المصدر الأول لاخبار اليمن

سنة على العملية القيصرية من الخاصرة الأوكرانية.. رابحون وخاسرون والحرب مستمرة..لمن يعقد النصر؟ واي عالم جديد يولد؟ (الحلقة السادسة)

تحليل/ميخائيل عوض/وكالة الصحافة اليمنية//

الكاتب والمحلل السياسي ميخائيل عوض

 

خروج بريطانيا من الاتحاد الأروبي

في الحرب الأوكرانية، وما سبقها من تمهيد وإعداد المسرح انكشف سر دفع بريطانيا للخروج من الاتحاد الاوروبي، الذي قادته أمريكا، ونجحت في انتزاعها.
فالعلاقة بين بريطانيا وأمريكا فارقة، وتكاملية، فأمريكا الدولة الامة المصنعة جرى تصميم نظامها وتشكيلاتها على التخطيط البريطاني، وليس الأوروبي أو الاوراسي، وما ان تخلصت اأمريكا من الاستعمار الأوروبي وبدأت تتحول إلى قوة محورية حتى تطورت العلاقة وانقلبت فالمهندس أصبح أجيراً، والمصنوع أصبح سيداً.
لكن العلاقة بينهما احتفظت بخاصيات استثنائية، وبرابط حبل سرة لم ينقطع، ولم تندرج فيها أي من الدول التي كانت قد اسهمت باحتلال أمريكا وتصفية شعوبها وإبادتها.
فأمريكا، نظام وعقل مؤسسة ذكي ومبدع، ومستقبلي، لا يكف عن توليد الأفكار والنظريات والاستراتيجيات وينجح بدمج معطيات ومنتجات العصر التقنية في خدمة هيمنته، فعندما استشعرت أمريكا مؤشرات وارهاصات الذبول والأفول، وأدركت ان اقليم العرب والمسلمين استعصى عليها وأقرت بالهزيمة في تقرير بيكر هاملتون ٢٠٠٦ وعدلت من استراتيجيتها العليا وقررت التوجه شرقا والتركيز على الصين وشرق اسيا والباسيفيك، قررت إنتزاع بريطانيا من الاتحاد الاوروبي لتوظيفها كرأس حربه  في التحرش بروسيا، وفي السعي للتمكن من استراليا وكندا، واحتوائها في حلف عدواني للقوى الانكلو ساكسونية ” حلف ماركوس” ليس كبديل للناتو بل كمكمل للخطط والاستراتيجيات وبوظيفه تتركز في الباسيفيك.
خرجت بريطاني من الاتحاد فضربته بهزة عنيفة قاربت الزلزال واثارت لغطا عن مستقبله، واضعفت وحدته وتكامله، واطلقت التنافس بين فرنسا الطامحة ودائمة البحث عن دور ريادي، والمانيا الراسخة والقوية.
وفي خلفية التفكير الأمريكي اسقاط الاتحاد الاوروبي تحت الهيمنة الكلية. والحؤول دون ان يتكامل ويتفاعل مع حاجات ورغبات الصين وروسيا بان يتمرد ويكون حيث يجب وحيث قدراته ومكانته، ويسهم في تشكيل العالم والنظام الجديد متعدد الأقطاب بحيث يصير الاتحاد الأوروبي أحد الأقطاب الفاعلين، ومن ثم وظفت بريطانيا كرأس حربة في التحرش بروسيا عبر المسرح الأوكراني وزجت بالسلاح والخبراء ولعبت دورا دبلوماسيا متقدما وقائدا للتشهير بروسيا ومحاصرتها وفرض العقوبات عليها.
بريطانيا الدولة الأقل اعتمادا والأقل علاقات اقتصادية مع روسيا والأقل تأثرا من تعطيل  التبادلات معها. وفي الجينيات البريطانية التي انتقل جزء منها الى أمريكا، العداء لروسيا والسعي لتدميرها.
فبلا احتلال روسيا وأغتنام ثرواتها وجغرافيتها الهائلة يستحيل ان يستمر العالم “الانكلو ساكسوني”.

وعليه لعبت بريطاني دور المحرض والصاعق في انفجار الصراع المسلح في قلب أوروبا وعلى التماس المباشر مع المانيا الند التاريخي لبريطانيا إلى جانب روسيا.
ومع تطورات العملية لعسكرية وتراكم نتائجها على كل الاصعدة تبدو بريطانيا خاسر، ولن تحصد شيئا مما افترضته او سعت اليه. فالنقمة الروسية عالية عليها ونبرة بوتين كانت قاسية وحادة وتهديدات القيادة الروسية لبريطانيا وسحقها بضغطة زر خير دليل معبر..
والعقوبات على روسيا وتراجع الاقتصاد الاوروبي وازماته تنعكس خسائر مادية وتجارية نوعية لبريطانيا،  فالاقتصاد البريطاني شديد التأثر بالاقتصاد الاوروبي والعالمي، وازمة الاقتصاد الرأسمالي الليبرالي هي في جوهرها ازمة النموذج الذي انبثق في بريطانيا وحملت لوائحه وقيمه وسوقته حتى غدا مهيمنا عالميا على يد امريكا المصممة على النموذج الانكليزي.

انقلاب السحر على الساحر

فالمنطقي ان تضرب بريطانية أزمة حادة اقتصادية واجتماعية وسياسية تعبر عن نفسها بالإضرابات غير المسبوقة، وبارتفاع اكلاف الاسر التي قيل فيها أنها لم تحصل منذ عقود، وازمة ركود تذكر بأزمات سبعينات القرن المنصرم، وتضخم بلغ اكثر من ١١% كأعلى تضخم في اوروبا، مع فارق ان بريطانيا تاتشر قادت التحول الى الليبرالية وتصفية القطاع العام وشبكات الامان الاجتماعي، وانتهت فورتها وتضربها الازمة اليوم وليس لديها ما تبيعة لترميم واحتواء العاصفة وليس في العالم واقتصاده فرص او من يتلقف بريطانيا في ازمتها لتعويمها وامريكا قررت ان تحول الحلفاء الى اجراء وبريطانيا ليست خارج الاستهداف.
على هذا تفهم الازمة السياسية غير المسبوقة في تاريخها فتنهار حكومات وتسمى رئيسة وزراء لا تبقى في القصر أسابيع وتستعير بريطانيا نموذج الافريقي المسلم الأسود في البيت الابيض فتلوذ بهندي لإدارتها ولن ينجح في انهاضها من كبوتها.
هزيمة أوكرانيا الجلية، وتراجع أمريكا، وعجز الاتحاد الأوروبي في مجاراة الأهداف الأمريكية في المسرح الأوكراني  وتفاقم الأزمات والانهيارات الاقتصادية في الاتحاد ودوله ستنعكس كلها في الرأس المدبر ورأس الحربة بريطانيا.
ولا يرى الباحثون والخبراء في مستقبل بريطانيا الا أزمة اقتصادية تعصف سياسيا وتطلق عملية إعادة هيكلتها اما بسقوط التاج الملكي، وتفكك المملكة والكومونولث الى أجزائها وهوياتها المؤسسة او قد تنتج جديدا في التشكيلات الاجتماعية بانقلابية على اضلنموذج الرأسمالي الذي اطلقته في ثورتها الصناعية، ودورها المالي والمصرفي وبات النموذج يعاني سكرات الموت، فتصير مرة ثانية منتجة لجديد في اليات تشكل المجتمعات والعلاقة بين الطبقات والشرائح بما هي تفاعل مع متغيرات وتحولات وسائل الانتاج والملكية والتوزيع. فالمعطيات التي تستوجب موت القديم وولادة جديد يتعامل ويعكس حقيقة العصر وحاجاته مع الثورة التقنية والذكاء الصناعي والشبكات وتلاصق العالم الافتراضي بالعالم الواقعي وتلك من علامات وحاجات تستدرج الولادة القيصرية للعالم الجديد من رحم العالم الانكلو ساكسوني المتراجع بتسارع.
( تشير أحدث الأرقام إلى أن التضخم وصل إلى أعلى مستوى له في 41 عاماً عند 11.1%، فيما منطقة اليورو كانت 10.6%. كذا ترفع معظم البنوك المركزية الرئيسية أسعار الفائدة من أجل مكافحة ضغوط التضخم العالمية.
أظهرت آخر إحصائيات المركز الوطني للإحصاء البريطاني (ONS)، أن مستوى إفلاس الشركات في بريطانيا قد بلغت مستوى قياسيا خلال الربع الثاني من سنة 2022 (من مارس/ آذار إلى يوليو/ تموز)، واقتربت من المستوى القياسي.
وحسب المصدر نفسه فإن عدد الشركات المفلسة ما بين مارس/ آذار إلى يوليو/ تموز قد بلغ 5629، بما يذكر بالانهيارات والافلاسات التي سبقت ازمة ٢٠٠٧العربي الجديد ــ لندن
20 نوفمبر 2022  “كئيب، حزين، مقلق”، أوصاف تُستخدَم لوصف الوضع الاقتصادي في المملكة المتحدة.
وقال كارستن برزيسكي، من ING للأبحاث في حديث مع صحيفة “ذا أوبسرفر” بعض البيانات تشير إلى أن المملكة المتحدة تواجه نظرة مستقبلية سيئة بشكل خاص، وفق تقرير نشرته “ذا غارديان)
فبريطانيا مؤسس العالم الانكلو ساكسوني خاسرة كثيرا وقد تخرج من دائرة الفعل والتأثير مالم تنقلب على نموذجها وتكون شريكا في انتاج النماذج البديلة، وبذلك تخسر ويريح العالم والشعوب التي انهكتها بريطانيا وعدوانيتها ونموذجها ومؤامراتها والتي خصصت العرب والمسلمين بأسوائها واكثرها تدميرا من سايكس بيكو الى وعد بفور والتعاقد مع الاسرتين الوهابية والسعودية، وحرب السويس والمشاركة الهجومية في العدوان على بغداد وكابول وفي سورية واليمن والعراق وليبيا.
بريطانيا خاسر كيفما ذهبت الامور وازماتها ستتفاقم بلا فرص للخروج منها، وامريكا تتصيد حلفائها وتسقطهم تحت عبوديتها لا ترحم ولا تكافئ، وروسيا وشعوب اسيا وافريقيا لها ثأرية عند بريطانيا، وتاريخها العدواني ٥والاستعماري.

يتبع ،،

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com