مناورة “عزم النسر23” تكشف أبعاد العلاقات السعودية الأمريكية
تقرير / وكالة الصحافة اليمنية //
لا يزال من المبكر اعتبار أن السعودية تفكر في الخروج من تحت العباءة الامريكية على الرغم من بروز الكثير من التباينات بين الرياض وواشنطن خلال المرحلة الراهنة.
التقارب الايراني السعودي برعاية صينيةٍ يفسّر على انه رغبةٍ سعوديةٍ في تنويع مصادر الاستراتيجيا بالنسبة للمملكة. لكن الكثير من علامات الاستفهام تبقى حاضرةً وبقوة خصوصاً ان كل الحقائق في المنطقة تؤكد ان السعودية لا تزال ملتزمةً بكل قواعد اللعبة الامريكية.
على هذا الصعيد يأتي الإعلان المبهم عن انطلاق مناورات ”عزم النسر23” بين السعودية والولايات المتحدة ودولٍ خليجية لم يتم تسميتها ليضيف مزيداً من علامات الاستفهام التي يقرأها المحللون السياسيون على أنها تجديدٌ سعوديٌّ بالولاء لواشنطن.
التباين في الرؤى بين السعودية والولايات المتحدة لا يعني على الاطلاق ان السعوديين قرروا الخروج من بيت الطاعة الامريكي ولا ان الامريكيين لن يعيدوهم اليه ولو بالقوة ان لزم الأمر.
رفعت الولايات المتحدة العصا الغليظة في وجه السعوديين في مناسبات كثيرة لكن دوماً ما كانت العلاقة بين الحليفين ملتزمةٌ بخطوط رئيسية لا تتجاوزها.
الكونجرس الامريكي قال اكثر من مرة انه سيعيد تقييم علاقاته مع المملكة النفطية الغنية وان الرياض لم تعد تمثل أولوية للمصالح الامريكية.
بدوره ادعى الرئيس الامريكي في بداية حملته الانتخابية أنه سينهي دعم الولايات المتحدة للحرب السعودية على اليمن. وهدد في مناسبة اخرى بمعاقبة السعودية وجعل ”مملكة ابن سلمان منبوذة”. لكن شيئاً من ذلك لم يتحقق على أرض الواقع.
كل تلك التهديدات اثارت لاحقاً موجاتٍ من السخرية والغضب بسبب عودة واشنطن عن هذا التوجه وسعيها لإبقاء الرياض دوماً تحت المظلة الامريكية وذراعاً لها.
لطالما كانت العلاقة بين الرياض وواشنطن قائمة على سياسة ”العصا والجزرة” وغالباً ما كان “الابتزاز الممنهج” للسعوديين هو السياسة الأكثر بروزاً والذي اتبعته الإدارات الامريكية المتعاقبة في تعاملاتها مع الرياض.
يتعامل البيت الأبيض مع “محمد بن سلمان” كالولد الضال لذا فإن ما تدعيه السعودية من قدرتها على تنويع علاقاتها شرقاً وغرباً بعيداً عن الحضن الامريكي يظل مجرد ”مغامرات دعائية” غير مدروسة وغير مكتملة الاركان.
بالعودة للمناورات التي تم الحديث عنها على استحياء في الاعلام السعودي فإن اقامة هذه المناورات الامريكية على الاراضي السعودية، يؤكد ان الرياض لا تزال ملتزمة بمعاهدات الحماية مع واشنطن ما يعني بالضرورة تبعية القرار السعودي للبيت الأبيض.
اللافت هو عدم التغطية الاعلامية الواسعة لهذا الحدث على غير ما تجري العادة بالنسبة لأي مناورات يقودها الامريكيون في السعودية كما ان البيانين السعودي والامريكي كانت خالية من تسمية الدول الخليجية الأخرى التي شاركت في المناورة.
هذا التعتيم يضع علامة استفهام كبيرة على حقيقة الحماس السعودي والامريكي لهذه المناورات على حدٍّ سواء كما أنه يحصر الجدوى منها في حصاد كلفتها العالية والذي تبقى الرياض ملتزمة بتسديدها لواشنطن وتبعاً للفاتورة التي تقدمها القيادة العسكرية الامريكية في المنطقة.
”اوبك بلس” وأسواق النفط العالمية ليست الساحة الوحيدة التي يرى مراقبون ان السعودية تحاول من خلالها أن تلعب على الكثير من الخيوط لكن بالمقابل فإن الولايات المتحدة لا تزال تتعامل بثقةٍ فيما يخص ولاء حليفها الرئيسي في منطقة الخليج.
المؤشر الأكثر وضوحاً على بقاء السعودي ضمن دائرة التنفيذ للمخططات الامريكية في المنطقة هو التردد الذي تبديه الرياض تجاه تسريع مفاوضات انهاء الحرب في اليمن والتي تشير كل التقارير الى انها تلكأت فيه بتوجيهات امريكية.
بيان القيادة المركزية الامريكية بشأن هذه المناورات ذكر أنها تأتي في إطار ”عملية تحقيق الاستقرار الإقليمي” وقال أنها ”تأتي لتحسين قابلية تشغيل البنى الدفاعية في المملكة”.
هذه الاشارات في البيان العسكري الامريكي تأتي في سياق حالة التسخين المستمر التي تثيرها واشنطن في وجه السعوديين لتخويف المملكة من محيطها الاقليمي.