تحليل / وكالة الصحافة اليمنية //
تبرز معاهدات الحماية والدفاع والأمن، التي تقيمها الولايات المتحدة مع عدد من الدول كالسعودية والامارات وبقية دول الخليج، كمصدرٍ لتعويض الفارق الخرافي، ما بين زيادة الانفاق الحكومي الأمريكي وارتفاع سقف الدين العام في الميزانية الامريكية.
لا توجد أرقام معلنةٌ لما تدفعه دول الخليج للولايات المتحدة مقابل معاهدات الدفاع والأمن لكن المؤكد انها تمثل أرقام خرافية تتدفق دون حساب من تلك الممالك النفطية لتغذي الخزانة الامريكية.
في هذا السياق، تبرز تصريحات رسمية أطلقها الرئيس الامريكي السابق، دونالد ترامب، عام 2018 من العاصمة السعودية الرياض، قال فيها أن الولايات المتحدة “انفقت 7 تريليونات دولار خلال 18 عاما في الشرق الأوسط وعلى الدول الثرية في الخليج الدفع مقابل ذلك”.
يحتدم الخلاف حول العجز بالموازنة في واشنطن اليوم تحت قبة مجلس النواب بين الديمقراطيين الذين يطالبون برفع سقف الدين العام والجمهوريين الذين يصرون على تخفيض الانفاق الذي يعني تخلّف الحكومة الامريكية عن الوفاء بالكثير من التزاماتها في مجالات التعليم والصحة والتأمين.
يحمل العجز في الموازنة الامريكية “مسميات التفافية فضفاضة” كـ”أزمة الدين العام” و”ارتفاع فاتورة الانفاق” من الاحتياطي الفيدرالي.
لكن الحقيقة ان هذه المصطلحات ليست اكثر من تعبيرٍ عن مصطلح “العجز في الميزانية” الذي يستخدم في كل دول العالم والذي يعد مؤشراً رسمياً حول فشل الحكومات في الوفاء ببرامجها السياسية والاقتصادية.
بناءً على هذا التوصيف فإن الميزانيات السنوية للحكومات الامريكية المتعاقبة تحتاج لمصادر بديلة وعاجلة لتقليص العجز وسد الفجوة الناشئة عن زيادة الانفاق الحكومي المهول.
من هنا فإن مصطلح “المال المجاني” أو “المال السهل” بحسب معهد ميزيس” النمساوي للعلوم الاقتصادية يمثل الخيار الأمريكي الأمثل لتغطية وتعويض هذا العجز ذو الارقام الفلكية الحاصل في الموازنة السنوية للولايات المتحدة الذي وصل الى اقصاه في يناير 2023 بحوالي 31.4 تريليون دولار.
يتم تغطية جزء كبير من هذا العجز من خلال “المال المجاني” الذي تجنيه الولايات المتحدة من حلفاءها الأثرياء في دول العرب النفطية مقابل الحروب التي تدعي واشنطن انها تشنها بالنيابة عنهم في المنطقة.
الدفع المباشر ليس الحصيلة الكلية للفاتورة التي يدفعها الخليجيون لواشنطن فهناك تريليونات الدولارات التي تستثمرها الصناديق السيادية الخليجية في البنوك والبورصات الامريكية.
تتحول مئات المليارات من الأموال الخليجية لما يشبه الودائع في المصارف الامريكية والتي لا تستطيع الحكومات الخليجية استردادها وتتحول بحكم الأمر الواقع لاستثمارات تستفيد منها الحكومة الامريكية وان ظلت افتراضياً اموالاً خليجية.
سحب الأموال الخليجية لتمويل الحروب الأمريكية
على هذا الصعيد قالت، “صحيفة نيويورك تايمز” أن الديون الامريكية المتضخمة هي نتيجة خيارات اتخذها كلٌّ من الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء.
ووفقاً للصحيفة الامريكية “منذ عام 2000 اعتاد السياسيون من كلا الحزبين اقتراض الأموال لتمويل الحروب في الخارج”.
بدوره سلط معهد “ميزيس” الضوء، على ما قال انه مجموعة من الأكاذيب والمسرحيات التي تترافق مع بروز ما يعرف بأزمة سقف الدين الفيدرالي الوطني، في الولايات المتحدة.
حيث ذهب المعهد، الى أن أي تباطؤٍ في تدفق “الأموال المجانية” يوصف امريكياً بأنه “تخفيض” في الميزانية فيما هو في الحقيقة نقص في الزيادة المتصاعدة التي يستمر في طلبها الامريكيون.
مصطلح “الأموال المجانية” يشير بالضرورة إلى الأموال التي تدخل الخزينة الامريكية من غير مصادر الايراد الحكومي الامريكي.
بعبارة ادق يشير ذلك المصطلح الى مليارات الدولارات التي تجنيها الولايات المتحدة من معاهدات الدفاع والأمن الاستراتيجية وطويلة الأمد التي تبرمها مع الدول النفطية الغنية وعلى رأسها السعودية والامارات وبقية دول الخليج.
سعي الدوائر واللوبيات السياسية والاقتصادية في واشنطن، لإبراز أزمة سقف الدين العام الذي تمر به كل الحكومات الامريكية ديمقراطية كانت أو جمهورية، يسلط الضوء على البدائل السهلة والطرق القصيرة التي تستخدمها دوائر القرار الامريكي لتعويض العجز في ميزانياتها.
الخلاف حول سقف الديون لا يهم صانعي السياسات في واشنطن، ووفقاً للمعهد النمساوي فإن “هناك العديد من الخرافات الكبيرة التي يتحمس صناع السياسات في واشنطن لتكرارها على مسامع المواطنين الامريكيين حول هذا الأمر”.