متابعات/ وكالة الصحافة اليمنية //
ذكر تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، بعنوان “المساواة في الظلم للجميع.. السعودية توسع قمع المعارضة”، استعرض العديد من الحالات التي تعرضت لعقوبات سجن مجحفة على خلفية اتهامات بالإرهاب لمجرد تعبيرهم عن آرائهم بشكل سلمي على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال التقرير : “سني أم شيعي، شاب أم مسن، رجل أم امرأة”، سوف تطولك لا محالة دائرة القمع التي تتسع لتصل إلى كافة المعارضين الذي يعبرون عن رأيهم على مواقع التواصل الاجتماعي في عهد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة .
واستشهدت الصحيفة بحالة سعد الماضي (72 عاما)، وهو مواطن سعودي يحمل الجنسية الأمريكية ويعيش في فلوريدا، وجرى اعتقاله من قبل السلطات في المملكة بسبب تغريدة نشرها في 2015 حول ولي ولي العهد في حينها (محمد بن سلمان)، ردا على الأكاديمية السعودية المعارضة التي تقيم في الخارج مضاوي الرشيد.
في رده على تغريدة الرشيد التي قال فيها “هيبة النظام السعودي تتلاشى في الداخل خاصة بعد تسريبات مجتهد عن تململ الأمراء المهمشين خاصة أحمد”، كتب الماضي: “وسيطرة محمد بن سلمان على الاقتصاد والدفاع وما تحت يد الملك”.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن ما ذكره “الماضي” -الذي كان مدير مشروع متقاعد، وليس ناشطًا- كان واقعي إلى حد كبير، فقد تولى الأمير محمد السيطرة على العديد من مقاليد السلطة منذ أن أصبح والده ملكًا في ذلك العام، وبحلول بحلول 2017، أطاح بولي العهد السابق محمد بن نايف ليصبح هو ولي العهد.
جنبًا إلى جنب مع منشورات أخرى على “تويتر”، كتب فيها انتقادًا للحكومة السعودية، تشمل قائمة الاتهامات الموجهة لـ”الماضي” الاحتفاظ بصورة مهينة لولي العهد على هاتفه.
تم الاستشهاد بالتغريدة المذكورة كدليل إدانة على “تبنى أجندة إرهابية من خلال التشهير برموز الدولة” و”دعم الفكر الإرهابي”، بحسب وثائق المحكمة السعودية.
وطالب المدعي العام في المملكة بتوقيع عقوبة شديدة على الماضي “لتوبيخه وردع الآخرين”.
وفي أكتوبر ، حُكم على الماضي بالسجن 16 عامًا، وتم تمديده في 8 فبراير/شباط إلى 19 عامًا بعد استئناف الحكم، وهو الآن محتجز في سجن “الحائر” بالرياض، الذي يضم أعضاء من عناصر تنظيم القاعدة إلى جانب نشطاء سياسيين.
قمع غير مسبوق
من جانبها، قالت هالة الدوسري، الناشطة في مجال حقوق المرأة، والتي غادرت السعودية في عام 2014 للحصول على زمالة ما بعد الدكتوراه في الولايات المتحدة، “إن نطاق القمع (في السعودية) غير مسبوق، وقالت إنها لم تشعر أبدًا بالأمان الكافي للعودة.
وعن الإصلاحات الاجتماعية التي أجراها ولي العهد منذ صعوده للمنصب؛ كرفع الحظر الذي كان مفروضا على قيادة المرأة للسيارة، إضافة لفتح دور السينما، علّقت هالة: “إنه لحظة حلوة ومرة في تاريخ السعودية”.
وأوضحت: “ترى ثمار تعبئتك قد أثمرت بطريقة ما، ولكن لسبب خاطئ.. يتم إسكات الناس مقابل منحهم حقوقًا معينة”.
واستشهدت الصحيفة أيضا بحالة السعودية نورا القحطاني (50 عاما)، التي كانت تدير حسابًا مجهولاً على تويتر، وكانت من بين عدة أشخاص حوكموا العام الماضي فيما يتعلق بنشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
ودعت نورا، التي كان لديها ما يقرب من 600 متابع، إلى تنفيذ احتجاجات مناهضة للحكومة، وانتقدت بعض إجراءات التحرر الاجتماعي، وكتبت أن الأمير محمد “لم يكن جيدًا بما يكفي ليكون أميرًا”.
بعد أن أدانتها محكمة بتهمة “الطعن بعقيدة عدالة الملك وولي العهد” و”دعم أيديولوجية الأشخاص الذين يسعون إلى الإخلال بالنظام العام”، من بين تهم أخرى، حُكم عليها بالسجن 13 عامًا.
في الاستئناف، طلبت نورا العفو، قائلة إنها تبلغ من العمر 50 عامًا تقريبًا ولديها خمسة أطفال لرعايتهم، وفقًا لنسخة من حكمها. وبدلاً من ذلك، مددت هيئة القضاة عقوبتها إلى 45 عاماً في السجن.
بنفس الوقت تقريبًا، حُكم على الشيعية سلمى الشهاب (34 عام)، طالبة الدكتوراه السعودية في جامعة ليدز في بريطانيا، بالسجن 34 عامًا؛ لاتهامها بمتابعة المعارضة وإعادة نشر منشوراتهم، وفقًا لنسخة من حكمها.
وذكرت الصحيفة أن الحكم على نورا وسلمى جاء بموجب قوانين مكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية. وحُكم على كلاهما بعقوبة إضافية حسب تقدير القضاة.
واقع جديد
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فحتى وقت قريب كانت أحكام السجن التي تزيد عن 20 عامًا نادرة في المملكة.
وأشارت إلى أنه كان بإمكان السعوديين الذين يحملون الجنسية الأمريكية أو علاقات مع النخب المحلية مثل سعد الماضي، الاستفادة من ذلك وتوفير الحماية لأنفسهم.
وقال طه الحجي، المحامي السعودي الذي يعيش في ألمانيا في المنفى: “من مزايا محمد بن سلمان أنه خلق المساواة في الظلم للجميع”.
وأضاف: “كانت الخطوط الحمراء التي حدت من حرية التعبير أكثر وضوحًا أيضًا في ظل الحكام السابقين؛ وكان تتمثل في: العائلة الحاكمة والملك والإسلام”.
من جانبه، اعتبر حسين إيبش، الباحث بمركز معهد دول الخليج في واشنطن، أن الناس الآن في السعودية ليس لديهم أي فكرة على ما هو المسموح وما غير المسموح.
وتابع: “إن العقوبات السابقة مصممة لخلق مناخ من التخويف في السجل السياسي، يهدف إلى تحصين النظام”.