والمشاكل الأسرية، ليكون قانونا موحدا للأسرة المصرية.
وقد تم الإعلان عن بعضًا من الملامح المتعلقة بشروط عقد الزواج الجديدة في بيان رسمي صادر عن رئاسة الجمهورية، كما خرجت تسريبات إعلامية حول بعض بنود القانون، واليت أثارت جدلا واسعا بين المواطنين، وأعادت الخلاف بين الرئاسة والأزهر من جديد.
هذه التسريبات حول مشروع القانون، دفعت المصريون إلى التسابق لإتمام عقود الزواج، في ظل التصريحات التي صدرت من الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي” ووزير عدله بتعديلات القانون.
وسبق أن سحبت الحكومة المصرية مشروع قانون الأسرة الذي قدمته إلى مجلس النواب في فبراير/شباط 2021، بسبب اعتراض الأزهر الشريف على الكثير من مواده، وفي مقدمتها مواد تنظيم الخطبة، وعقد الزواج وآثاره وأحكامه، والطلاق والنفقة والحضانة.
ولعل أبرز ما أثار الجدل حول القانون الجديد، صدر عن “السيسي”، حين قال في أحد مؤتمراته إن القانون الجديد يتضمن بعض الشروط المطروحة لعقد الزواج، ومنها إنشاء صندوق لرعاية الأسرة ووثيقة تأمين لدعمها ماديًا، ومن المقرر أن تمول الحكومة الصندوق، ولكن على المقبلين على الزواج المساهمة في دعمه بمبلغ لم يتم تحديده بعد.
ودعا “السيسي”، الشباب إلى تمويل الصندوق بمبلغ من المال قبل الارتباط، على أن تدفع الحكومة مبلغا مماثلا للصندوق المقترح، الذي سوف يتم استخدامه بعد ذلك لدعم الأسر، خاصة في حالات الانفصال.
يأتي هذا في الوقت الذي يمتلك فيه بنك ناصر الاجتماعي (حكومي) صندوقا مشابها، تحت اسم “صندوق تأمين الأسرة” منذ عام 2004، بموجب القانون 11 لسنة 2004، يستهدف مساعدة الأسر التي هجرها عائلها بلا منفق، بجانب تنفيذ الأحكام الصادرة بتقرير النفقات والأجور وما في حكمها.
وانتقد نشطاء ومعنيون طرح مثل تلك الفكرة التي تقوم على الجباية، وتجاوز دور الدولة في توفير مناخ قضائي عادل وناجز لحل المشاكل الخلافية بين الأزواج، وتخليها عن دورها في مساعدة الشباب المقبلين على الزواج وليس تحميلهم أعباء مالية إضافية، خاصة أن معظم الزيجات في مصر تتم بالاقتراض ومساعدة الأهل بسبب ارتفاع تكاليف الزواج.
ومن ضمن مشروع القانون أيضاً والذي تحدث عنه “السيسي”، هو إجراء فحوصات طبية شاملة، يطلع عليها لجنة طبية وقاضي قبل إعطاء الموافقة بالزواج، وهو ما رآه البعض نوعا من التدخل في أدق تفاصيل شؤون المواطنين، خاصة تلك التي تتصل بالأبعاد الدينية والاجتماعية.
ولعل هذه البنود أثارت جدلا واسعا بين الناشطين، مستنكرين وضع قرار زواجهم في يد اللجنة، وليس بقرار شخصي منهما أو من ذويهم.
ومن أكثر مواد القانون إثارة للجدل، المادة الخاصة بتقنين الزواج العرفي، حيث اعترف القانون بحالات الزواج العرفي التي وقعت قبل صدوره.
إلا أن القانون حرم الزوجة المتزوجة عرفيا بعد صدور القانون أن تطالب بحقوق أمام المحكمة، لأنها وافقت على زواج عرفي ليس موثقا.
هذا التباين دفع المصريون للتساؤل عن أن القانون يضع الشيء ونقيضه في آن واحد، فكيف يعترف القانون بالزواج العرفي القائم ويقننه، وفي الوقت نفسه لا يعترف بحالات الزواج العرفي التي تحدث بعد صدوره؟.
ويتضمن مشروع القانون الحفاظ على الذمة المالية لكل زوج، ونصيب كل منهم في الثروة المشتركة التي تكونت في أثناء الزواج، بالإضافة إلى إعادة صياغة وثيقتي الزواج والطلاق بما يضمن اشتمالهما على ما اتفق عليه الطرفان عند حالتي الزواج والطلاق، فضلا عن توثيق الطلاق كما هي الحال في توثيق الزواج، وعدم ترتيب أي التزامات على الزوجة إلا من تاريخ علمها به.
وأكد “مروان”، في تصريحات متلفزة قبل يومين، أنه لا توجد مشكلة شرعية في إقرار توثيق الطلاق في قانون الأحوال الشخصية الجديد، ردا على سؤال عن استمرار اعتماد الطلاق الشفوي.
وكانت هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، رفضت في فبراير/شباط 2017، مقترحا لـ”السيسي” بإقرار توثيق الطلاق كشرط لوقوعه، وأقرت وقوع الطلاق الشفوي المستوفي لأركانه وشروطه، مؤكدة أن هذا هو ما استقر عليه المسلمون منذ عهد النبي “محمد” (صلى الله عليه وسلم)، ولم يحدث أي تغيير في موقفها حتى الآن، وفق ما هو معلن.
كما سيتضمن القانون بنودا لجعل إجراءات التقاضي في قضايا الأسرة أمام محكمة واحدة، من خلال “الملف الواحد”، بشكل يحد من معاناة الأسرة بسبب طول الإجراءات.
ويشمل القانون كذلك موادا تنص على حق الزوجة في الموافقة أو رفض التعدد.
ونصت على أنه في حالة ما إذا أصر الزوج على التعدد يحق للزوجة طلب الطلاق والحصول على حقوقها خلال شهر.
وأشارت إلى أنه في حالة موافقة الزوجة على زواج زوجها بأخرى أن تطلب منه الالتزام بتوفير كافة نفقاتها ونفقات أولادها، وكذلك حقوقها الشرعية ومتابعة تربية الأبناء، وهنا تقر المحكمة للزوج بالتعدد، وفي حالة تقصيره يحق لها التطليق وتحصل على حقوقها.
كما نص القانون الجديد على شرط مناصفة الثروة عند الطلاق، وتضمنت أنه يجوز كتابة نص عند الزواج على اقتسام ما يتم تكوينه من ثروات وممتلكات وأموال خلال فترة الزوجية.
وفي حالة الطلاق يتم تقسيمها مناصفة أو بشكل نسبي حسب الاتفاق، وهذا بخلاف الحقوق الأخرى للزوجة المترتبة على الطلاق في مصر.
وأكدت أنه لا يدخل في الاتفاق العائد المادي أو الميراث أو الهبة التي تؤول لأحد الزوجين، أو تم تكوينه قبل الزواج.
وحدد القانون التفاصيل الخاصة بالحضانة، حيث اشترط أنه لا تسقط عن الأرمل أو الأرملة في حال الزواج مرة أخرى، بينما تسقط إذا ثبت عدم صلاحية أو عدم أمانة زوج الأم أو زوجة الأب.
كما نص القانون على أنه لا تسقط الحضانة عن الأم بزواجها من آخر ما لم يقرر القاضي خلاف ذلك لمصلحة المحضون، وهذا وفقا للتقرير الاجتماعي والنفسي لحالة الطفل، وفي هذه الحالة لا تستحق أجر مسكن وحضانة.
من جانبها، تعرب مديرة مركز “أسرتي” للاستشارات الاجتماعية “منال خضر”، عن خشيتها من أن ما تم إعلانه من مواد في القانون الجديد يشكل “بالونة اختبار” قبل تمريره، خاصة أن بعضه يشكل مخالفة صريحة لاحتياجات المصريين وظروفهم الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن رأي مؤسستهم الدينية المتمثلة في الأزهر، الأمر الذي يهز استقرار المجتمع.
وتوضح أنه منذ ظهور نقاشات القانون المقترح للعلن خلال اليومين الماضيين، تلقت أسئلة من جمهورها مليئة بالقلق والغضب، معربة عن استهجانها لما وصفته “بتعامل واضعي القانون معه على أنه عديم الأهلية وقاصر”.
وتساءلت المستشارة الأسرية والاجتماعية: “كيف يطالب المشروع المقترح مكونات المجتمع المصري -سواء في الصعيد أو الوجه البحري- باستئذان القاضي قبل الزواج الثاني؟، وكيف يتجاوز البعض ما أعلنه الأزهر في الاعتداد بالطلاق الشفوي بالبحث المريب عن توثيق الطلاق فقط؟ وهل المطلوب من الأعباء المالية الجديدة تعجيز الشباب عن الزواج ؟”.
وتؤكد “منال” أن المجتمع المصري، وفق ما يأتيها من استشارات، في حاجة إلى التيسير وإنفاق كل ذي سعة من سعته والانشغال بتثقيف المجتمع بقيمة الأسرة وضوابطها، وترك الأمور الشرعية لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، من دون تلاعب بالألفاظ ووضع بعض المواد الجميلة لتمرير مواد أخرى سيئة.