غادر كل الأجانب العالقين في السودان، بينما لا يزال هناك مئات اليمنيين عاجزون عن المغادرة، بسبب انصراف ” الحكومة “الموالية للتحالف عن معاناتهم رغم مضي أكثر من شهر على المواجهات في السودان.
وكشف تقرير جديد لـ” الجزيرة نت” أن هناك المئات من اليمنيين العالقين في مدينة بورتسودان، لم يلق (المجلس الرئاسي) التابع للتحالف لهم بالا، رغم مناشداتهم، بضرورة سرعة إجلائهم وإعادتهم لبلدهم وإنهاء معاناتهم.
المواطن اليمني عبده الصمدي، طالب الدكتوراة في الجيولوجيا الاقتصادية والتعدين، روى جانبا من قصته التي تعكس حالة المعاناة لليمنيين الذين باتوا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، بانتظار الفرج المرتقب، إذ يعاني حاليا من تورم في قدميه بسبب اضطراب في أملاح سوائل الجسم.
وقال الصمدي: إن اليمنيين استبشروا خيرا باستضافتهم في صالة أفراح كبيرة في بورتسودان، لكن الأيام مرت عليهم كئيبة وتحولت صالة الأفراح والأعراس التي يتكدس فيها اليمنيون منذ نحو شهر إلى سجن للأوجاع والمرض والانتظار القاتل.
وأضاف “كنا في الخرطوم في حالة خوف ورعب وسط روائح البارود وأزيز الرصاص وانفجارات القصف والمدافع، أما في بورتسودان فنعاني المرض والهم وبؤس الحال ونشعر بالإحباط والمرارة”.
وشهد الرابع من مايو الجاري وفاة المواطنة اليمنية وفاء محمد عبدالله، (41 عاما)، بعد 3 أيام قضتها في العناية المركزة في مستشفى عثمان دقنة في بورتسودان.
وكانت وفاء تعرضت لحادث مروري في طريق نزوحها وأسرتها من الخرطوم، أدى إلى وفاة طفلتها مرام ليث عبد الواحد ذات العشرة أعوام وإصابة طفليها مريم ومصطفى بجروح.
وفي 11 من هذا الشهر، توفيت امرأة كبيرة في السن تدعى سعدة الشميري عقب تدهور حالتها الصحية، ودفنت في مقبرة بورتسودان إلى جانب وفاء وابنتها.
وبحسب التقرير فإن عدد اليمنيين العالقين في السودان 50 ألفا وما زال معظمهم يمارس أعماله في عدد من ولايات السودان.
وأفاد تقرير لجنة الطوارئ الطبية الخاص بالعالقين اليمنيين بوفاة 3 يمنيات، اثنتان منهن بحادث سير، والثالثة نتيجة إصابة تفاقمت لسوء الأحوال الصحية وتأخر الإجلاء.
وأوضح التقرير إصابة 4 يمنيين عالقين بذبحات صدرية نتيجة جلطات قلبية، وإصابة شاب عشريني بنوبة نقص تروية عابرة في الدماغ، بينما تعرضت امرأتان للإجهاض جراء المعاناة.
وأشار التقرير إلى أن حالات الالتهابات المعدية المعوية التي تمت معاينتها خلال شهر تجاوزت 300 حالة، بينما بلغت حالات التهاب الجهاز التنفسي العلوي والسفلي 200 حالة.
وقال رئيس اتحاد طلاب اليمن في السودان عفيف البراشي إن عدد اليمنيين العالقين في بورتسودان حاليا يبلغ 1200 شخص، نصفهم طلاب جامعيون وطلاب دراسات عليا والنصف الآخر نساء وأطفال.
وفي حديثه للجزيرة نت، ذكر البراشي أن نحو 900 يمني تم إجلاؤهم في الأيام الماضية عبر السفن الحربية والمدنية السعودية إلى مدينة جدة، بينما أجلي 791 يمنيا إلى عدن وصنعاء عبر طيران اليمنية.
وأرجع تأخير إجلاء العالقين إلى تأخر حكومة العليمي في دفع التكاليف المالية لطيران اليمنية أو التعاقد مع طيران “تاركو” السوداني.
تقاعس المجلس الرئاسي
وكان تقرير صادر عن مركز المخا للدراسات الاستراتيجية قد اتهم (المجلس الرئاسي) التابع للتحالف، بتجاهل قضية إجلاء العالقين، الذين وقعوا هناك بين فكَّي كمَّاشة، مع استمرار القتال بين الأطراف السودانية المتنازعة، وبين بلدهم الموبوءة بالحرب منذ أكثر مِن ثمان سنوات، والعاجزة عن استقبالهم.
وأطلق العالقون اليمنيون في السودان نداء استغاثة للعالم الخارجي لإجلائهم إلى خارج السودان بشكل عاجل، جرَّاء الأزمة الإنسانية التي وقعوا فيها نتيجة الاقتتال الدامي بين الجيش السوداني وقوات التدخل السريع.
وقال التقرير “إن ما يسمى بالمجلس الرئاسي، تجاهل قضية إجلائهم مِن السودان”.